قالت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنالينا بيربوك، إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود لا يمكن حله من خلال "حرب لا نهاية لها، واحتلال دائم، وإرهاب متكرر"، مشددة على أن السبيل الوحيد لضمان أن تعيش الأجيال القادمة من الفلسطينيين والإسرائيليين "بسلام وأمن وكرامة" هو من خلال حل الدولتين.
وخلال كلمتها في المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين، حمّلت بيربوك الدول الأعضاء مسؤولية ما يجري في غزة، واعتبرت ذلك دليلاً على "فشل الأمم المتحدة".
وأشارت إلى أن رسالة مؤتمر اليوم وإعلان نيويورك، الذي أيده 142 عضواً في الأمم المتحدة، هي أن المجتمع الدولي لا يلتزم فقط بحل الدولتين، بل يضع أيضاً "خطوات ملموسة، محددة زمنياً، ولا يمكن التراجع عنها لتحقيقه، مع الاستعداد لاتخاذ تدابير حاسمة وتوفير ضمانات دولية".
وقالت إن آلاف الأيتام في غزة "يحومون بين الركام ويأكلون الرمال ويشربون المياه الملوثة"، مؤكدة أن أن الدعوات للسلام وحل الدولتين ليست نظرية بالنسبة للأطفال والعائلات وموظفي الأمم المتحدة الذين رأوا زملاءهم يُقتلون بالرصاص، والمصابين أو المصابين بصدمات نفسية جراء الصراع.
وشددت بيربوك على أن تحقيق السلام طموح، لكنه أيضاً التزام أخلاقي.
شغلت أنالينا بيربوك منصب وزيرة الخارجية الألمانية من عام ديسمبر/كانون الأول 021 حتى يونيو/حزيران عام 2025. وتشغل حالياً منصب رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين منذ 9 سبتمبر/أيلول 2025 ولتصبح خامس امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ الأمم المتحدة الممتد على مدى نحو 80 عاماً.
توصف الأم لطفلين، المتزوجة من المستشار السياسي دانيال هوليفليش، بأنها سريعة الحركة ومتشددة، إضافة إلى اهتمامها الدقيق بتفاصيل السياسة.
نشأت بيربوك في مزرعة بالقرب من مدينة هانوفر الشمالية، وقد تعرفت مبكراً على السياسة عندما اصطحبها والداها إلى مظاهرات مناهضة للأسلحة النووية في الثمانينيات.
وعندما كانت في سن المراهقة، شاركت في مسابقات الترامبولين، وفازت بثلاث ميداليات برونزية في البطولات الألمانية. لقد علمتها الرياضة أن تكون "شجاعة"، على حد قولها.
درست بيربوك العلوم السياسية والقانون العام في هانوفر، قبل الحصول على درجة الماجستير في القانون الدولي العام من كلية لندن للاقتصاد.
بعد أن جربت العمل في الصحافة، انضمت إلى حزب الخضر في عام 2005 وترقت لتصبح رئيسة فرع براندنبورغ للحزب في عام 2009.
ودخلت بيربوك مجلس النواب "البوندستاغ" كنائبة في عام 2013.
في انتخابات عام 2017، كانت بيربوك مجدداً المرشحة الأولى لحزبها في ولاية براندنبورغ واحتفظت بمقعدها في البرلمان.
ثم احتفظت بيربوك بمقعدها البرلماني مرة أخرى، بصفتها المرشحة الأولى عن ولاية براندنبورغ، في انتخابات عامي 2021 و2025. لكنها استقالت من عضوية البوندستاغ بتاريخ 30 يونيو/حزيران 2025، بعد ترشيحها لمنصب في الأمم المتحدة.
عُيّنت بيربوك وزيرة للخارجية وتسلّمت منصبها في 8 ديسمبر/كانون الأول 2021، لتصبح أول امرأة في تاريخ ألمانيا تتولى هذا المنصب.
تميّزت فترة استلامها الحقيبة الوزارية بنشاط سياسي زاخر، إذ زارت في ديسمبر/كانون الأول 2021، وارسو والتقت بوزير الخارجية البولندي زبيغنيو راو. ناقشا الخلاف بين بولندا والاتحاد الأوروبي بشأن سيادة القانون وتفوّق قانون الاتحاد الأوروبي.
دعمت بيربوك جهود بولندا لوقف تدفق المهاجرين من بيلاروسيا إلى أراضي الاتحاد الأوروبي، لكنها رفضت مطالبات بولندا بتعويضات إضافية عن الحرب العالمية الثانية، معتبرة أن الاتفاق الموقّع عام 1953 أنهى هذه المطالبات.
في يناير 2022، التقت بنظيرها النمساوي ألكسندر شالنبرغ في بروكسل، ثم التقت وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في واشنطن.
كما حذّرت عام 2021 بيربوك من أن أفغانستان على شفا "أسوأ كارثة إنسانية في عصرنا"، مؤكدة حاجة أكثر من 24 مليون شخص للمساعدات.
وحول الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فقد رفضت بيربوك تزويد أوكرانيا بالأسلحة، بينما كانت الولايات المتحدة وحلفاء الناتو يرسلون الدعم العسكري لكييف.
لكن بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، شاركت في طرد 40 دبلوماسياً روسياً من برلين عقب مجزرة بوتشا.
في أبريل 2022، نظّمت مؤتمراً للمانحين لدعم مولدوفا، حيث جمعت الدول الأوروبية والدولية أكثر من 659 مليون يورو لدعمها في استضافة اللاجئين الأوكرانيين.
خلال الحرب في غزة، أعربت عن دعمها الكامل لإسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس، فزارت تل أبيب في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 للتعبير عن التضامن.
وأكدت أن "أمن إسرائيل غير قابل للتفاوض" بالنسبة لألمانيا، مشيرة إلى "المسؤولية التاريخية والأخلاقية لألمانيا تجاه الشعب اليهودي والدولة الإسرائيلية".
لكن موقفها تبدّل في 17 ديسمبر/كانون الأول 2023، إذ نشرت مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون مقالاً مشتركاً يدعوان فيه إلى خطوات تؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة.
لكن في أكتوبر/تشرين الأول 2024، أثارت تصريحاتها في البوندستاغ انتقادات من المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيزي، فقد قالت بيربوك إن "المواقع المدنية تفقد وضعية الحماية إذا أسيئ استخدامها".
وبررت ذلك: "عندما يختبئ مقاتلو حماس خلف الناس، خلف المدارس.. تفقد الأماكن المدنية حمايتها".
في أول ظهور إعلامي لها بعد تولّيها منصبها الجديد، وعندما سُئلت قبل أكثر من أسبوع عمّا إذا كانت لا تزال متمسكة بتصريحاتها بشأن "قصف المواقع المدنية"، أنكرت أن تكون قد قالت ذلك. لكن، وفي أول مؤتمر صحفي تعقده من قاعة الإعلام في الأمم المتحدة بصفتها رئيسة للجمعية العامة، أوضحت أنها لا ترى أي خطأ في تصريحاتها الأصلية.
لكن خلال أول جلسة رسمية ترأستها، خاطبت بيربوك ممثلي الدول قائلة:
"لا يمكننا تجاهل صرخة هند رجب، حين قُصفت السيارة التي كانت تستقلها، كما لا يمكن تجاهل أن أطفال غزة يعيشون حالة رعب منذ أكثر من 700 يوم. نحن بحاجة إلى وقف فوري، دائم، وغير مشروط لإطلاق النار في غزة".
وأضافت:
"الإنسانية لا تعني الانحياز لطرف دون آخر، بل الاعتراف بأن لكل حياة نفس القيمة".
ولكي لا يبدو موقفها متحيزاً بالكامل، وتأكيداً على دعمها المعلن لإسرائيل، ربطت بيربوك بين مأساة هند رجب وبين مأساة طفل إسرائيلي، قائلة: "العالم خذل الطفلة الغزية هند رجب، كما خذل الطفل الإسرائيلي كيفير بيباس".
كما دعت إلى إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ضمن حدود معترف بها دولياً، وأن تنهي حماس حكمها لغزة وتسلم سلاحها.