في جولة اليوم عبر الصحف العالمية، نتوقف عند مقالٍ بريطاني يرى أن وقف إطلاق النار في غزة "ليس حقيقياً، بل مجرد هدنة مؤقتة تسبق عودة الحرب"، وآخر من لندن يؤيد الإجراءات الحازمة التي اتخذها القصر الملكي بحق الأمير أندرو.
كما نطالع مقالاً أمريكياً يحذّر من أن اعتماد الطلاب المفرط على الذكاء الاصطناعي يهدد قدرتهم على التفكير المستقل ويقوّض جوهر العملية التعليمية.
البداية من صحيفة الغارديان البريطانية، إذ تقول الكاتبة سَنام وكيل إن الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على غزة، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من مئة شخص، تُظهر مدى هشاشة الترتيبات القائمة حالياً.
وتوضح في مقالها أن هذا ليس أول خرق منذ دخول اتفاق وقف النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول، "بل هو واحد من سلسلة انتهاكات متكررة أثبتت أنه من دون آليات إنفاذ قوية وتخطيط جاد، فإن هذا وقف إطلاق نار بالاسم فقط".
وتشير الكاتبة إلى أن إسرائيل تبرر تلك الانتهاكات بأنها تأتي ردّاً على "نيران أطلقتها حماس ضد قوات الجيش الإسرائيلي في رفح"، ما أدى إلى مقتل أحد جنود الاحتياط. لكن حماس نفت مسؤوليتها عن ذلك، لتردّ إسرائيل بشن ضربات إضافية على مدينة غزة وخان يونس.
وتقول وكيل إن "كل طرف يفسر الخروقات بما يخدم مصالحه"، ما يجعل من غموض الاتفاق أرضاً خصبة لسوء التقدير والمغامرة السياسية والعسكرية.
المشكلة الأساسية، بحسب الكاتبة، تكمن في أن الخطة المبرمة برعاية أمريكية "لا تزال غير مكتملة؛ فهي (الخطة) لا تقدم جدولاً زمنياً واضحاً، ولا آلية للتحقق أو وسائل تنفيذ موثوقة".
كما تبيّن وكيل أن تفاصيل المرحلة الثانية من الخطة لا تزال غامضة ولم يتم التوافق عليها.
وتضيف أن غياب التسلسل الزمني والرقابة الدولية قد يجعل من هذه الخطة عاملاً لترسيخ عدم الاستقرار بدلاً من حله.
على الصعيد الإنساني، تشرح الكاتبة أن السكان الذين أنهكتهم سنتان من الحرب يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء والمياه والدواء، بينما تخضع قوافل المساعدات لـ"مساومات سياسية وتعطيل متكرر".
ولا تقتصر حالة العنف – كما تقول وكيل – على غزة وحدها، بل تمتد إلى الضفة الغربية، وتوضح أن هذا "التصعيد الموازي، الذي يغذيه أو يتغاضى عنه اليمين الإسرائيلي الحاكم، يُبرز ضيق أفق وقف إطلاق النار الحالي، ويكشف مدى سهولة عودة الصراع للاتساع".
أما عن الدور الأمريكي، فتشير الكاتبة إلى أن إدارة ترامب سعت للحفاظ على الهدنة من خلال زيارات رفيعة المستوى، وأنها "رغم رمزيتها الإيجابية، غير كافية لمنع عودة دوامة الصراع"، إذ تظل التصريحات الأمريكية "تحث على ضبط النفس دون أن توفر أي آليات للمساءلة".
كما تتحدث عن تراجع في تأثير مصر وقطر في الوساطة وسط حالة الغموض الراهنة.
وتخلص الكاتبة إلى أن ما يجري اليوم "ليس خطة سلام حقيقية، بل نمط مؤقت من الانتظار، يستعد خلاله الطرفان للمواجهة المقبلة".
وتؤكد أن العيوب الجوهرية في خطة ترامب واضحة، فهي "تعالج الأعراض دون معالجة الجذور"، فغزة ما زالت منقسمة سياسياً ومدمَّرة اقتصادياً ومجتمعياً.
أما إسرائيل، فترى في الهدنة "توقفاً تكتيكياً لا أكثر، لا يمثل أي تغيير استراتيجي في سياستها العسكرية".
يقول الكاتب ألكسندر لارمان في مقاله على التلغراف البريطانية إن ما كان يبدو قبل أيام أمراً غير قابل للتصور قد حدث بالفعل؛ فبعد نحو أسبوعين من التكهنات حول الأمير أندرو – أو كما يجب أن يُدعى الآن أندرو ماونتباتن وندسور – أعلن القصر الملكي أن الملك قرر طرده من مقر إقامته في "رويال لودج" في وندسور، وسحب جميع ألقابه الملكية بما في ذلك لقبه كأمير.
ويضيف لارمان أن أندرو كان منذ فترة طويلة بمثابة "شخص غير مرغوب فيه" داخل العائلة المالكة، إلا أن ما حدث الآن يمثل، بحسب وصفه، "الضربة القاضية النهائية"، و"مستوى من الإذلال لم تشهده أي شخصية ملكية في الذاكرة الحديثة".
ويرى الكاتب أن ما حدث ليس مجرد واقعة عائلية، بل "حدث تاريخي سيُذكر طويلاً"، كما أنه رد متأخر لكنه ضروري على تهديد وجودي خطير للملكية البريطانية.
ويشرح لارمان أن البيان الصادر عن قصر باكنغهام كان قصيراً لكنه بالغ القسوة، وأن البيان، بما حمله من لغة قانونية صارمة، "كشف عن القطيعة الكاملة بين الملك وشقيقه".
ويضيف أن "الضحايا الحقيقيين هم فيرجينيا جوفري وكل من وقعوا ضحايا لجيفري إبستين، وليس الأمير السابق الذي عاش لسنوات وهو يعتقد أن نسبه الملكي يضعه فوق أي محاسبة".
ويضيف الكاتب ساخراً: "لكن الكارما تطال الجميع، وقد وصلت هذه المرة بقسوة إلى رَندي أندي، الأمير المستهتر الذي أصبح الآن مجرد السيد أندرو وندسور".
ويعتقد لارمان أن أندرو سيُمنح على الأرجح "ملكية صغيرة في ضيعة ساندرينغهام"، تمولها خصوصاً العائلة المالكة، "في تلميح واضح إلى أنه أصبح يعيش على عطايا شقيقه لا أكثر".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن أندرو، رغم أنه لن يصبح بلا مأوى، إلا أن سقوطه الكامل بات حقيقة. ويضيف أن هذه النهاية "مستحقة منذ سنوات"، مشيراً إلى أن الكثيرين في بريطانيا تنفسوا الصعداء قائلين: "وأخيراً، وداعاً غير مأسوف عليه". ويؤكد: "العدالة قد تحققت أخيراً، ولو متأخرة".
في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، توضح أناستاسيا بيرغ، أستاذة الفلسفة بجامعة كاليفورنيا، أنها اكتشفت في الفصل الماضي أن أكثر من نصف طلابها استخدموا أدوات الذكاء الاصطناعي لكتابة امتحاناتهم النهائية، رغم تحذيراتها الصريحة.
وتقول إن التجربة جعلتها تشعر بـ"رعب يصعب وصفه"، قبل أن تصوغ زميلةٌ لها المشكلة بدقةٍ بعبارة: "طلابنا على وشك أن يصبحوا دون قدرة على التفكير".
وترى بيرغ أن الخطر لا يقتصر على فقدان المهارات الأكاديمية، بل يمتد إلى تآكل القدرات الذهنية الأساسية. فاعتماد الطلاب على أدوات الذكاء الاصطناعي يحرمهم من فرص تطوير لغتهم، وبالتالي من بناء قدرتهم على الفهم والحكم والتفكير النقدي.
وتؤكد أن "اللغة ليست مهارة مثل غيرها، بل هي الأداة التي نفكر من خلالها"، وأن الإنسان "لا يُولد بلغته بل يكتسبها عبر تفاعل حي مع الآخرين"، وهو ما لا يمكن أن توفره الآلات.
وتشير الكاتبة إلى أن بعض الأساتذة يميزون بين الاستخدام "غير المشروع" للذكاء الاصطناعي (كتابة نصوص كاملة) والاستخدام "البريء" كالتلخيص أو المساعدة في الأفكار، لكنها تحذّر من أن هذه الوظائف البسيطة هي الأخطر على عقول الناشئة لأنها تفرّغ عملية الفهم من مضمونها.
وتحذّر بيرغ من أن جيلاً لا يطوّر هذه القدرات "لن يستطيع فهم الأخبار أو الوثائق الطبية أو الحجج السياسية"، وسيفقد بالتدريج قدرته على المشاركة الواعية في الديمقراطية.
وفي ختام مقالها، تنتقد الكاتبة الأصوات التي ترى أن تعليم القراءة والكتابة لم يعد ضرورياً في عصر الذكاء الاصطناعي، مؤكدة أن مهمة التعليم العالي هي تكوين عقول ناضجة قادرة على التفكير الذاتي، وأن تحقيق ذلك "لا يتطلب موارد جديدة، بل إرادة حقيقية من المعلمين".
 المصدر:
        
             بي بي سي
    
    
        المصدر:
        
             بي بي سي
        
    
 مصدر الصورة
 
  مصدر الصورة 
  مصدر الصورة
 
  مصدر الصورة 
  مصدر الصورة
 
  مصدر الصورة