آخر الأخبار

نتنياهو يستغل وقف الحرب “لإعادة التموضع” وتثبيت قيادته

شارك





القدس المحتلة- في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) وخطة تبادل الأسرى، دخل المشهد السياسي الإسرائيلي مرحلة جديدة من الترقب والاهتزاز، وسط مؤشرات على تحولات داخل معسكر اليمين وتراجع قوة بعض الأحزاب الدينية والقومية المتشددة.

وأظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة "معاريف"، أمس الجمعة، أن حزب " الليكود " برئاسة بنيامين نتنياهو -المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة – استعاد بعضا من قوته الانتخابية، في حين تراجعت أحزاب أخرى في الائتلاف، أبرزها "عظمة يهودية" برئاسة إيتمار بن غفير ، وحزب نفتالي بينيت .

وبحسب نتائج الاستطلاع، لو جرت انتخابات مبكرة للكنيست اليوم، سيحصل الليكود على 27 مقعدا، بزيادة مقعدين عن الاستطلاع السابق، في حين يحصل حزب بينيت على 19 مقعدا، وهو أدنى تمثيل له منذ دخوله حلبة المنافسة في أغسطس/آب من العام الماضي.

أما حزب " عظمة يهودية " فتراجع إلى 6 مقاعد، في حين حصل حزب " هناك مستقبل " برئاسة يائير لبيد على 10 مقاعد بعد أن ارتفع بـ3 مقاعد مقارنة بالاستطلاع الأخير، وهو ما عزته الصحيفة إلى موقف لبيد المؤيد لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

تراجع ملحوظ

ووفق التقديرات، فإن التراجع في قوة حزب بينيت يعود إلى تردده في إعلان موقف واضح من الاتفاق مع حماس، مما أضعف موقعه في الشارع اليميني، في حين لم يتمكن حزبا "أزرق أبيض" برئاسة بيني غانتس و" الصهيونية الدينية " برئاسة بتسلئيل سموتريتش ، من تجاوز نسبة الحسم.

وبذلك، لا تتمكن أي من الكتلتين، الائتلاف أو المعارضة الصهيونية، من حسم الأغلبية في الكنيست ، إذ تحصل أحزاب الائتلاف على 51 مقعدا، مقابل 59 مقعدا للأحزاب الصهيونية في المعارضة، في حين تظل 10 مقاعد للأحزاب العربية، التي قد تصبح "بيضة القبان" في أي معادلة سياسية محتملة.

إعلان

ووفق الاستطلاع ذاته، فإن 48% من الإسرائيليين يؤيدون التوجه لانتخابات عامة بعد تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى وعودة المحتجزين لدى المقاومة في غزة، مقابل 39% يعارضون ذلك، في حين امتنع 13% عن إبداء رأيهم.

وفي موازاة هذه النتائج، كشفت "معاريف" أن نتنياهو طلب عقد اجتماع عاجل لمركز حزب الليكود، لبحث إجراء انتخابات داخلية لزعامة الحزب خلال الأسابيع المقبلة.

وبحسب مصادر في الليكود، تهدف هذه الخطوة إلى تثبيت مكانة نتنياهو داخل الحزب قبل الإقدام على أي خطوة نحو تبكير الانتخابات العامة، المقررة رسميا في 2026.

مصدر الصورة دعوات لخوض الأحزاب العربية انتخابات الكنيست بقائمة مشتركة (الجزيرة)

تجديد التفويض

ويرى محللون أن نتنياهو يسعى إلى استغلال ما وصفوه بـ"القبول الشعبي" لاتفاق تبادل الأسرى ووقف النار، لترميم صورته التي تضررت خلال الحرب الأخيرة على غزة، وتهيئة الأرضية السياسية لانتخابات مبكرة قد تمنحه فرصة لتجديد تفويضه الشعبي.

وأجمعت التحليلات الإسرائيلية أن مجرد طرح فكرة إجراء انتخابات تمهيدية داخل الحزب يشير إلى نية واضحة لدى نتنياهو لتبكير موعد انتخابات الكنيست، وسط خلافات داخلية بين أقطاب اليمين حول أداء الحكومة خلال الحرب والتسوية مع حماس.

وبالتالي، يقف المشهد السياسي الإسرائيلي على أعتاب مرحلة إعادة اصطفاف داخلي، تتداخل فيها الاعتبارات الأمنية والشعبية والحزبية، في حين يحاول نتنياهو استثمار التوازن الدقيق الذي أفرزته الحرب على غزة واتفاق وقف إطلاق النار، لتثبيت موقعه القيادي داخل الليكود وتهيئة المسرح لانتخابات مبكرة قد تحدد مستقبل حكم اليمين في إسرائيل.

وتبدي الحكومة، وفق قراءات سياسية واقتصادية، تشكيكا متزايدا في قدرتها على إقرار ميزانية 2026، إذ لم تبدأ وزارة المالية بإعدادها بعد، ما يُنذر بأزمة ائتلافية حادة قد تؤدي إلى حل الكنيست مع نهاية مارس/آذار المقبل.

في ضوء ذلك، تبدو الأزمة السياسية المتوقعة عقب اتفاق وقف إطلاق النار تسريعا لسيناريو قائم أصلا، إذ لن تُسقط الحكومة فورا، لكنها قد تُعجِّل تفككها ودفع إسرائيل نحو انتخابات مبكرة وسط انقسام وضبابية سياسية.

تحضيرات نتنياهو

وأفادت المراسلة السياسية لصحيفة "معاريف" آنا بارسكي، بأن نتنياهو بدأ تحركات داخلية هادئة تمهيدا لتبكير الانتخابات العامة، مشيرة إلى أن الدعوة لانتخابات سريعة داخل الليكود تعد إشارة واضحة لنية نتنياهو تقديم موعد انتخابات الكنيست.

وذكرت أن نتنياهو اتصل برئيس اللجنة المركزية لليكود الوزير حاييم كاتس، وطلب التحضير العاجل لاجتماع يقر انتخابات داخلية مبكرة على زعامة الحزب خلال الأسابيع المقبلة.

وتُبحث إمكانية دمج انتخابات رئاسة الحزب مع مؤتمر الليكود في 24 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في خطوة تصفها بارسكي بأنها تحرك تكتيكي يمنح نتنياهو تفويضا جديدا ويعزز سيطرته الداخلية.

مصدر الصورة الأحزاب الحريدية الدينية تحافظ على قوتها الانتخابية بالمشهد السياسي الإسرائيلي (الجزيرة)

وترى بارسكي أن تحرك نتنياهو جاء مرتبطا بالتطورات السياسية والأمنية الأخيرة، خاصة اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى برعاية أميركية ودعم من الرئيس دونالد ترامب الذي وصفه بأنه خطوة نحو "السلام الشامل".

إعلان

وأكدت أن نتنياهو يسعى لتثبيت زعامته داخل الليكود قبل أي اضطراب محتمل، مستفيدا من الزخم الشعبي المؤقت عقب صفقة الرهائن وعودة الأسرى.

ونقلت عن مسؤول في الليكود أن نتنياهو يسعى لاستغلال الزخم الشعبي وتحسن صورته، معتبرا أن الانتخابات الأنسب ستكون بعد تثبيت سيطرته على الحزب وإسكات الأصوات المنافسة.

وتختتم بارسكي بأن تحرك نتنياهو جزء من إستراتيجية لإعادة تموضعه سياسيا، هدفها تحويل إنجاز صفقة الأسرى إلى رافعة انتخابية تُعزز موقعه وتقود لإعادة تشكيل المشهد السياسي الإسرائيلي.

تفكك وانسحاب

وبحسب قراءة المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس" ميخائيل هاوزر طوف، فإن أجواء ما بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى تضع حكومة نتنياهو أمام مرحلة اختبار حقيقية لاستقرارها الداخلي.

وأشار طوف إلى أن الخطر الحقيقي على تماسك الائتلاف الحاكم لن يظهر فورا، بل سيتبلور تدريجيا بعد اكتمال تنفيذ الاتفاق ووقف القتال بشكل نهائي، وهو ما تعتبره أوساط نتنياهو النقطة الحرجة في عمر الحكومة.

ويرى أن مكتب نتنياهو يراهن على عامل الزمن، إذ يتوقع أن يؤدي مرور الوقت إلى تصاعد الضغط الشعبي على الوزيرين سموتريتش وبن غفير من داخل معسكر اليمين، بما يدفعهما في النهاية للانسحاب من الائتلاف وإسقاط الحكومة.

وأشار إلى أن نتنياهو يدرك هشاشة الائتلاف بعد الاتفاق، ولذلك يسعى إلى تحصين موقعه داخل حزب الليكود عبر انتخابات داخلية مبكرة، تمهيدا لإدارة مرحلة سياسية جديدة قد تنتهي بتبكير الانتخابات العامة.

مصدر الصورة حزب بن غفير يتراجع في استطلاعات الرأي (الجزيرة)

ويرى هاوزر طوف أن الهدوء في غزة قد يتحول إلى عاصفة سياسية داخل إسرائيل، إذ كشف وقف القتال تصدعات اليمين وتراجع الثقة بقدرة نتنياهو على الحفاظ على تماسك حكومته.

ويخلص إلى أن الاتفاق الذي أوقف الحرب في غزة قد يكون هو نفسه الشرارة التي تفكك ائتلاف نتنياهو وتعيد إسرائيل إلى صناديق الاقتراع في وقت أقرب مما يتوقعه الجميع.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا