آخر الأخبار

رفع العلم الفلسطيني بلندن لحظة نصر رمزي بمحاذير كثيرة

شارك

لندن- في لحظة سياسية بالغة الرمزية، استحال مقر البعثة الفلسطينية في العاصمة البريطانية لندن إلى نقطة لقاء التف حولها كل الذين قادوا الحراك الداعم للقضية الفلسطينية على مدار عامين واحتفوا جميعا بما اعتبره البعض نصرا مصغرا بعد اعتراف الحكومة العمالية بالدولة الفلسطينية، لكنه في الوقت ذاته يحمل في طياته دلالات ومحاذير سياسية.

فبعد أشهر من الضغط الشعبي والبرلماني، حسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قراره وأعلن رسميا الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مؤكدا أن تلك الخطوة تظهر التزام بلاده بالسلام و حل الدولتين ، قبل أن يسهب في إدانة حركة حماس والتمسك باستثنائها من أي دور في مستقبل الدولة الفلسطينية المرتقبة.

مصدر الصورة مشاركة واسعة لنواب وبعثات دبلوماسية في لحظة رفع العلم الفلسطيني وسط العاصمة البريطانية (الجزيرة)

تحول دبلوماسي

وفي الوقت الذي كان العلم الفلسطيني يُرفع للمرة الأولى أمام مقر البعثة بحضور وزراء ونواب برلمانيين وبعثات دبلوماسية، كان كثيرون يحذرون من أن هذه اللحظة الرمزية ليست سوى رفع عتب عن الحكومة البريطانية التي وجدت نفسها مضطرة لمجاراة موجة غضب أوروبية وغربية من السياسات الإسرائيلية.

ولم يتأخر أيضا هاميش فالكونر وزير الشرق الأوسط في حكومة حزب العمال ، في وضع قرار حزبه في سياقه، باعتباره دفاعا عن القانون الدولي ودعما لحل الدولتين الذي يبقى الخيار الأمثل للسلام في المنطقة، دون أن يواري أن خطوات الاعتراف غير كافية لوقف الإبادة وإنهاء التجويع الممنهج ضد أهالي قطاع غزة .

وأعادت الرمزية المكثفة للحدث، لذاكرة الكثيرين ممن حضروا الدور التاريخي الذي اضطلعت به بريطانيا في مسار القضية الفلسطينية منذ وعد بلفور وصولا إلى التواطؤ مع إسرائيل في دعم حرب الإبادة في غزة.

واعتبر حسام زملط ، ممثل البعثة الفلسطينية في بريطانيا -الذي كان يتلقى التهاني بعد أن أصبح يحمل صفة أول سفير فلسطيني في بريطانيا-، في كلمة له خلال الحدث، أن الاعتراف البريطاني بالدولة الفلسطينية خطوة في اتجاه تصحيح المظالم التاريخية بما فيها الإرث الاستعماري البريطاني ووعد بلفور وما ترتب عنه من تجريد للشعب الفلسطيني من أرضه وحقوقه.

سخط راسخ

رغم ما بدا أنها أجواء ارتياح بعد الظفر بنصر دبلوماسي ثمين، لم يكتم المتضامنون مع القضية الفلسطينية طويلا سخطهم واحتجاجهم في وجه من حضر من صناع القرار البريطاني أمام مقر السفارة الفلسطينية، مطالبين الحكومة البريطانية بمحاسبة كل المتواطئين في جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة ضد الفلسطينيين في غزة ووقف تسليح إسرائيل.

إعلان

كان جيرمي كوربن زعيم حزب العمال السابق، والنائب المستقل الذي سيتعد لإطلاق حزب سياسي جديد، أحد أبرز الحاضرين، ودعا في حديث للجزيرة نت الحكومات المترددة للانضمام سريعا إلى ركب المعترفين بالدولة الفلسطينية فيما وصفه بمنعطف تاريخي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني.

ويرى كوربن أن الاعتراف البريطاني الذي جاء بعد ضغط شعبي غير مسبوق يجعل موقف الدبلوماسية الأميركية الحليفة لبريطانيا معزولة دوليا، مؤكدا أن الحكومة العمالية يجب أن تضغط بإصرار على الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب باعتباره الطرف الوحيد القادر على إجبار إسرائيل على وقف مجازرها في غزة.

في الأثناء، شارك عدد لافت من نواب حزب العمال في الاحتفال الرمزي برفع العلم الفلسطيني في لندن، في وقت أضحى فيه الموقف من غزة ودعم إسرائيل مثار جدل حزبي داخلي واسع، حيث تتسع دائرة الغضب في صفوف النواب المحسوبين على تيار أقصى اليسار مما يصفونه بتسامح حكومة ستارمر مع الانتهاكات الإسرائيلية وترددها في توصيف الجاري في غزة بالإبادة الجماعية.

مصدر الصورة كوربن دعا الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة والضغط على أميركا لإنهاء الحرب في غزة (الجزيرة)

ضغط مثمر

وبينما حضر قادة الحراك الاحتجاجي في بريطانيا بكثافة لمراسم رفع العمل الفلسطيني أمام ما أصبح رسميا سفارة فلسطين في بريطانيا، أجمع هؤلاء على أن ضغط الشارع على حكومة ستارمر قد أثمر أخيرا، رغم حملة التضييق ضد المتضامنين مع فلسطين والمقاومة الشديدة لما يعرف بالدولة البريطانية العميقة لأي موقف معاد لإسرائيل باعتبارها حليفا تاريخيا.

ويصر رئيس حملة التضامن مع فلسطين بن جمال على أن الاعتراف البريطاني بالدولة الفلسطينية يجب أن ينطلق من مبدأ احترام حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وأهليتهم لتحديد هوية الدولة التي يريدون إقامتها دون إملاءات أو شروط مسبقة من عواصم أوروبية لم تمتلك لعقود الجرأة السياسية للاعتراف بتلك الحقوق.

ويضيف بن جمال في حديث للجزيرة نت، أن إسرائيل غير عابئة بهذا الزخم الدبلوماسي الذي يحاول ردعها عن المضي في المزيد من قضم أراضي الفلسطينيين بشكل ممنهج وارتكاب جرائم إبادة ضد المدنيين، مشددا على أن هذا العناد الإسرائيلي مدعوم باستمرار من الحكومات الغربية كبريطانيا.

من جانبه يرى عدنان حميدان القائم بأعمال رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، إحدى الجهات المنظمة للمظاهرات الداعمة لغزة، أن الاعتراف لن يغير الكثير من موازين القوى على الأرض لكنه ذو قيمة سياسية يمكن استثمارها لتشكيل ضغط حقيقي على الاحتلال لجره للمساءلة ومحاسبته وملاحقته.

واعتبر حميدان -في حديثه للجزيرة نت- أن القرار يمنح الفلسطينيين ورقة سياسية يجب أن تترجم إلى قرارات عملية عبر وقف صادرات السلاح ودعم التحقيقات الدولية في جرائم الحرب الإسرائيلية، مؤكدا أن الاعتراف البريطاني بالدولة الفلسطينية لا يقدم حلا جذريا لقضية الاحتلال لكنه يعد خطوة في اتجاه إنهائه.

مصدر الصورة وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني أكد أن بلاده اتخذت خطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية دعما لحل الدولتين (الجزيرة)

خسارة معركة الرواية

وفي حين كان عشرات النشطاء يراقبون رفع العلم الفلسطيني في لحظة ضجت بالتعاطف وسط إجراءات أمنية مشددة، كان طيف من وسائل الإعلام البريطانية والدولية على اختلاف توجهاتها حاضرا للتأريخ لهذا الحدث الاستثنائي في زقاق ضيق حيث مقر البعثة الفلسطينية التي لم يظن كثيرون أنها ستتحول إلى سفارة معترف بها في يوم من الأيام.

إعلان

ويرى محمد أمين، الناشط الفلسطيني ورئيس تحرير موقع عرب لندن أن إجبار الحكومة البريطانية على الاعتراف بدولة فلسطين يمثل خسارة كبيرة لإسرائيل في معركة الرواية ومكسبا للفلسطينيين الذين نجحوا في حشد دعم دولي غير مسبوق.

وأشار أمين -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن اللوبي الصهيوني في الدول الغربية وفي مقدمتها بريطانيا فشل في تسويق سرديته عن حرب الإبادة التي يخوضها ضد المدنيين في قطاع غزة باعتبارها حربا ضد الإرهاب، لا بفضل حركة التضامن الأوروبية الواسعة مع الفلسطينيين فحسب، بل بعد صمود أطفال غزة الجوعى ومقاومة نسائها ورجالها.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا