آخر الأخبار

هدم الأبراج.. 10 دقائق كفيلة بترك آلاف النازحين بلا مأوى

شارك

غزة- قبل ظهيرة يوم الجمعة، تلقى أحمد أبو جمعة النازح في برج مشتهى ب مدينة غزة اتصالا من ضابط المخابرات الإسرائيلية يطلب منه إخلاء الموجودين في البناية خلال 10 دقائق فقط.

حاول أبو جمعة أن يحصل على مزيد من الوقت كي يتمكن النازحون الموجدون في 16 طابقا من إخلائه من الأطفال والنساء وكبار السن وعدد من المصابين بإعاقات حركية وإخراج بعض أمتعتهم، إلا أن الضابط رفض ذلك وأصر على سرعة الابتعاد عن المكان المنوي قصفه، بما في ذلك مئات الخيام المنصوبة في محيطه.

وجاء اتصال ضابط المخابرات بعد وقت قصير من تهديد وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأنه "بدأ بإزالة القفل عن بوابات جهنم في غزة"، وأن الجيش سيزيد وتيرة عملياته حتى تقبل حركة حماس بشروط إسرائيل لإنهاء الحرب، وأعلن عن صدور أمر إخلاء لمبنى متعدد الطوابق في المدينة.

إخلاء فوري

وما إن أنهى أبو جمعة اتصاله مع ضابط المخابرات الإسرائيلية حتى هرع لإبلاغ أكثر من 76 عائلة تقطن في البرج وتضم ما يقرب من ألف شخص بضرورة الخروج فورا من المبنى، بينما تكفل آخرون بإبلاغ الخيام المحيطة بالمكان لمغادرتها.

هرع آلاف النازحين في الشوارع هربا من القصف القادم إليهم دون أن يتمكنوا من إخراج أي من أمتعتهم التي حملوها معهم من نزوح لآخر، وكانت المشاهد الأقسى بإخلاء المسنين والمعاقين الذين لا يقوون على الحركة.

يقول أبو جمعة، في حديث للجزيرة نت، إن طائرات الاحتلال قصفت البرج بعد ما يقارب 20 دقيقة بدفعة من الصواريخ وبقي المبنى واقفا، لكن بعد عدة دقائق أعادت دكه بصواريخ أحدثت انفجارات ضخمة هزت مدينة غزة، ووصل صداها لمحافظات أخرى من القطاع، وأدت لتحويل المبنى الأعلى ارتفاعا في غزة إلى كومة ركام، دُفن تحتها جميع ممتلكات النازحين فيه.

ولم تسلم الخيام المحيطة ببرج مشتهى من القصف الذي دمر 50 خيمة بشكل كامل، و100 أخرى تمزقت أقمشتها، بينما بات أكثر من ألف نازح في الشارع دون أي أمتعة أو أغطية، وتركوا وحدهم يواجهون مصيرهم.

إعلان

يذكر أن البرج ذاته -الذي تم بناؤه في عام 2007- قد تعرض لتدمير جزئي بعدما قصفت طائرات الاحتلال الطوابق العلوية منه في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.

مصدر الصورة أكثر من ألف نازح تضرروا بسبب قصف البرج وباتوا دون أي أمتعة أو أغطية (الجزيرة)

دون مأوى

بعد 700 يوم من الحرب على غزة، عاد الجيش الإسرائيلي للنهج ذاته في تدمير الأبراج السكنية تمهيدا لتوسيع العملية في مدينة غزة، وهو النهج الذي اتبعه مع بداية العدوان على القطاع، إذ دمر معظم البنايات المرتفعة في وقت مبكر من الحرب.

وتسرد مريم البرش جزءا من مأساة نزوحها الحادي عشر خلال الحرب، حيث اضطرت قبل 3 أسابيع لمغادرة منزلها من بلدة جباليا بعد تعرضها لقصف عنيف، وانتقلت إلى حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، قبل أن تضطر قبل عدة أيام للنزوح مرة أخرى بسبب امتداد رقعة القصف الجوي، وتستقر في برج مشتهى.

وتقول البرش، للجزيرة نت، إنها شعرت بالرعب فور تلقيها خبر إخلاء البرج الذي اتخذت من الطابق السابع منه مأوى لها، مما دفعها برفقة 20 من أفراد أسرتها للتعاون في إخراج مسنة لا تقوى على الحركة.

تروي البرش أهوالا شهدتها في دقائق محدودة، عندما اضطر المئات من سكان الطوابق العلوية للنزول لمرة واحدة فقط، حيث لم يمنحهم جيش الاحتلال الوقت الكافي للعودة مرة أخرى لإخراج ولو جزءا من احتياجاتهم.

ذرفت مريم الدموع على مشهد الأطفال وهم يبكون في أحضان أمهاتهم، والمسنين الذين انشغل أبناؤهم في إخراجهم، والمصابين الذين لم يقووا على الحركة إلا بمساعدة ذويهم، وكل هذا كان يجب أن يتم خلال دقائق فقط قبل أن يسقط البرج على رؤوسهم.

غادرت مريم وأسرتها المبنى، دون أن يتمكنوا من إخلاء فراشهم وأمتعتهم الأساسية، وباتوا ليلتهم في بقايا خيمة على شاطئ بحر غزة.

ولم يكن محمد عطية أحسن حالا إذ لم يمكث سوى 3 أيام داخل البرج بعد محطات نزوح متعددة من شمالي قطاع غزة ، ووصل إخطار تدمير البرج أثناء وجوده في عمله، حينها هرع إليه مسرعا، لكن صواريخ الاحتلال سبقته إلى المبنى وحولته إلى ركام.

غادر أبناء عطية برج مشتهى قبل لحظات من تدميره، وخرجوا دون شيء يبحثون عن مأوى بديل، لكنهم لم يجدوا سوى شاطئ البحر ملجأ لهم، كما يقول للجزيرة نت.

تعب عطية من مرارة النزوح، وفقد كل ما يملكه بعدما دمر الاحتلال منزله في شمال غزة، ومن ثم لاحقته قوات الاحتلال على ما استطاع توفيره مؤخرا من الحد الأدنى للمعيشة.

دمار واسع

ومع تكثيف الجيش الإسرائيلي تدمير المباني السكنية المرتفعة، تكرر المشهد ذاته الذي حدث في برج مشتهى مع أبراج أخرى، في إطار محاولات الاحتلال لتهجير سكان مدينة غزة.

وحول ذلك يقول محمود بصل المتحدث باسم الدفاع المدني للجزيرة نت إن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم سياسة تدمير البنايات في القطاع منذ بداية الحرب، ورفع من مستوى ذلك في الأشهر الأخيرة، مما أدى لتسوية عشرات آلاف المباني بالأرض خاصة في مناطق الزيتون و التفاح و الشجاعية وجباليا، حيث وصلت نسبة الدمار فيها إلى 100%.

وتطرق بصل، في حديث للجزيرة نت، إلى عودة الاحتلال لتدمير الأبراج السكنية، مما يشكل مأساة حقيقة، نظرا لاحتواء كل منها على أكثر من 60 شقة، مما يعني أن تدمير كل بناية يترك أكثر من ألف شخص دون مأوى.

إعلان

وأوضح أن كل الخيارات أمام المواطنين باتت صعبة جدا، في الوقت الذي يدفع فيه الاحتلال سكان غزة للنزوح بهدف تهجيرهم من المدينة بالقتل والتدمير.

وطال الدمار الذي خلفته الحرب الإسرائيلية أكثر من 90% من مساحات قطاع غزة، حيث دمر الاحتلال أكثر من 268 ألف وحدة سكنية بشكل كامل، و148 ألف وحدة بشكل بليغ لم تعد صالحة للسكن، و153 ألف وحدة لحقت بها أضرار جزئية، مما ترك أكثر من 290 ألف أسرة فلسطينية بدون مأوى، وذلك حسب آخر إحصائية صادرة عن الجهات الحكومية في غزة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا