آخر الأخبار

واشنطن بوست: انقسام ديني يزلزل أركان السياسة الأميركية

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا لكاتب العمود شادي حامد تناول فيه حالة الانقسام اللاهوتي والسياسي الحاد داخل المسيحية الأميركية، الذي تجلت مظاهره خلال مراسم تأبين الناشط المحافظ تشارلي كيرك الذي اغتيل أثناء نقاشه مع طلاب جامعة يوتا فالي في 10 سبتمبر/أيلول الجاري.

وبحسب الكاتب، فإن الانقسام أماط اللثام عن نسختين من الديانة المسيحية تشدان السياسة الأميركية في اتجاهين متضادين؛ إحدى هاتين النسختين متجذرة في إيمان يدعو إلى المغفرة والمحبة للأعداء، والأخرى تُسخِّر الدين في خدمة الصراع السياسي.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 فايننشال تايمز: محافظة متشددة قد تصبح أول رئيسة وزراء لليابان
* list 2 of 2 صحف عالمية: خطة ترامب هشة وبها ثغرات ونتنياهو يراهن على رفض حماس end of list

بيد أن المفارقة -برأيه- أن هذا الانقسام الديني لم يحدث داخل الكنيسة، بل وقع في ملعب لكرة القدم بولاية أريزونا ، الذي أقيم فيه حفل التأبين قبل 10 أيام.

خلاف عقدي

وجاء في المقال أن اللحظة الأكثر تأثيرا في مراسم التأبين حدثت عندما أعلنت إريكا كيرك، أرملة الناشط الراحل، أمام حشد الحاضرين -الذي كان من بينهم الرئيس دونالد ترامب ونائبه جيه دي فانس – عفوها عن قاتل زوجها.

لكن ترامب رفض هذا النهج من العفو فور صعوده المنصة، قائلا: "أنا أكره خصومي، ولا أريد الأفضل لهم".

ويعلق حامد -الذي يعمل أيضا أستاذا باحثا في الدراسات الإسلامية بمعهد فولر للاهوت في مدينة باسادينا بولاية كاليفورنيا – على هذا التنافر في المعتقدات، قائلا إنه لم يكن مجرد خلاف في الإستراتيجية السياسية، بقدر ما كان مواجهة مع أحد أعمق الأسئلة في اللاهوت المسيحي وهو: هل يمكن للمؤمن أن "يدير الخد الآخر" ويظل فعالا في معترك السياسة الديمقراطية؟

ويشير الكاتب إلى أن مراسم التأبين تحولت إلى صورة مصغّرة لصراع أوسع. فمن جهة، هناك نسخة مسيحية تتبنى التواضع والتضحية ومحبة العدو، ومن جهة أخرى، توجد مسيحية تنظر إلى الخصوم السياسيين كقوى شيطانية يجب هزيمتها لا هدايتها، زاعما أن الأخيرة هي النسخة التي يتبناها ترامب وروج لها متحدثون آخرون في الحفل.

إعلان

ووفق المقال، فقد صوّر متحدثون -مثل مقدم برامج البودكاست جاك بوسوبيتش ووزير الدفاع بيت هيغسِيث – اغتيال كيرك بوصفه جزءا من معركة كونية بين الخير والشر.

كما شارك هيغسيث مقطعا ترويجيا لوزارة الحرب (وزارة الدفاع سابقا) يمزج بين صلاة المسيح وصور الجنود الأميركيين والدبابات والقاذفات الشبحية، في رمزية واضحة على تماهي الإيمان مع القومية والعسكرة.

أزمة أعمق

ومن وجهة نظر حامد، فإن هذا الانقسام اللاهوتي يعكس أزمة أعمق تتجلى في أن كثيرا من المسيحيين المؤيدين لترامب باتوا يرفضون تعاليم يسوع عن المغفرة ومحبة العدو باعتبارها غير ذات صلة بالسياسة أصلا.

ويوضح الكاتب أن الهوة الدينية بين رسالة إريكا كيرك عن المغفرة وخيالات هيغسيث عن حرب لا تنتهي، أعمق مما يدركه معظم الناس.

وينقل عن راسل مور -وهو مسؤول سابق بارز في الكنيسة المعمدانية الجنوبية، وناقد شرس لترامب- أن المصلين باتوا يتهمون القساوسة الذين يقتبسون حرفيا كلمات يسوع المسيح عن إدارة الخد الآخر، بأنهم يروّجون لأقوال "لم تعد تجدي نفعا"، ويتساءلون "من أين جئتم بهذه الأفكار الليبرالية ؟".

شادي حامد: الهوة الدينية بين رسالة إريكا كيرك عن المغفرة وخيالات هيغسيث عن حرب لا تنتهي، أعمق مما يدركه معظم الناس

عند نوال السلطة السياسية

وكما لاحظ عالم اللاهوت والواعظ غريغ بويد أنه "ما إن نال المسيحيون السلطة السياسية حتى بدؤوا في اضطهاد غير المسيحيين، بل وقتلهم".

وكأي ديانة أخرى، تشكلت المسيحية من خلال تاريخها السياسي الخاص. لكن الذي يظل لافتا -بنظر كاتب المقال- هو أن بعض الدوائر المسيحية الأميركية ترفض علنا أخلاقيات يسوع باعتبارها ساذجة سياسيا.

وفي اعتقاد حامد أن هذا الرفض ينبغي أن يزعج كل من انتقد الإسلام بسبب تداخله السياسي؛ إذ تواجه المسيحية الأميركية الآن نسختها الخاصة من أزمة اللاهوت السياسي وهي كيف يتسنى لموروث ديني يركز على مفاهيم التضحية والتواضع ومحبة العدو أن يتعامل مع عالم السياسة الأميركي "بفوضويته وعنفه المتزايد".

ولتفسير هذه التحولات في نظرة الأميركيين الدينية، يسترجع الكاتب أحداثا من التاريخ من حيث تغيّر علاقة المسيحية جذريا بسلطة الدولة وعنفها بعد اعتناق الإمبراطور قسطنطين لها في ثلاثينيات القرن الرابع الميلادي.

ضرورات السياسة

ويزعم الكاتب أن هذه الديناميات تعود للظهور اليوم مع امتثال بعض أوساط المسيحية الأميركية لضرورات السياسة.

ويرى جيمس وود أستاذ الأديان واللاهوت في جامعة ريديمر الكندية أن تعاليم يسوع لا تتعارض مع استخدام الدولة للقوة لردع الشر، مميّزا بين الأخلاقيات الفردية ودور الدولة.

ومع ذلك، يدّعي كلا الطرفين الاستناد إلى الكتاب المقدس، فالنسخة المسيحية الداعية إلى محبة العدو، تستمد مرجعيتها من الأناجيل، بينما النسخة الأخرى التي تتبنى "الحرب الروحية" تعتمد على رسائل القديس بولس وسفر الرؤيا الذي يصور يسوع عائدا بالسيف لقيادة جيوش السماء.

ويخلص حامد في مقاله إلى أن مراسم تأبين تشارلي كيرك أظهرت انقلابا عميقا، حيث لم تعد المسيحية -بنظره- هي التي تشكل السياسة، بل السياسة هي التي تعيد تشكيل المسيحية.

وختم بالقول إن الديمقراطية الأميركية تجد نفسها إزاء مفارقة صعبة تتمثل في نسختين مسيحيتين، تدّعي كلتاهما امتلاك الحقيقة الإلهية، وتكافحان للتعايش في فضاء سياسي واحد.

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا