إلغاء قانون الحجاب الإلزامي ومبقاش فيه عقوبات مالية أو سجن لمخالفة قلع الحجاب، إلغاء شرطة الآداب العامة من تواجدها بالشارع الإيراني
التحية لروح مهسا اللي ضحت بحياتها علشان قررت تتمرد ع خلع الحجاب ف الشارع من 3 سنوات وكانت سبب ف انتفاضة النساء ضد الحجاب الإجباري وشرطة الأخلاق pic.twitter.com/KUEx6wBfDJ
— eyad.gevara (@EYAD_ATIA55) October 8, 2025
طهران- على النقيض من الشعارات التي رفعها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إبان حملته الانتخابية عن الحريات العامة ورفضه استخدام "الإكراه من أجل فرض القيم الدينية"، أعاد إعلان "هيئة الأمر بالمعروف والنهي" عن المنكر تشكيل "غرفة وضعية العفاف والحجاب" الجدل في السياسات الرسمية عن الحجاب إلى الواجهة من جديد.
فقد أعلن أمين سر الهيئة بالعاصمة، روح الله مومن نسب، تنظيم 80 ألف "آمر بالمعروف" وأكثر من أربعة آلاف و500 مدرب وضابط قضائي لتنفيذ "قانون الحجاب والعفاف"، كان قد أقره البرلمان سابقا، مؤكدا أن هذه العناصر "يمكن أن تُحدث تحولا كبيرا في محافظة طهران ".
وأثار هذا القرار موجة من التساؤلات عن جدوى المشروع ومصادر تمويله، في وقت تعاني فيه البلاد من ضغوط اقتصادية شديدة، ومخاوف من عودة ما يُعرف في المجتمع الإيراني بـ"شرطة الأخلاق وكاميرات ذوي الملابس المدنية" وما يصاحبها من مواجهات في الشارع، نظرا لأنها سبق وأن أدت في بعض الأحيان إلى احتجاجات شعبية عارمة.
ويحذر مراقبون من أن "أي إجراء متشدد في هذا التوقيت الدقيق، قد يشكل وقودا لتوترات اجتماعية سبق وحذرت الأوساط الأمنية من أن العدو يعمل على إثارة الفتن الداخلية لتحقيق أهداف أخفق في تحقيقها بالقوة".
ولطالما ارتبط اسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمشاريع وأفكار مثيرة للجدل لدى المجتمع الإيراني؛ منها "عيادات معالجة عدم ارتداء الحجاب"، و"مشروع حراس الحجاب"، وكشف الإعلان الأخير عن تمايز واضح في المواقف داخل مؤسسات النظام.
وعلّقت الناطقة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني، على القضية، "بالتأكيد لا يمكننا بالقوة إعادة الحجاب إلى الإيرانيات، كما لم يتمكن أحد من نزعه بالقوة"، مؤكدة في مؤتمرها الصحفي الأسبوعي، أن الحكومة "لم تخصص أي ميزانية لأعمال استثنائية مثل هذه"، في خطوة يلمس فيها مراقبون تحفظ الحكومة على سياسات الهيئة وتشددها.
في السياق، كتبت صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية، أنه "على الرغم من أننا لدينا ثقة كافية في سياسة الحكومة بشأن حجاب النساء -ونستذكر رفض الرئيس بزشكيان تنفيذ قانون الحجاب والعفة- لكن عدم موافقتها على هذه السياسة أو امتناعها عن تمويلها لا يعفيها من المسؤولية"، مستخدمة تشبيها لافتا بأن "النظام كالسفينة يجب أن تحكمه قيادة منسقة".
وسلطت الصحيفة الضوء على مفارقة تاريخية بأن "دوريات شرطة الأخلاق تبحث عن حجاب لن تصل إليه أبدا، بعد أن أصبح حجاب مهسا أميني الشابة، التي توفيت عام 2022 أثناء توقيفها من شرطة الأخلاق بزعم ارتدائها لباسا غير محتشم، حلما صعب المنال اليوم لأصحاب هذه الدوريات".
واختتمت "إن العناد السياسي لا يحل أي أزمة بل يفاقمها"، محذّرة من أن "إنكار التغيير ومقاومة الإرادة العامة لا يؤديان إلا إلى الهزيمة والاستسلام"، في إشارة واضحة إلى ضرورة مراجعة السياسات الحالية.
يأتي الإعلان عن المشروع الجديد في توقيت بالغ الحساسية، إذ لا تزال البلاد تعاني تداعيات حرب يونيو/حزيران الماضي، وسبق أن تناولت الصحافة الفارسية خبرا مفاده، أن المجلس الأعلى للأمن القومي كان قد أوقف تنفيذ "قانون العفاف والحجاب" إثر تأكيد الحكومة عزمها عدم تنفيذه، مما يفتح الباب أمام أزمة دستورية إذ لا يحق لأي مؤسسة منع تنفيذ قانون صادر عن البرلمان.
وبرز داخل المؤسسة الدينية خطابان متباينان بين تأكيد على إلزامية الحجاب وتحفظ على أساليب الإجبار؛ إذ تعتقد الشريحة الأولى أنه لا أحد خارج دائرة المسؤولية في هذا الملف، في حين يرفع الطيف الآخر شعارا مفاده مع الحجاب، لكن ضد الإجبار في فرض ارتدائه.
من جانبه، أكد آية الله عباس الكعبي، العضو البارز ب مجلس خبراء القيادة ، أن النظام الإيراني قادر على إدارة قضية الحجاب والعفاف بحوكمة ذكية ومشاركة وطنية، محذرا -في تصريحات صحفية- الحكومة من التخلي عن مسؤولياتها، "الحكومة لا تستطيع أن تعلن عدم اكتراثها بالحجاب".
من جهة أخرى، عبّر آية الله مسعودي خميني، عضو جمعية المدرسين في الحوزة الدينية بمدينة قم ، عن موقف مغاير، "أنا شخصيا أعارض بشدة أي نوع من الإجبار بأن نذهب ونضرب من أجل فرض الحجاب".
ويرى مراقبون في طهران، أنه رغم تأكيد مسعودي على أن "الحجاب من المسائل الواجبة في الإسلام"، إلا أن تصريحاته تشير إلى وجود تيار داخل المؤسسة الدينية يرفض الأساليب القسرية في تنفيذ سياساته.
ومع عودة عناصر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى الشوارع، شهدت الساحة الإيرانية تفاعلا لافتا، إذ علّق الأكاديمي والناشط السياسي صادق زيباكلام بسخرية لاذعة "اليوم، لا يُنسى من حيث تقدم المرأة في اليابان و إيران ".
وأشار في منشور على منصة إكس إلى تعيين أول امرأة رئيسة للوزراء في اليابان، بينما تشهد طهران "بدء عمل دوريات الحجاب رسميا للسيطرة على حجاب السيدات".
كما وجّه النائب السابق علي مطهري دعوة غير مباشرة إلى الهيئة، مقترحا في منشور على منصة "إكس" أن "تبدأ بإرسال عناصرها المدربة إلى المخابز لفحص الغش في الوزن، وإلى محطات الوقود لفحص غش الأوكتان، وإلى المتاجر للكشف عن الغلاء".
من جهتها، حذرت عالمة الاجتماع عالية شكر بيكي، من العواقب الوخيمة لعودة هذه السياسات، موضّحة أن "الملابس التي كانت ترتديها مهسا أميني لحظة اعتقالها كانت أكثر احتشاما من ملابس بنات بعض المسؤولين".
ولفتت، في مقابلة لوكالة أنباء إيلنا، إلى أن "التركيز على الحجاب في ظل الأزمات المعيشية محاولة لصرف الانتباه عن الغلاء الفاحش"، محذرة من أن "الضغوط الثقافية قد تؤدي إلى انهيار اجتماعي وسياسي".
وفي الإطار السياسي، هاجمت آذر منصوري رئيسة جبهة الإصلاحات، سياسات الحجاب الحالية، وطالبت هيئة الأمر بالمعروف بـ"تقديم تقرير شامل عن أدائها وميزانياتها ونتائج سياستها السابقة قبل أي إجراء جديد"، معتبرة أن "تشكيل مؤسسات جديدة هو استمرار لسياسات غير فعالة تزيد من الفجوة الاجتماعية وعدم الثقة".
وبينما تُظهر هذه التطورات عمق الانقسام داخل المؤسسات الإيرانية عن كيفية التعامل مع قضية الحجاب؛ بين توجه ديني وتحفظ أمني ورفض حكومي، يبقى السؤال: أي من هذه المؤسسات سينجح في فرض رؤيته في ملف يشكل اختبارا حقيقيا لموازين القوى داخل النظام الإيراني؟ في وقت لم يعد فيه الوضع الحالي للحجاب "مرضيا" بالنسبة للشريحة المتدينة.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة