حذر الكاتب الأميركي نيكولاس كريستوف من أن التوغل الروسي بطائرات مسيّرة في الأجواء البولندية، أمس الأربعاء، يمثل تصعيدا خطيرا واختبارا ثلاثي الأبعاد لمدى حزم حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومصداقية الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، وكفاءة القدرات الدفاعية الغربية أمام تهديد المسيّرات الرخيصة.
ويعتقد كاتب العمود المعروف في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز أن التوغل لم يكن عرضيا، بل مقصودا، إذ دخلت أكثر من 12 مسيّرة إلى بولندا، بينما لم تُسجّل أي منها في سلوفاكيا أو المجر أو دول مجاورة أخرى.
ويزعم كريستوف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينتهج أسلوب الاختبار المتدرج لمعرفة حدود رد فعل الغرب.
ويرى أن ما حدث مثلا في المقام الأول اختبار لمدى أخذ الناتو هذا الانتهاك لأراضي الحلف على محمل الجد.
وهنا حذر كريستوف من أن تجاهل التوغل سيشجّع روسيا على اتخاذ خطوات أعنف، هدفها الأساس ترهيب دول الناتو لحملها على التراجع عن دعم أوكرانيا ، كما فعل مع آخرين من قبل.
ويضيف أن ما حصل كان كذلك اختبارا للرئيس ترامب، فهل سيتمكن من الوقوف في وجه بوتين وفرض العقوبات الأكثر صرامة التي يتحدث عنها باستمرار؟ يتساءل الكاتب.
وهنا ينتقد المقال بشدة رفض ترامب تحميل روسيا أي مسؤولية حتى الآن عن الحادث، مذكّرا بسلسلة تهديدات أطلقها منذ يناير/كانون الثاني الماضي بفرض عقوبات "ساحقة" على موسكو ، ثم تجاهلها، مما جعل بوتين أكثر ثقة بضعف الرد الأميركي.
ويذكّر كريستوف ترامب بوعوده السابقة بعدم إطلاق "تهديدات فارغة"، داعيا إياه إلى الوفاء بها هذه المرة.
أما الاختبار الثالث الذي تمثله هذه الهجمة الروسية فيتعلق بالقدرات العسكرية الغربية.
ويعتبر كريستوف أن الناتو بحاجة عاجلة لتطوير أنظمة دفاعية منخفضة الكلفة لمواجهة أسراب المسيّرات، بدلا من الاعتماد على مقاتلات وصواريخ باهظة الثمن، بينما روسيا وأوكرانيا تسابقان الزمن في هذا المجال.
ويخلص الكاتب إلى أن منح بوتين "حصانة الأمر الواقع" سيكون الخيار الأسوأ، مؤكدا أن الرد يجب أن يكون مدروسا ورادعا يجعل كلفة هذا التوغل كبيرة بالنسبة لروسيا ويحول دون تكرار مثل هذه الهجمات، من دون الانزلاق إلى حرب أوسع قد تنطوي على مخاطر التصعيد النووي.
ومن بين خيارات الرد الأخرى -حسب رؤية كريستوف- تزويد كييف بمزيد من المعلومات الاستخباراتية والأسلحة لتمكينها من ضرب القواعد الروسية التي تنطلق منها المسيّرات، وتخصيص مزيد من الأصول الروسية المجمّدة لدعم الدفاعات الأوكرانية.