آخر الأخبار

ماذا بعد فرض الاحتلال تصاريح دخول قرى شمال غرب القدس؟

شارك





بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إصدار بطاقات خاصة وتصاريح دخول لأهالي قرية النبي صموئيل وحي الخلايلة (شمال غرب مدينة القدس المحتلة) وستصدر التصاريح تباعا لأهالي قرية بيت إكسا، وذلك بعد تصنيفها "مناطق تماس" بداية سبتمبر/أيلول الجاري.

ولا يعيش سكان هذه المناطق حياة طبيعية منذ تطويقهم بالجدار العازل الذي بدأت إقامته منذ 2002، ونصب حواجز عسكرية دائمة تؤدي إلى قراهم وأحيائهم.

ووصف السكان واقعهم قبل هذا الإعلان بالقاتم ومستقبلهم بعده بالأكثر قتامة، خاصة في ظل ما تشهده قرى شمال غرب القدس من حملة انتقامية بعد وقوع عملية إطلاق النار التي نفذها شابان ينحدران من هذه المنطقة في حي "راموت" الاستيطاني بالقدس في الثامن من الشهر الجاري، والتي أدت إلى مقتل 7 إسرائيليين وجرح 17 آخرين.

عزلة قسرية

الجزيرة نت تحدثت مع رؤساء بلديات القرى الثلاث المستهدفة بالإجراء الجديد، وقال مراد الكسواني رئيس بلدية بيت إكسا إن القرار الجديد يشمل ألفي مواطن يعيشون في القرية على مساحة 650 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع) بعد مصادرة 7 آلاف دونم لصالح المستوطنات المحيطة بالقرية، وتصنيف 6 آلاف و500 دونم أخرى كمناطق "ج" يُمنع البناء عليها.

وتقدر مساحة بيت إكسا التاريخية بـ14 ألفا و221 دونما، ولم يسمح لسكانها بالتوسع سوى على مساحة 650 دونما، ولم تكتفِ إسرائيل بذلك، بل تعمدت وضع حاجز عسكري على مدخل القرية لا يُسمح بعبوره سوى لمن يكون عنوانهم على بطاقة الهوية الشخصية بيت إكسا منذ عام 2013 "واليوم تُملى علينا قرارات جديدة تزيد من عزلتنا" كما قال الكسواني.

وأوضح رئيس البلدية أن أكثر الفئات تضررا هم من يضطرون لمغادرة القرية والعودة إليها يوميا من طلبة مدارس وجامعات وعمال وموظفين، ويبلغ عدد هؤلاء ألف مواطن، مشيراً إلى أن البطاقة الممغنطة التي ستُسلم للسكان كُتب عليها "مبيت في منطقة يهودا والسامرة-منطقة تماس".

إعلان

ووفقا للقرار الجديد، فإنه لن يسمح بدخول أي شخص إلى بيت إكسا سوى من لديه هذه البطاقة المرفقة بتصريح دخول خاص، ولم يدخلها منذ عام 2013 حتى بداية الحرب الحالية في أكتوبر/تشرين أول 2023 أحد سوى بترتيبات معينة على الحاجز العسكري الجاثم على أراضي القرية، والذي يُمنع أحد من اجتيازه منذ عملية "راموت" سوى السكان.

وقد أحدث القرار الجديد ضجّة بين هؤلاء الذين يجهلون تفاصيل مستقبلهم القريب، وتنهال عشرات الاتصالات يوميا على رئيس البلدية للاستفسار عن صلاحيات هذه البطاقة والتصريح، وجميعهم يسأل: هل سنتمكن من دخول القدس من خلال هذا التصريح أم لا؟

التفاصيل شحيحة

لا إجابات واضحة بشأن مصير هذه المناطق الثلاث بسبب شح المعلومات التي زُوّدت بها البلديات، لكن رئيس بلدية بيت إكسا أكد للجزيرة نت أن محاميا موكلا في قضية تتعلق بالحاجز العسكري أبلغه -بُعيد جلسة عقدت في المحكمة أواخر أغسطس/آب المنصرم- أن الجلسة أُرجئت حتى الشهر المقبل "بسبب تغييرات ستطرأ على المنطقة" وبعدما طرأت التغييرات الآن أبلغ المحامي الكسواني أن على السكان التوجه لاستلام بطاقاتهم الممغنطة وتصاريحهم حتى يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل كحد أقصى ليتمكنوا من دخول قريتهم والخروج منها.

في تصريح للجزيرة نت، يقول سامر عبد ربه رئيس بلدية الجيب، وهي القرية التي يتبع لها حي الخلايلة المستهدف بالإجراء ذاته، إن 700 مواطن يسكنون هذا الحي الذي عزله الجدار عام 2004 وسلخه عن القرية، وهو ضمن 6 آلاف دونم صودرت من أراضي الجيب، وما تبقى لأهلها هو 3 آلاف دونم ونيف.

ويضطر المواطنون لاجتياز حاجز عسكري لدخول حي الخلايلة وقرية النبي صموئيل، ويؤكد عبد ربه أنهم يتعرضون لمضايقات يومية، وسيتسلم هؤلاء بطاقة ممغنطة سارية المفعول لمدة 4 أعوام، في حين يسري مفعول تصريح دخول مناطق التماس لعام واحد، وتم توزيع التصاريح على أهالي هذا الحي وتلك القرية.

وأكد أمير عبيد رئيس بلدية النبي صموئيل أنه "تم تبليغنا عن طريق الارتباط الفلسطيني بصدور تصاريح على المنسق، وعلى السكان التوجه إلى قلنديا لاستلام بطاقات ممغنطة من أجل استمرارية العبور إلى القرية عبر حاجز الجيب، وهو المنفذ الوحيد المؤدي إليها".

وأشار عبيد إلى أن معاناة أهالي هذه القرية ممتدة منذ عام 1967، إلا أنها معزولة عن محيطها تماما منذ أكثر من عقدين، ولا يسمح سوى لسكانها بدخولها، مضيفا أن المساحة الإجمالية لأراضيها تقدر بـ3 آلاف و500 دونم، صادر الاحتلال الإسرائيلي منها قرابة ألفي دونم.

يقول الأكاديمي والباحث الفلسطيني بالشأن الإسرائيلي محمد هلسة إنه يجب الالتفات إلى أن إسرائيل استثمرت لحظيا من أجل تطبيق هذا الإجراء تحت الذريعة الأمنية في ظل العمليات التي نُفذت في الفترة الأخيرة، وأبرزها عملية "راموت" التي قدم منفذوها من منطقة شمال غرب القدس، ويتبع كل من حي الخلايلة وقريتي النبي صموئيل وبيت إكسا لهذه الجغرافية.

الردع بمزيد من القوة

وأشار هلسة -في حديثه للجزيرة نت- أن اليمين الحاكم في إسرائيل "عوّدنا عقب كل عملية أن يستثمر إلى الحد الأقصى في ارتداداتها، كالقيود على الحركة من فرض للطوق الأمني والتشريعات الأمنية، ويحاول اليمين تسويق ذلك كأدوات لردع الفلسطيني لطمأنة الجمهور الإسرائيلي الغاضب على عدم جلب الأمن، لأن فلسفته تقوم على أن ما لا يأتي بالقوة يأتي بمزيد من القوة مع الفلسطينيين".

إعلان

ولا يمكن عزل هذا السياق -وفقا لهلسة- عن سياق الاستثمار الإسرائيلي بعيد المدى، بمعنى أن تكريس هذا الواقع في القرى الثلاث خطوة تمهيدية لفرضه في بلدات أخرى، خاصة أنه يجري اليوم تركيب بوابات حديدية على مداخل معظم مدن وقرى المحافظات الفلسطينية بما فيها القدس.

وبالتالي بدلا من أن يأتي الموقف الإسرائيلي حادا لحظيا بحيث يشمل كل الجغرافية الفلسطينية، فإنه يأتي بشكل جزئي، وإذا فُرضت هذه الخطة على القرى الثلاث ومرت دون صدى يذكر، ستبحث إسرائيل عن جغرافيات أخرى في القدس وخارجها لفرض نفس الشروط عليها، وتدريجيا قد يفقد الفلسطينيون قدرتهم على الوصول إلى مسقط رأسهم تدريجيا ولاحقا يتم تهجيرهم.



خطة الطرد

"مع مرور الوقت تنفذ إسرائيل خطة الطرد دون أن تطلق عليها اسم الضم أو التهجير، بل مجرد إجراءات أمنية، لكن هذه القرى ستصبح تدريجيا خاوية لأن المزاج الإسرائيلي سيتحكم بمن يدخل أو لا يدخل تحت ذرائع أمنية، ومنع دخول الفلسطيني يعني منع التوسع العمراني والوجود البشري على المدى البعيد خاصة أن هذه مناطق محيطة بحدود بلدية القدس".

وهكذا يتحقق -وفقا لهلسة- شعار "أرض أكثر وعرب أقل" ويتحقق الضم وهو الهدف الإستراتيجي السياسي بعيد المدى الذي ترنو إليه إسرائيل، وربما لن يكون بعيد المدى.

يُذكر أن الاحتلال الإسرائيلي يطلق مصطلح "مناطق التماس" في الضفة الغربية على المناطق المحصورة بين الجدار العازل أو "السياج الأمني" وبين الخط الأخضر الفاصل بين الأراضي المحتلة عام 1948 وتلك التي احتُلت عام 1967.

وما تزال هذه الأراضي جزءا من الضفة الغربية من الناحية القانونية، لكنها باتت تقع داخل الجدار ويحتاج دخولها في حال كانت منطقة زراعية، أو الإقامة فيها -في حال كانت منطقة سكنية- إلى تصاريح خاصة من الجيش الإسرائيلي.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا أمريكا اسرائيل فلسطين

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا