عمّان، الأردن ( CNN )-- لليوم الثالث على التوالي، أثار "تجنيد" مواطن أردني يدعى رائد صبري حماد للقتال في صفوف الجيش الروسي، تفاعلا واسعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن كشفت وسائل إعلام محلية تفاصيل "استدراجه" عبر إحدى قنوات تطبيق تيلغرام، في وقت لم تعلق فيه السلطات رسميًا حتى الآن على القضية.
ونشر موقع "عمّان نت" المحلي الإخباري، فيديو مدته 7 دقائق لزوجة الأردني حمّاد، سردت فيه ملابسات ما قالت إنه "فخ" تعرض له زوجها الخمسيني للالتحاق بصفوف الجيش الروسي للقتال، بدلا من الالتحاق بعمل إداري بحسب الاتفاق الأول مع الشركة في حسابها عبر التطبيق، والذي تديره إحدى السيدات الروسيات .
واتسعت حلقة التفاعل بعد تداول الفيديو الذي ناشدت فيه زوجة حمّاد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والحكومة الأردنية، التدخل لإعادة زوجها إلى البلاد، إذ نشر لاحقًا موقع "الدار" الإخباري المحلي، تقريرًا موسعًا حول كيفية استقطاب الشباب عبر التطبيق، بعد إجراء تجربة محاكاة حقيقية لإبرام عقد مع القائمين على الشركة التي قالت إنها متعاقدة مع وزارة الدفاع الروسية، وتقدم مزايا مالية كبيرة تصل إلى 300 ألف دولار أمريكي، مع إمكانية منح الجنسية الروسية .
ونشر موقع "الدار" صورًا للأردني حمّاد حصل عليها من خلال المراسلة عبر قناة "التجنيد" في تيلغرام، التي تضم 23 ألف مشترك، إلى جانب صور لمقاتلين آخرين بالزي العسكري.
وأفادت زوجة حمّاد في مقطع الفيديو المنشور سابقًا، بتلقي زوجها عرض عمل في "خدمة غير قتالية" لدى وزارة الدفاع الروسية، تشمل مهامًا مثل القيادة وتحضير الطعام، أو العمل في الخدمات العامة، لافتة أنه فوجئ بعد وصوله إلى روسيا، بنقله مباشرة من موسكو إلى جبهات قتال، ضمن صفوف مقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية، في مواجهة الجيش الأوكراني .
" حمّاد" الذي يبلغ من العمر 54 عامًا، بحسب زوجته التي امتنعت عن الإفادة بأية مستجدات حول القضية خلال اتصال أجرته CNN بالعربية معها، عاطل عن العمل ويعاني من أمراض مزمنة، إضافة إلى إصابته بالديسك، كما أن لديه 4 أبناء، أصغرهم يبلغ 13 عامًا.
وقالت زوجته خلال الفيديو، إنه تعرّض للاحتيال عبر قناة في تيلغرام، حيث تم إيهامه بأن ما سيُعرض عليه هو عمل إداري ضمن خط الدفاع، نظرًا لظروفه الصحية وسنه الذي لا يسمح له بالمشاركة في القتال .
وأشارت حمّاد إلى أن وضع العائلة المعيشي "كان صعبًا جدًا"، ما دفع زوجها للتقدم لهذه الوظيفة، على أمل أن يعمل لمدة سنة واحدة فقط لتحسين أوضاعه والعودة إلى بلاده.
وأضافت: "لم يخطر ببالنا أن العرض يشمل منح الجنسية الروسية، ومنزلًا مستقلًا مع قطعة أرض وراتبًا مدى الحياة... سافر زوجي في 15 أغسطس، وعندما وصل إلى موسكو، بدأوا بنقله من منطقة إلى أخرى، وكان برفقته شبان من جنسيات مختلفة، بينهم أردنيون في أعمار صغيرة".
وكشفت حمّاد أن زوجها الذي كان يتواصل معها بين الحين والآخر، طُلب منه التوقيع على عقد باللغة الروسية مُكوّن من 21 صفحة، اتضح لاحقًا أنه ينص على مشاركته في القتال ضد الجيش الأوكراني، وتم نقله إلى مناطق الاشتباك .
وأكدت زوجته أن حمّاد يعيش في حالة من الخوف والموت اليومي، ويحاول العودة لكن دون جدوى. كما يتم ابتزازه ماليًا أسبوعيًا، ويُفرض عليه دفع مبالغ معينة، مشيرة إلى حبسه انفراديًا لمدة 12 ساعة لرفضه تنفيذ المهام .
وحاولت CNN بالعربية الحصول على تعليق من الحكومة الأردنية على القضية، إلا أنه لم يصدر أي تعليق عام أو خاص عليها.
في سياق متصل، استبعدت مصادر مطلعة لـ CNN بالعربية، احتمالات خروج مجموعات "منظمة" أو "تنظيمات أردنية" للالتحاق بصفوف الجيش الروسي، وسط غموض بشأن أعداد الأردنيين الذين ربما التحقوا للعمل عبر الوسيلة ذاتها.
في هذه الأثناء، جرى تداول مقاطع فيديو عربية، عن شباب عراقيين التحقوا بصفوف الجيش الروسي ويقاتلون على خطوط المواجهة ضد الجيش الأوكراني، فيما دعا مراقبون السلطات الأردنية، إلى ضرورة متابعة المسافرين الأردنيين إلى موسكو، في ظل رصد حالة التنجيد لشبان عرب للقتال مع الجيش الروسي.
وقال الكاتب والمحلل السياسي الأردني البارز، ماهر أبوطير في صفحته الشخصية عبر فيسبوك، إن "سهولة السفر إلى موسكو اليوم ستفتح بوابات كثيرة في ظل مشاكل مالية يعاني منها كثيرون.. مثلما كنتم تسألون عن كل مسافر إلى تركيا وسورية ودول ثانية ولماذا يسافر، السؤال لابد أن يتجدد. تلك ليست حربنا، ولا مقدسة أيضًا"، مُوجهًا نصيحته "إلى الدولة الأردنية"، بحسب تعبيره .
وأبرمت الحكومة الأردنية في 20 أغسطس/ آب الماضي اتفاقا مع الجانب الروسي، يقضي بإلغاء اشتراطات الحصول على تأشيرات لمواطني البلدين، فيما كانت السلطات الأردنية قد أحالت مئات الأردنيين ممن التحقوا بجبهات قتال في سوريا في سنوات سابقة، إلى محكمة أمن الدولة الأردنية.