هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأمريكية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN .
كُتِب وسيراق الكثير من الحبر عما سبق توالي الاعترافات الدولية الفارقة بالاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم على ترابهم الوطني. الأكثر دلالة هو وعد كير ستارمر -رئيس وزراء بريطانيا العمّالي- الذي تمم الرؤية البريطانية للعيش المشترك في فلسطين-الانتداب، وفق ما تلا وعد اللورد بلفور 1917 وما كاد أن يتحقق عام 1947 (قرار التقسيم أول حل دولتين) لو أخذ الفلسطينيون والعرب والمسلمون بنصيحة عبدالله الأول، الملك المؤسس للأردن-الحديث الذي دفع حياته ثمنا لمواقفه ومن ضمنها، موافقته على وحدة شعبية برلمانية بين ضفتي نهر الأردن 1950.
بكلمات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، "الاعتراف ليس مكافأة بل حق للشعب الفلسطيني" الذي لا يجوز حصره خاصة الغزيين بحماس، كتنظيم إرهابي أقدم على فِعلة مدانة بالإجماع وبلا تحفظ، من قِبل الدول العربية والإسلامية وجميع الدول التي كانت وراء إنجاح إعلان نيويورك بقيادة سعودية فرنسية مشتركة.
ما يعنينا، بحسب تصريح آخر لافت للعاهل الأردني هو ما خاطب به مضيفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض في الحادي عشر من فبراير، عندما شكره على قيادته للجهود التي تسعى إلى الوصول بالجميع إلى "خط النهاية" في إشارة إلى أن المأمول ليس وقف حرب غزة فقط، بل صنع سلام طال انتظاره.
في ضوء التكتّم على تفاصيل ما تم الاتفاق عليه في المحادثات التي وصفها ترمب بـ"البنّاءة والناجحة" على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين، فإن القمة العربية الإسلامية الأمريكية المصغرة، هي الخطوة الناجزة التي ستتبعها خطوة من رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، الإثنين المقبل.
بحسب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإن قيام الدولة الفلسطينية الموعودة "لن يتحقق عمليا إلا باعتراف إسرائيل بها". ووفقا لتسريبات يبدو أنها صادقة ودقيقة، فإن الدول العربية الأقرب إلى تداعيات ما يجري في غزة والضفة الغربية، وهي مصر والأردن، قد حظيتا بدعم عربي إسلامي، وتفهّم والتزام أمريكي برفض التهجير القسري وعدم السماح لنتنياهو بتنفيذ تهديده بضم الضفة الغربية، لكن ثمة تفاصيل قد تصير متاحة بعد رابع قمة تجمع نتنياهو بترامب في البيت الأبيض، منذ عودة الأخير إلى سدة الرئاسة التي يطمح بامتدادها ولاية ثالثة!
يبدو أن القصف الذي استهدف قادة حماس-الخارج في قطر وعدد من الدول، قد وضع الجميع أمام خطورة تداعيات التصعيد. وعليه، فإن الأمور صارت أقرب إلى الاستسلام أو التسليم، وإن لم يكن صريحا مباشرا بصرف النظر عن اعتراف حماس أو إنكارها لواقع الهزيمة.
من الجليّ أن "اليوم التالي" في غزة مربوط بالقضاء على حماس، و"اليوم التالي" في الضفة مربوط هو الأخر بقيام سلطة وطنية فلسطينية "متجددة"، كما اتفقت الإدارة الأمريكية الراهنة والسابقة. أما "اليوم التالي" شرق أوسطيا فمن الواضح، أنه مرتبط بتوسعة "اتفاقات إبراهيم" حيث في مقدمة الدول المرتقبة للانضمام، إضافة إلى من حضروا القمة المصغرة "باكستان وإندونيسيا وقطر"، هي سوريا التي قد يفاجئ ترامب ونتنياهو الجميع بالإعلان -ربما بحضور الرئيس الانتقالي أحمد الشرع "الجولاني" سابقا، عما هو أكثر من "اتفاق أمني" وأقل من انضمام كامل وعلني لاتفاقات إبراهيم التي حلت ذكراها الخامسة يوم القصف الإسرائيلي على الدوحة والذي قيل إنه حظي بضوء أخضر أو برتقالي من ترامب رغم النفي المتكرر.
على أي حال، يقاس نجاح الأعمال بخواتيمها.