في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
قال السفير الإسرائيلي السابق في الولايات المتحدة والمؤرخ مايكل أورين إن الوضع الحالي في قطاع غزة ، رغم تعقيداته الأمنية والسياسية، قد يشكل حالة مثالية لإسرائيل على المدى الطويل، شبيهة بالمرحلة الثانية من اتفاقيات أوسلو في التسعينيات، حين توقفت العملية السياسية عمليا عند مرحلة انتقالية تحولت إلى واقع دائم يخدم مصالح إسرائيل.
وفي مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، أوضح أورين أن الخطة التي يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة، والمكونة من 20 بندا، دخلت ما يشبه مرحلتها الثانية، حيث تسيطر حركة حماس على "جزء صغير نسبيا" من القطاع، في حين تظل معظم مناطق غزة (53%) تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة أو غير المباشرة.
ويشير أورين إلى أنه رغم تعهدات ترامب المتكررة بنزع سلاح حماس، فإن طرقه للقيام بذلك لا تزال غير واضحة، كما يرى أن إسرائيل لا تملك القدرة أو الرغبة في شن عملية عسكرية كبرى جديدة داخل المناطق المكتظة بالسكان، كما أن القوات الأميركية لن تتدخل ميدانيا.
ونتيجة لذلك، قد يصبح الوضع الراهن في شمال غزة دائما، أي أن إسرائيل تسيطر على معظم القطاع بينما تبقى حماس محصورة في جيوب محدودة.
وأضاف السفير الإسرائيلي السابق أن هذا الواقع، على غرار المرحلة الثانية من اتفاق أوسلو ، قد يكون مفيدا لإسرائيل أكثر مما يبدو ظاهريا. فوجود كيان فلسطيني مسلح وغير معترف به في جزء صغير من غزة، يمنع -حسب رأيه- أي تقدم سياسي نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما يعارضه معظم الإسرائيليين.
وفي المرحلة الانتقالية من اتفاق أوسلو في عام 1993، كانت السلطة الفلسطينية تتمتع بالسيطرة السياسية والعسكرية على المنطقة (أ) في الضفة الغربية والتي تشمل المدن الرئيسية، وسيطرة سياسية فقط على المنطقة (ب) التي تشمل البلدات والقرى، فيما ظل الجزء الأكبر من الضفة، وهو المنطقة (ج)، تحت السيطرة الإسرائيلية.
ونظرا لتعنت إسرائيل في المفاوضات، فقد فشلت عملية الانتقال للمرحلة النهائية وظلت هذه المنطقة تحت سيطرتها، مما جعل المرحلة الانتقالية هي المرحلة الأخيرة من اتفاق أوسلو، ومنع قيام دولة فلسطينية.
وأوضح أورين أن استمرار حماس في الاحتفاظ بسلاحها سيجعل أي استثمار دولي في إعادة إعمار المناطق التي تسيطر عليها أمرا غير ممكن، "فلا قطر ولا أي دولة أخرى ستخاطر بإرسال أموالها إلى منطقة خاضعة لمنظمة مصنفة إرهابية"، على حد قوله.
وفي المقابل، يرى أورين أن إسرائيل تستطيع إعادة إعمار نحو 53% من القطاع -وهي المناطق التي استولى عليها الجيش الإسرائيلي – بسرعة كبيرة، ما سيؤدي إلى تحسين حياة الفلسطينيين في تلك المناطق، وخلق "مقارنة مؤلمة" مع الوضع المأساوي في مناطق حماس.
ويعتقد أورين أن هذا التباين سيزيد من الضغط الداخلي على حماس ويفاقم حالة السخط الشعبي ضدها، الأمر الذي قد يضعف قبضتها تدريجيا دون الحاجة إلى حرب جديدة.
وفي الجانب السياسي والعسكري، دعا أورين الحكومة الإسرائيلية إلى التحرك المنسق مع الإدارة الأميركية لفرض واقع جديد في غزة من خلال مجموعة من الإجراءات، من بينها:
وفي ختام مقاله، شدد أورين على ضرورة أن تبدأ إسرائيل في التخطيط للوضع الراهن كخيار إستراتيجي طويل الأمد، لا كمرحلة مؤقتة.
وقال "إذا لم يكن بالإمكان جعل غزة جارة مزدهرة وسلمية بالكامل، فقد تكون المرحلة الثانية المطوّلة -حيث تبقى السيطرة الإسرائيلية على معظم القطاع وتُحاصر حماس في جزء صغير منه- النتيجة المثلى بالنسبة لإسرائيل."
ويعكس المقال مخاوف إسرائيلية من عدم التمكن من نزع سلاح حماس مع تثبيت وجودها، كما يعكس اتجاها متزايدا داخل المؤسسة الإسرائيلية يدعو إلى تثبيت الانقسام الداخلي الفلسطيني واعتبار استمرار الوضع الراهن في غزة أحد أشكال "الاستقرار المفيد"، بدلا من السعي إلى تسوية سياسية شاملة قد تفضي إلى قيام دولة فلسطينية.