آخر الأخبار

ماذا ستفعل إسرائيل بسفن أسطولي الصمود والحرية المصادرة؟

شارك

القدس المحتلة- تتداول المحكمة المركزية في حيفا ، بصفتها محكمة بحرية، طلبا قدمته النيابة العامة الإسرائيلية يقضي بمصادرة سفن أسطول الحرية ، وفي مقدمتها سفينة " مادلين " التي اعترضها جيش الاحتلال في يونيو/حزيران الماضي أثناء توجهها إلى قطاع غزة .

وتطالب النيابة بمصادرة السفينة "بشكل دائم لصالح خزينة الدولة"، بدعوى محاولتها "انتهاك الحصار البحري القانوني المفروض على غزة"، وهي الذريعة ذاتها التي تروّجها سلطات الاحتلال لتبرير نيتها مصادرة سفن أسطول الصمود العالمي الذي اعترضته البحرية الإسرائيلية مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وكان الأسطول قد أعلن في الثاني من الشهر نفسه أن القوات الإسرائيلية سيطرت على جميع سفنه، وعددها 42، بعد اعتراض آخِرها التي كانت في طريقها لكسر الحصار البحري عن القطاع.

وضم الأسطول قوارب تحمل مساعدات إنسانية بقيمة عشرات آلاف الدولارات، من بينها أدوية ومعدات تنفس ومستلزمات طبية وغذائية مخصصة لمستشفيات غزة.

انتهاك للقانون الدولي

وتم احتجاز نحو 462 متضامنا من 47 دولة في المياه الدولية، بينما تم تحويل السفن إلى ميناء أسدود الإسرائيلي.

وأفاد ناشطون محتجزون بتعرّضهم لإساءات جسدية ونفسية على يد قوات الاحتلال، بما في ذلك التجريد من الملابس وتقييد الأيدي، في حين أشارت تقارير إلى نية تل أبيب إتلاف أو إغراق السفن المصادرة.

ووصفت منظمة تحالف أسطول الحرية الهجوم بأنه "اعتداء غير قانوني على نشطاء إنسانيين عزل"، بينما أكد مركز "عدالة" الحقوقي في الداخل الفلسطيني أن اعتراض السفن في المياه الدولية واحتجاز ركابها يشكلان انتهاكا صارخا للقانون الدولي البحري والإنساني، الذي يضمن حرية الملاحة ويمنع استخدام القوة ضد المدنيين.

وتتابع مؤسسات حقوقية، بينها مركز عدالة، الملف القانوني للسفن أمام القضاء الإسرائيلي، مؤكدة أن أي قرار بمصادرتها يعد باطلا قانونيا، باعتبار أن الحصار البحري المفروض على غزة نفسه غير مشروع، وأن القوارب كانت في مهمة إنسانية بحتة لإيصال المساعدات إلى منطقة تعاني من مجاعة وانهيار شامل للبنية التحتية.

إعلان

ويبقى مصير هذه السفن رهن القرارات القضائية الإسرائيلية، في وقت يحذر فيه الحقوقيون والمنظمات الدولية من أن أي مصادرة أو إغراق لها سيشكل سابقة خطيرة تمس جوهر القانون الدولي وحق الشعوب في الإغاثة الإنسانية.

من جانبها، قالت المديرة القانونية لمركز عدالة، سهاد بشارة، إن المؤسسة تتعامل حاليا مع طلب تقدمت به النيابة العامة الإسرائيلية إلى المحكمة المركزية لمصادرة سفينتي " حنظلة " ومادلين اللتين كانتا ضمن أسطول الحرية، وأضافت للجزيرة نت أنهم يتوقعون أن تتبع النيابة الإسرائيلية المسار نفسه فيما يتعلق بسفن أسطول الصمود عبر تقديم طلب جديد للمحكمة لمصادرتها.

وأوضحت أن موقف المركز القانوني المقدم للمحكمة يطعن في مشروعية هذه المصادرة، وأن منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة يشكل إجراءً غير قانوني وفق القانون الدولي، في ظل الأوضاع الكارثية التي يعيشها القطاع من دمار واسع، ومجاعة شبه كاملة، وانهيار للبنية التحتية والمنظومة الصحية.

تبرير إسرائيل

وأكدت سهاد أن السفن تحمل مساعدات إنسانية بحتة ولا يوجد أي خلاف حول طبيعتها أو أهدافها، وأن الحصار البحري المفروض على غزة "غير قانوني بموجب القانون الدولي"، وتأثيره المأساوي على السكان المدنيين يجعل استمراره مخالفا لكل المعايير الإنسانية.

ووفقا لها، فإن أي حصار بحري لا يسري على القوارب التي تبحر في مهام إنسانية، ومصادرة هذه السفن تمثل مساسا غير مبرر بحق الملكية وبالحق الإنساني في الحصول على المساعدات، متوقعة أن تصدر المحكمة قرارها بشأن الطلب خلال الأشهر القليلة المقبلة.

في الجانب الإسرائيلي، قال مراسل الشؤون القضائية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ليور الحاي، إن تل أبيب تسعى إلى الاستيلاء الدائم على الأساطيل المتجهة إلى غزة، في خطوة تأتي ضمن مسار قانوني تتبعه سلطات الاحتلال لتبرير اعتراض السفن التي تحاول كسر الحصار البحري المفروض على القطاع.

وأوضح أن المدعي العام لمنطقة حيفا تقدم بطلب رسمي إلى المحكمة الإسرائيلية لمصادرة سفينة مادلين نهائيا، مستندا في ذلك إلى ما وصفه بـ"القانون الدولي"، الذي يمنح -بحسب زعمه- الدول الحق في مصادرة السفن التي تحاول انتهاك حصار بحري مفروض وفق القواعد الدولية.

ورأى أن المحكمة تملك الصلاحية القانونية لإصدار أمر بمصادرة أي سفينة يثبت أنها حاولت تجاوز الحصار، وأن القانون الدولي يتيح للدولة المعنية تفتيش السفن ومصادرتها في حال ثبتت محاولتها خرق الحصار.

هذه التبريرات تأتي في وقت تصف فيه منظمات حقوقية دولية الحصار البحري الإسرائيلي على غزة بأنه غير قانوني وغير إنساني، وأن اعتراض السفن الإنسانية يشكل انتهاكا صريحا ل لقانون الدولي الإنساني ولقواعد حرية الملاحة في المياه الدولية.



مشاكل

تسعى إسرائيل إلى تبني لوائح جديدة تتيح لها مصادرة السفن دون الحاجة إلى دفع رأس مال أو تحمل تكاليف باهظة ناتجة عن احتجازها في الموانئ لفترات طويلة، وفق ما أفادت به صحيفة هآرتس.

إعلان

وفق هذه اللوائح، ستستغرق عملية المصادرة بأكملها مدة لا تزيد على 180 يوما، مع تعليق إشعار نية المصادرة على صاري السفينة، وإمكانية إرسال الإشعار عبر البريد الإلكتروني إذا تعذر تحديد مكان مالكيها. ويمنح المالكون 30 يوما للاعتراض، وتعقد جلسة الاستماع القانونية في يوم واحد.

لكن المحامي المتخصص في القانون البحري يوآف هاريس يرى أن هذه الإجراءات لن تحل جذريا مشاكل الجيش الإسرائيلي في الاحتفاظ بالسفن، معتبرا أن المهلة الطويلة والإجراءات التالية، مثل المزادات وتحويل الأموال إلى خزينة الدولة، لا تزال معقدة ومكلفة.

وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة حكومية لتسريع الإجراءات القانونية وتجنب النفقات الكبيرة المترتبة على بقاء السفن المحتجزة، خاصة أن اللوائح المعتمدة تعود جذورها إلى فترة الانتداب البريطاني، لكنها استخدمت فعليا لأول مرة عام 2013 ضد سفينة "إيستيل" التي أبحرت من فنلندا إلى غزة محملة بأكياس الإسمنت وألعاب الأطفال.



واعترضت البحرية الإسرائيلية السفينة آنذاك وطردت طاقمها ونقلت حمولتها إلى السلطة الفلسطينية ، في حين انتهت مفاوضات الإفراج عنها بالفشل، ما دفع الدولة للجوء إلى المحكمة المركزية في حيفا لاستصدار قرار بمصادرتها.

وتشير مراجعات قانونية إلى أن إسرائيل، بحسب الموقع الإلكتروني "شومريم"، تعلمت لاحقا تسريع تقديم الطلبات القضائية، ما سمح بمصادرة السفن وبيعها وتحويل عائداتها إلى خزينة الدولة، غير أن العملية لا تزال تواجه عقبات، أبرزها صعوبة تحديد هوية المالكين الشرعيين لتلك السفن.

وتكشف مذكرات وزارة القضاء الإسرائيلية أن الأساطيل المتجهة إلى غزة فرضت على الجيش عبئا إضافيا من حيث الموارد المطلوبة لصيانة السفن المحتجزة وتأمين أماكن رسوها، إلى جانب التحديات الدبلوماسية والعسكرية المرافقة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا