في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
كييف- بينما يترقَّب الأوكرانيون والعالم قمة ألاسكا بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين ، يستعر القتال بين القوات الأوكرانية والروسية على جبهات مقاطعة دونيتسك جنوب شرق أوكرانيا ، كما لم يكن في أي وقت مضى.
وأعلنت السلطات الأوكرانية المحلية قبل أيام بدء عملية إجلاء قسري للسكان عن 19 تجمعا سكنيا في محيط مدينة ليمان، حيث يقع واحد من أبرز محاور الجبهة.
المدينة التي تحررت في سبتمبر/أيلول 2022 عادت مؤخرا إلى دائرة الخطر، ومعها تقصف بصورة يومية كل المدن الرئيسية الخاضعة للسيطرة الأوكرانية في المقاطعة، مثل كونستانتينيفكا وكراماتورسك وسلوفيانسك.
وإلى جانب دونيتسك، كثَّفت روسيا قصفها على مدن مقاطعات زاباروجيا و خيرسون ، التي ضمتها واعتبرتها -إلى جانب دونيتسك ولوهانسك- جزءا من أراضيها، بعد استفتاء مثير للجدل نظمته في سبتمبر/أيلول 2022.
وفي زاباروجيا (جنوب شرق البلاد)، تقول قيادة قوات المنطقة الجنوبية إن روسيا تحشد قوات إضافية في منطقة كامينسكا داخل الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، استعدادا لهجوم بري واسع متوقع خلال أسابيع.
وفي خيرسون (جنوبا)، تقصف يوميا المدينة المنقسمة عمليا بين سيطرة الروس والأوكرانيين، والقصف مؤخرا قطع الأوصال بين بعض أحيائها، كما استهدف خطوط الكهرباء المؤدية إليها من مقاطعة ميكولايف المجاورة.
وبحسب قيادة قوات المنطقة الجنوبية، فإنه بالإضافة إلى ضربات المدفعية والقنابل الجوية الموجهة، تتعرض خيرسون يوميا لنحو 370 هجوما بالمُسيَّرات، بينما تراوح الرقم بين 200-250 قبل أسابيع قليلة.
وبعد سيطرة روسيا على كامل مقاطعة لوهانسك، خفَّف تركيزها على قصف المقاطعات الثلاث السابقة ما كانت تعانيه خاركيف وسومي وباقي المقاطعات الأوكرانية، والأمر ارتبط أولا بالمهلة التي منحها ترامب لبوتين، ثم بالقمة التي ستجمع بينهما في 15 أغسطس/آب الجاري، بحسب خبراء.
ورأى رئيس تحرير موقع "الرقابة" يوري بوتوسوف -في حديث للجزيرة نت- أن "إقليم الدونباس الذي يضم مقاطعتي دونيتسك ولوهانسك أول وأهم أهداف حرب بوتين. منذ 2014 وحتى اليوم، لم يستطع الروس السيطرة إلا على 55% من أراضي دونيتسك، وهذا فشل كبير يحاول بوتين تداركه قبل الخضوع للعقوبات أو الاضطرار لوقف الحرب".
ويضيف "لم يغير الروس مطالبهم الرئيسية، يريدون انسحاب أوكرانيا من دونيتسك وزاباروجيا وخيرسون بالكامل، لينعموا بطريق بري آمن يصلهم ب القرم المحتل في الجنوب. لهذا ركزوا عمليات القصف على تلك المقاطعات مؤخرا، لتحقيق مكاسب ميدانية بأسرع وقت ممكن، تحت غطاء المفاوضات وفرص السلام".
وبينما يؤكد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي أن بلاده لن تتخلى عن أراضيها، ولن تعطي روسيا أي "هدايا أو ميزات" لترضى، يحذِّر مراقبون من "مناورة خبيثة" تقوم بها موسكو.
من جهته، يقول رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا"، فولوديمير فيسينكو، للجزيرة نت "تدرك روسيا أن مطالبها لن تكون مقبولة في أوكرانيا، مهما كانت أو تغيرت، وعلى هذا الأساس تريد إثارة غضب ترامب تجاه أوكرانيا من جديد، ليلقي اللوم عليها، ويتهمها بتعطيل عملية السلام، ثم يهددها بقطع المساعدات".
وبرأي فيسينكو "توقع كثيرون أن تفرض الولايات المتحدة عقوبات قاسية على روسيا وشركائها بنهاية المهلة التي منحتها لبوتين في الثامن من أغسطس/آب، لكن هذا لم يحدث، بل على العكس". وترامب "المتقلب" تحدث عن "فرصة سلام جديدة"، و"أعتقد أنه سقط ضحية مناورة جديدة وخبيثة يقوم بها الروس".
ولهذا السبب وغيره، سقف التوقعات من القمة المرتقبة ليس عاليا في أوكرانيا، حتى وإن عبَّرت عن ذلك بعض الآراء والتصريحات الرسمية.
من ناحيتها، قالت سفيرة أوكرانيا في الولايات المتحدة، أوكسانا ماركاروفا، إنها "واثقة من أن واشنطن ستتصرف من موقع قوة، وستجد إلى جانب أوكرانيا حلا لوقف العدوان الروسي".
لكن عضو لجنة الدفاع في البرلمان الأوكراني، يوري فيدورينكو، يقول للجزيرة نت "عندما اتفقنا على السلام مع الروس بحضور الألمان والفرنسيين في 2015، كانت قواتهم تُصعِّد كما يحدث اليوم، وبعدها لم يلتزموا بأي اتفاق، لا في إطار اتفاقيات رباعية النورماندي حينها، ولا في إطار اتفاقيات مينسك ، ولم تتدخل الدول الوسيطة لتغير هذا الواقع".
ويضيف "بالتزامن مع المفاوضات والحديث عن السلام، يرسل الروس مئات الجنود إلى بيلاروسيا، دعونا لا ننسى أن الحرب بدأت من هناك، وأن كل المناورات هناك قد تتطور إلى هجوم جديد على كييف ".
لهذا يعتبر فيدورينكو أنه يجب التركيز على قوة وصمود الجبهة أثناء عملية التفاوض، ويقول "نحن نقاتل وحشا مفترسا وخبيثا، وندرك أن المواجهة ستستمر ما دام هذا الوحش يتنفس".
وإضافة إلى ما سبق، ينهمك معظم المسؤولين الأوكرانيين، وكثير من القادة الأوروبيين أيضا، بالتأكيد على أن أي قرار حول أوكرانيا يجب أن يكون بمشاركة أوكرانيا.
ويخشى كثيرون أن يتخذ ترامب قرارات تضع أوكرانيا تحت الأمر الواقع، وألا يأخذ كل مصالح كييف وأوروبا بعين الاعتبار وعلى محمل الجد.
وفي السياق، قال مركز مكافحة التضليل التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية، في بيان، إن وسائل الإعلام الروسية تروج بشكل منهجي لادعاءات كاذبة، مفادها أن كييف تطرح مطالب غير واقعية لأنها لا ترغب بتحقيق السلام، وأن أمر أوكرانيا ومصيرها ليس بيدها، بل بناء على ما سيتفق عليه بوتين وترامب في ألاسكا.