"ميغا".. حملة تحريض رقمي ضد إيران أطلقتها تغريدة لترامب

على مدى 12 يوما، واجهت إيران هجمات جوية إسرائيلية ثم ضربة أميركية، استهدفت منشآتها النووية ومقراتها العسكرية وبنيتها التحتية، تزامن معها دعوات علنية لتحريض الشعب الإيراني لإسقاط النظام الحاكم، بدأها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، وكررها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، وتلقفتها شخصيات تابعة للمعارضة الإيرانية بالخارج.

ولم تتوقف تلك الدعوات على الخطابات السياسية، لكنها امتدت لمنصات التواصل، حيث تعالت تلك الدعوات عبر حسابات وجهات مختلفة، وعبر وسوم منسقة، وحملات منظمة.

وكان من بينها وسم "ميغا" (MIGA) -وهو اختصار لعبارة (Make Iran Great Again) بمعنى "اجعلوا إيران عظيمة مجددًا"– والذي انتشر على منصة إكس، منذ 23 يونيو/حزيران، وتحديدا بعد تصريح للرئيس الأميركي عبر منصته الخاصة "تروث سوشيال" قال فيه "إذا كان النظام الإيراني الحالي عاجزًا عن أن يجعل إيران عظيمة مجددًا، فلماذا لا يكون هناك تغيير للنظام؟".

مصدر الصورة

ورغم أن الوسم عاد للواجهة في يونيو/حزيران 2025 بالتزامن مع تصاعد الصراع الإيراني-الإسرائيلي، فإن جذوره تعود إلى سنوات سابقة، وتحديدًا خلال الولاية الأولى لترامب (2017–2021)، حين استخدمته بعض مجموعات المعارضة الإيرانية، شعارًا للمطالبة بإسقاط النظام.

واحتفت الحسابات الإيرانية المعارضة والمساندون لها من الحسابات الإسرائيلية والأميركية بانتشار الوسم، مدعين أنه حظي بمئات آلاف التفاعلات رغم تعطيل الإنترنت في إيران، معتبرين رواج الوسم دليلا على تأييد داخلي كبير.

ويقدّم هذا التقرير تحليلا لمحتوى التغريدات والمنشورات تحت وسم (MIGA) "ميغا"، مع التركيز على الروايات الرئيسية التي قام عليها، وأبرز الحسابات التي روّجت للوسم، وكشف حملات الترويج الرقمي المنسقة.

تبرير للهجمات الإسرائيلية

وحرصت الحسابات المشاركة في وسم "ميغا" على تمجيد الضربات الإسرائيلية الأميركية بوصفها طريقا لـ"تحرير إيران"، حيث انتشرت تغريدات عبر الوسم تعتبر الهجمات الجوية الإسرائيلية والأميركية على إيران تطورًا إيجابيًّا يُضعف النظام ويمهد الطريق أمام الشعب الإيراني لاستعادة بلاده.

وزعمت التغريدات أن الضربات تستهدف النظام وأذرعه القمعية حصرًا وليس المدنيين، خلافا للضربات المثبتة ضد الأماكن المدنية والتي خلفت عددا كبيرا من الضحايا، كما أشاد المشاركون بالجيش الإسرائيلي وضرباته في مختلف أنحاء البلاد.

ونشرت الحسابات تغريدات حول التعاون الممكن بين إسرائيل وإيران، وعمق العلاقة التاريخية بينهما، والتي تأثرت بوجود النظام الحالي.

وتبنت الحسابات المشاركة في الوسم الدعوة الصريحة إلى تغيير النظام في طهران، ودعت الشعب لمناهضة نظام الجمهورية الإسلامية وتصويره كعائق أمام "عظمة إيران".

كما حرصت الحسابات على نشر مقاطع قديمة من احتجاجات ضد النظام، وفيديوهات اعتبروها دليلا على فساد النظام وقمعه.

الترويج لنظام الشاه

تصدر ضمن الوسم، نشر صور قديمة من فترة حكم الشاه لإيران، ورفع العلم الإيراني القديم (علم حقبة الشاه)، وكررت الحسابات بعض التعليقات والفيديوهات من إيران قبل ثورة 1979.

ونشر المستخدمون، مقاطع وتغريدات، تدعم بشكل مباشر حفيد الشاه، محمد رضا بهلوي ، والذي يقدم نفسه كبديل للنظام الحالي.

أبرز الحسابات

تركز النشاط تحت وسم "ميغا" بين شبكات محددة من المستخدمين، فقد برزت حسابات مؤثرة نشرت الوسم عقب خطاب ترامب مباشرة، فيما يلي أبرز فئات الحسابات والأمثلة البارزة منها:

أولا: شخصيات سياسية رسمية مقرّبة من ترامب:

يأتي في المقدمة الرئيس دونالد ترامب نفسه الذي أطلق الشعار عبر منشور على منصة "تروث سوشيال"، بالإضافة لذلك ساهم مسؤولون سابقون في إدارته وشخصيات من دائرة المحافظين الأميركيين في الترويج له.

على سبيل المثال، لين خودوركوفسكي (مستشار سابق والمبعوث الأميركي لإيران) الذي كرر الوسم عبر حسابه، وكذلك إيلي كوهنيم (المبعوثة الأميركية السابقة لمكافحة معاداة السامية) التي أعادت نشر سرديات مختلفة داخل الوسم.

حسابات قادة المعارضة الإيرانية في المنفى:

كما لعبت شخصيات المعارضة الإيرانية دورًا بارزًا في دعم وسم "ميغا"، وعلى رأس هؤلاء رضا بهلوي نجل شاه إيران السابق، الذي يُعتبر وجهًا قياديًّا لحركة إسقاط النظام.

فقد تفاعلت حسابات رضا بهلوي الرسمية وحسابات مكتبه الإعلامي مع موجة "ميغا"، حيث أعادت التذكير برسائله عن قرب سقوط النظام ووعده بإعادة بناء إيران.

وبعد دقائق من منشور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، نشر رضا بهلوي جزءا من مقابلة له كرر خلالها الكلمة نفسها، وفي اليوم التالي، عقد بهلوي مؤتمرًا صحفيًّا في باريس، كرر فيه دعوته الغرب إلى "دعم صريح لتغيير النظام"، عارضًا قيادة مرحلة انتقالية نحو الديمقراطية.

يظهر خلف رضا بهلوي في المؤتمر، العلم الإيراني القديم (أسد الشمس)

هذا التناغم بين خطاب بهلوي وشعار ترامب جعل الكثير من المؤيدين يعتبرون بهلوي المستفيد الأول من "ميغا". وبالفعل حفلت التغريدات بذكر حساب رضا بهلوي واقتباس تصريحاته.

حسابات إسرائيلية تدخل على الخط

كما كان لافتًا خلال تحليل الشبكة الرقمية للوسم، ظهور عدد من الحسابات الإسرائيلية أو المؤيدة لإسرائيل التي شاركت في دعم الخطاب المروج لتغيير النظام الإيراني.

ولم يقتصر دور هذه الحسابات على التفاعل العابر، بل ساهم بعضها بشكل فعّال في تعزيز الرسائل السياسية الموجهة ضد النظام الإيراني، وربط شعار "ميغا" بسرديات "تحرير إيران" و"مستقبل جديد للمنطقة" يخدم الرؤية الإسرائيلية.