آخر الأخبار

هل ينجح "إعلان الدوحة" في إعادة تعريف التنمية الاجتماعية؟

شارك

الدوحة ـ في أجواء دولية مشحونة بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية والمناخية، افتتحت اليوم في الدوحة أعمال القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية بعد 3 عقود على مؤتمر كوبنهاغن التاريخي عام 1995.

وأجمع القادة والمسؤولون المشاركون على أن العالم يقف اليوم عند مفترق طرق يتطلب تجديد الالتزام الدولي بالعدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر وتعزيز الشمولية، وسط دعوات واضحة لترجمة التعهدات إلى خطوات ملموسة وعدم ترك ملايين البشر خلف الركب.

وشدد المتحدثون على أن "إعلان الدوحة السياسي"، المعتمد رسميا، يشكل منصة جديدة لدفع مسار التنمية الاجتماعية عالميا، وإطارا مشتركا يربط بين الأمن والكرامة الإنسانية والسلام المستدام.

وأكد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر ، أن استضافة الدوحة هذه القمة تأتي تعزيزا لروح التعاون الدولي ومواجهة التحديات التي تعيق النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية البشرية، مشيرا إلى أن هذه التحديات تهدد السلم الاجتماعي في العالم.

وقال إن قطر تنطلق في تنظيم هذا الحدث من إيمان راسخ بأهمية العمل الجماعي في قضايا يفترض ألا تكون محل خلاف، موضحا أن الدولة تواصل التزامها بدعم الجهود الرامية إلى القضاء على الفقر وتوسيع فرص العمل وضمان كرامة الإنسان وتحقيق الإدماج الاجتماعي.

وأضاف أمير دولة قطر أن التنمية الاجتماعية ليست خيارا بل ضرورة وجودية، لافتا إلى أن الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة تمثل فرصة لتجديد الالتزام بالعمل متعدد الأطراف وترسيخ قيمة التنمية الاجتماعية كشرط لتحقيق الأمن والازدهار للجميع.

وأشار إلى التقدم الذي أحرزته قطر وطنيا في مجالات التعليم والتمكين الاقتصادي والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، مستشهدا بإستراتيجية وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة (2025-2030) تحت شعار "من الرعاية إلى التمكين"، والتي ترتكز على العدالة وتكافؤ الفرص وبناء مجتمع متماسك.

مصدر الصورة سمو الأمير يدعو إلى الالتزام بالتعهدات الدولية المتعلقة بالفقر والمناخ واللجوء وحقوق الإنسان (الفرنسية)

وعلى الصعيد الدولي، أكد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن التحديات العابرة للحدود تتطلب تعاونا وتضامنا فعالين، مشددا على اعتزاز قطر بشراكتها الإستراتيجية مع الأمم المتحدة ودورها في دعم برامج التنمية عبر مؤسسات مثل صندوق قطر للتنمية وقطر الخيرية.

إعلان

وفي سياق متصل، دعا أمير قطر إلى الالتزام بالتعهدات الدولية المتعلقة بالفقر والمناخ واللجوء و حقوق الإنسان ، لافتا إلى ضرورة معالجة ثغرات تنفيذ إعلان كوبنهاغن والتركيز على الحلول المبتكرة والشراكات الفعالة لتحقيق أهداف خطة 2030.

وأكد الشيخ تميم أن إعلان الدوحة السياسي، المعتمد بعد مفاوضات مكثفة، يمثل وثيقة طموحة ستعزز رؤية أخلاقية وإنسانية واقتصادية للتنمية الاجتماعية، مشيدا بجهود مندوبي المغرب وبلجيكا في قيادة المفاوضات.

كما ربط أمير دولة قطر بين التنمية الاجتماعية والسلام، مؤكدا أنه لا يمكن إحراز تقدم اجتماعي في غياب الاستقرار، مشيرا إلى أن السلام العادل لا التسويات المؤقتة هو الأساس لأي نهضة بشرية.

وتوقف الشيخ تميم عند المعاناة الكارثية التي يواجهها الشعب الفلسطيني جراء العدوان الإسرائيلي، داعيا المجتمع الدولي إلى مضاعفة الجهود لتقديم الدعم وإعادة الإعمار وضمان الحقوق المشروعة للفلسطينيين.

كما أدان الفظائع المروعة التي ارتكبت في مدينة الفاشر بالسودان ، مجددا الدعوة لوقف الحرب والتوصل إلى حل سياسي يحفظ وحدة السودان وسلامة أراضيه.

مصدر الصورة أنالينا بيربوك: إعلان الدوحة يمثل خطوة حاسمة نحو تنمية اجتماعية شاملة (رويترز)

الدوحة الشوط الأخير

قالت رئيسة الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة أنالينا بيربوك ، إن اعتماد "إعلان الدوحة السياسي" يمثل خطوة حاسمة نحو تنمية اجتماعية شاملة لا يتخلف فيها أحد، مؤكدة أن الدوحة يجب أن تكون المرحلة الأخيرة لمسار بدأ قبل 30 عاما في كوبنهاغن.

وأشارت بيربوك في كلمتها في الجلسة الافتتاحية للقمة، إلى أن العقود الماضية شهدت تقدما كبيرا تمثل في انخفاض معدلات البطالة والفقر المدقع، لكنها شددت على أن النمو الاقتصادي "لم يكن كافيا لانتشال الجميع"، موضحة أن "800 مليون إنسان لا يزالون يعانون الفقر المدقع، ونصف الفتيات في بعض البلدان يحرمن من التعليم".

وأكدت أن الفجوات الاجتماعية بين الدول لا تزال صارخة، مشيرة إلى أن المرأة تكسب في المتوسط 78 سنتا مقابل كل دولار للرجل، وأن الشباب أكثر عرضة للبطالة ثلاث مرات.

ووصفت الأزمة المناخية بأنها الخطر الأكبر على التنمية الاجتماعية، مشيرة إلى أن الكوارث المناخية تؤدي إلى انهيار الخدمات الحيوية، وضربت مثالا بعاصفة "ميليسا" التي خلفت خسائر بملياري دولار في الكاريبي.

ودعت بيربوك إلى حلول مترابطة وشاملة، مؤكدة أن أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر متداخلة، والتقدم في أحدها يعزز الآخر، مشيرة إلى ضرورة إدراج قضايا المساواة والعمل اللائق والتعليم ضمن إطار واحد.

كما دعت إلى سد الفجوة التمويلية البالغة 4 تريليونات دولار لتحقيق أهداف التنمية، مؤكدة أن المشكلة ليست في نقص المال، بل في كيفية استثماره، مع ضرورة تخفيف الديون وتعزيز الابتكار.

مصدر الصورة غوتيريش: إعلان الدوحة السياسي يمثل دفعة قوية للتنمية وخطة شاملة من أجل الإنسان (الفرنسية)

دفعة قوية للتنمية

أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ، أن إعلان الدوحة السياسي يمثل دفعة قوية للتنمية وخطة شاملة من أجل الإنسان، مشيرا إلى أربعة مجالات رئيسية يجب العمل عليها:

إعلان

* مكافحة الفقر.
* تعزيز العمل اللائق.
* توفير التمويل.
* ضمان حقوق الإنسان.

وقال غوتيريش في كلمته في الجلسة الافتتاحية للقمة، إن انعقاد القمة يأتي في لحظة عالمية مضطربة تتسم بانقسامات وانعدام يقين ومعاناة إنسانية واسعة، لافتا إلى أن الملايين لا يزالون يعانون الجوع والبطالة، وأن الدول النامية لا تتلقى الدعم الكافي.

وأوضح أن خطة الدوحة من أجل الإنسان تركز على الاستثمار في النظم الصحية والغذائية والتعليمية والطاقة النظيفة والسكن وشبكات الحماية الاجتماعية، مشددا على ضرورة وجود بيانات موثوقة لقياس التقدم.

ودعا الأمين العام إلى تقديم خطط واضحة خلال مؤتمر المناخ (COP30) في البرازيل لخفض الانبعاثات، وتعبئة 1.3 تريليون دولار سنويا بحلول 2035 لتمويل العمل المناخي في الدول النامية، مع مضاعفة التمويل المخصص للتكيف.

كما شدد على أهمية تعزيز العمل اللائق، وتمكين انتقال العمال إلى الاقتصادات الخضراء والرقمية واقتصادات الرعاية، مع الاستثمار في المهارات والتدريب وسد الفجوة الرقمية.

وعن التمويل، دعا إلى زيادة قدرة مؤسسات التمويل متعددة الأطراف على الإقراض، وتخفيف أعباء الديون، وإصلاح الهيكل المالي العالمي ليعكس احتياجات الدول النامية.

وأكد غوتيريش، أن خطة التنمية يجب أن تعزز حقوق الإنسان والشمولية، محذرا من ترك النساء والأقليات واللاجئين وكبار السن وذوي الإعاقة خارج ركاب التنمية.

واختتم، إن القمة فرصة لإحياء الأمل بتحويل إعلان الدوحة إلى واقع بخطة جريئة من أجل الإنسان.

مصدر الصورة إعلان الدوحة يعكس تطلعات العالم نحو مستقبل يقوم على المساواة والكرامة (رويترز)

فقر مدقع

قال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة لوك بهادور ثابا، إن إعلان الدوحة يعكس تطلعات العالم نحو مستقبل يقوم على المساواة والكرامة، مؤكدا أن الإعلان جاء ثمرة مفاوضات دولية واسعة.

وأشار في كلمته في الجلسة الافتتاحية للقمة، إلى أن العالم شهد تقدما خلال العقود الثلاثة الماضية في الصحة والتعليم والاتصال، لكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة لا يزال بعيدا، إذ تحقق 5 أهداف فقط بنسبة 35%.

وقال إن أكثر من 800 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع، ومليارات على حافة الفقر، موضحا أن 80% من العاملين في أفريقيا و70% في آسيا يعانون من هشاشة العمل.

ولفت إلى أن الثروة العالمية تتركز في يد قلة، في حين يفتقر مليارا إنسان لشبكات الأمان الاجتماعي، وهو ما يقوض الثقة في المؤسسات ويجعل المجتمعات أكثر هشاشة.

وأكد ثابا أن المجلس سيواصل العمل مع منظومة الأمم المتحدة والدول الأعضاء لتحويل إعلان الدوحة إلى تقدم ملموس، مع التركيز على الدمج الرقمي، والصمود المناخي، وتعليم الشباب، والعمل اللائق.

وأشاد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي باستضافة قطر للقمة، مؤكدا أنها تبرز دورها الريادي شريكا أساسيا في دعم التنمية البشرية والعمل الإنساني.

وقال البديوي في كلمته في القمة، إن أهداف المؤتمر تتقاطع مع رؤية مجلس التعاون الرامية إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وتمكين الفئات المختلفة وتطوير الحماية الاجتماعية، مؤكدا دعم المجلس للجهود الدولية في هذا المجال وتوسيع الشراكات لتعزيز التنمية الشاملة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا