آخر الأخبار

قراءة سورية في تصريحات براك بشأن مستقبل الحكومة المقبلة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

دمشق أعلن المبعوث الأميركي إلى سوريا توم براك توقعات الولايات المتحدة بتشكيل "حكومة سورية مركزية شاملة" قبل نهاية عام 2025، مؤكدا أن "الفدرالية ليست حلا مناسبا للأزمة السورية".

وشدد، في تصريحات نقلتها شبكة "رووداو"، على أن الحكومة المرتقبة ستضمن حقوق جميع المكونات والأقليات، مع دعم أميركي للأكراد وباقي المكونات "دون فرض إملاءات خارجية". كما وصف أحداث السويداء بـ"المؤسفة"، مؤكدا سعي واشنطن لمنع تكرارها، وأشاد بالعلاقة مع تركيا بعد لقاء "أفضل من رائع" بين الرئيسين دونالد ترامب و رجب طيب أردوغان .

تأتي هذه التصريحات وسط تحديات سياسية وأمنية معقدة، ومع تساؤلات حول إمكانية تحقيق توافق بين الأطراف السورية والقوى الإقليمية، خاصة مع رفض الفدرالية (وهي آلية لتوزيع السلطة بين حكومة مركزية (اتحادية) ووحدات أصغر مثل الولايات أو الأقاليم)، ومع مطالبات بعض الأطراف، لا سيما الأكراد، بتوزيع أوسع للسلطة.

ضغوط أميركية

وأوضح براك أن دور بلاده يقتصر على المساعدة والتوجيه دون فرض نموذج أميركي أو أوروبي، وقال في تصريح لشبكة "رووداو" أن "الولايات المتحدة ملتزمة بدعم حوار شامل بين الأطراف السورية لضمان استقرار المنطقة، بالتعاون مع حلفائنا الإقليميين، خاصة تركيا"، مشيرا إلى تفهّم أنقرة الدور الأميركي في دعم السلام.

وقال مصدر عسكري مطلع في الفصائل العربية التابعة ل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إن هناك ضغوطا كبيرة جدا من قبل واشنطن على قيادة "قسد" لبدء تنفيذ الاتفاق مع دمشق، وتتضمن التلويح الأميركي بالسماح لأنقرة بعمل عسكري، والتخلي عنهم وتحييد القواعد الأميركية في المنطقة، وعدم الانسحاب منها مهما كانت الجهة المسيطرة.

وأضاف المصدر، للجزيرة نت، أنه خلال الاجتماع الأخير قررت القيادة البدء بتنفيذ الاتفاق من خلال تسليم ما تبقى من محافظة دير الزور للحكومة السورية، وتقوم الفصائل العربية بالعمل تحت سلطتها في المنطقة.

إعلان

ولفت المصدر نفسه إلى أن تنفيذ باقي الاتفاق وسيطرة الدولة على كل المحافظات قد يحتاج عاما من بداية سنة 2026 مع ضمان تنفيذ شروط قيادة قسد، حيث من المتوقع أن يتم تسليم الرقة بعد نحو 3 أشهر من تسليم دير الزور، و"لكن في الوقت نفسه هناك استعداد لمواجهة هجوم عسكري قد يطال مناطق سيطرة قوات قسد".

وقبل تصريحات براك بخصوص تشكيل حكومة سورية مركزية شاملة" قبل نهاية عام 2025، كان مدير الشؤون الأميركية في وزارة الخارجية السورية قتيبة إدلبي، قد صرح لموقع "رووداو" العربي في يوليو/تموز الماضي بأن الحكومة لا ترفض كل أشكال اللامركزية.

وشدد على أن تعامل الدولة اليوم مع الحكم -لا سيما المحلي- ينطلق كثيرا من مبدأ اللامركزية، خاصة الإدارية.

وأضاف إدلبي "لا أعتقد أن هناك نقاشا أو نقاط خلاف حول موضوع اللامركزية الإدارية. مشكلة المركزية في سوريا لم تكن قانونية، بل سياسية".

توافق

وتثير تصريحات براك حول تشكيل حكومة شاملة تساؤلات بشأن قدرة الولايات المتحدة على تحقيق توافق بين جميع الأطراف، مما يعكس محاولة أميركية لتحقيق توازن بين طمأنة الأقليات وتهدئة مخاوف الأغلبية، في ظل تعقيدات المشهد السياسي السوري.

يقول عضو منظمة "مواطنون لأجل أميركا آمنة" بكر غبيس، للجزيرة نت، إن التعهد الأميركي بدعم الأقليات دون إملاءات خارجية يسعى لتبديد مخاوف سابقة ترسّخت بسبب دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية.

وأوضح أن نفي براك للفدرالية خفّف هواجس بعض مكونات قسد، مع تأكيد القيادة السورية على احترام خصوصية المكونات الثقافية والدينية، مما عزز الثقة بجدية التعامل مع قضايا الأقليات.

وأكد أن واشنطن تركز على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية بالتنسيق مع دمشق، نافيا دعمها لأي مشروع انفصالي، مشيرا إلى توافق دول الجوار مثل تركيا والسعودية وقطر والإمارات مع الموقف الأميركي الرافض للتقسيم.

ووفق غبيس، فإن الجدول الزمني الأميركي لتشكيل حكومة شاملة واقعي، موضحا أن المرحلة الانتقالية تشهد مراجعة دورية للأوضاع السياسية والاجتماعية.

وتوقع إشراك شخصيات من مكونات مختلفة لتعزيز الشمولية دون تغييرات جوهرية، وأكد أن دمشق هي "مفتاح الموازنة بين طمأنة الأقليات وتهدئة مخاوف الأغلبية"، وأن الحل يكمن في آليات داخلية تحت سقف دولة موحدة، محذرا من عواقب التدخل الخارجي.

ويبرز رفض الفدرالية كقضية مثيرة للجدل خاصة مع مطالبات بعض الأطراف، خاصة الأكراد، بتوزيع أوسع للسلطة، ويعتقد الباحث التركي في العلاقات الدولية طه عودة أوغلو أن لقاء الرئيسين ترامب وأردوغان سيفتح آفاقا جديدة للتعاون بين أنقرة وواشنطن في الملف السوري.

وأضاف، للجزيرة نت، أن تركيا تدعم حكومة مركزية وجيشا وطنيا في سوريا لضمان الأمن والاستقرار، وأن "التقارب التركي-الأميركي أربك حسابات قسد التي حاولت استغلال الظروف السورية، بينما شددت أنقرة على نفاد صبرها ومتابعتها لاجتماعات قسد مع دمشق، مهددة باتخاذ خطوات عملية إذا لزم الأمر".

مصالح متغيرة

تلفت تصريحات براك إلى سعي واشنطن لتحقيق استقرار مستدام في سوريا عبر دعم حكومة مركزية بالتنسيق مع حلفاء إقليميين مثل تركيا، ومع ذلك، تواجه هذه الرؤية تحديات تتعلق بإدماج "قسد" في إطار الدولة، وضمان وحدة البلاد تحت قيادة الرئيس أحمد الشرع .

يقول الكاتب والباحث السوري باسل معراوي، للجزيرة نت، إن الولايات المتحدة تبني سياساتها في سوريا على المصالح المتغيرة، معتبرا أن دمشق شريك إستراتيجي قادر على "محاربة الإرهاب" واحتواء التوتر مع إسرائيل، والانسجام مع تركيا ودول الخليج، وأشار إلى أن واشنطن تدعم منظومة أمنية إقليمية دون الحاجة لوجود عسكري.

إعلان

وأضاف أن دمشق وأنقرة ترفضان السماح لـ"قسد" بالاحتفاظ بسلاحها أو كيانها، وأن تركيا تمتلك القوة لمنع قيام كيان كردي. وأوضح أن واشنطن تدعم اتفاق 10 مارس/آذار بين الرئيس الشرع و قائد "قسد" مظلوم عبدي ، لكنها تتهمه بالمماطلة، مؤكدة أن علاقتها مع هذه القوات تقتصر على "محاربة الإرهاب".

وختم بأن الشرع حدد خطين أحمرين هما: منع الانفصال، ورفض وجود سلاح خارج سلطة الدولة، محذرا من استخدام القوة إذا فشلت الحلول السلمية.

وحسب الخبراء، فإن توقعات تشكيل حكومة شاملة قبل نهاية 2025 تتطلب موازنة دقيقة بين دعم الأقليات وطمأنة الأغلبية، مع الحفاظ على وحدة الدولة، ويبرز دور دمشق لتحقيق هذا التوازن في ظل التحديات الأمنية والسياسية المستمرة.

وفي 10 مارس/آذار الماضي، وقّع الشرع وعبدي اتفاقا يشمل دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في المناطق التي تسيطر عليها "قسد" شمالي وشرقي سوريا ضمن إدارة الدولة، بما فيها المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.

وأكد الاتفاق على وحدة أراضي البلاد ورفض التقسيم، لكنه لم يُطبَّق بشكل عملي حتى اليوم، ولا تزال تدور اشتباكات متقطعة بين الطرفين كل فترة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا