آخر الأخبار

بين مطرقة "الحريديم" وسندان الشارع... هل يصمد نتنياهو؟

شارك
رئيس الوزراء الإسترالي بنيامين نتنياهو

في قلب دوامة سياسية جديدة تعصف بإسرائيل، يجد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه أمام اختبار ربما يكون الأصعب في مسيرته الطويلة، بعد تفجّر أزمة داخل ائتلافه الحاكم.

فبعد أن نجح مرارا في تأجيل الأزمات الداخلية، بات نتنياهو الآن محاصرا بأزمة مركبة تتفجر من داخل ائتلافه الحاكم، إثر تمرد صريح من أحد أعمدته، حزب "شاس"، الذي أعلن دعمه حلّ الكنيست والتوجه لانتخابات مبكرة.

وتأتي هذه التطورات في لحظة دقيقة من تاريخ إسرائيل، وسط أزمات إقليمية متفاقمة، وضغوط أميركية غير مسبوقة، وانقسام داخلي حاد حول قضية حساسة تتعلق بإعفاء "الحريديم" من الخدمة العسكرية.

فهل ينجح نتنياهو في تأجيل الانفجار مرة أخرى، أم أن الأربعاء المقبل سيكتب نهاية ائتلافه الهش، ويدشن مرحلة سياسية جديدة قد تعيد رسم الخريطة الإسرائيلية بالكامل؟

انقسام عقائدي يتفجر في قلب الحكومة

القضية التي تفجرت حولها الخلافات والمتمثلة في إعفاء المتدينين اليهود "الحريديم" من الخدمة العسكرية، ليست جديدة، لكنها عادت للواجهة بزخم قوي، وباتت تشكل تحديا وجوديا لحكومة نتنياهو.

الصحفي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية نظير مجلي، قدّم خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على "سكاي نيوز عربية"، قراءة دقيقة للمشهد، قائلا: "نتنياهو حاول بكل الوقت أن يؤجل تفجير هذا الصراع، لكنه لم ينجح كما يبدو".

وأضاف مجلي أن الأحزاب الدينية وصلت إلى قناعة أن رئيس الحكومة لم يبذل الجهد اللازم لحماية حقوقهم في رفض الخدمة العسكرية، ولذلك اتخذوا موقفا متشددا.

وهذه المرة، يبدو أن رجال الدين داخل حزب " شاس" وحلفائه من "الحريديم"، لم يعودوا يثقون في قدرة نتنياهو على ضمان مصالحهم، وهو ما دفعهم إلى رفع سقف المواجهة، وصولا إلى التهديد بحلّ الكنيست.

خلاف بنيوي يهدد بانهيار المعادلة الديمغرافية في الجيش

ما يلفت الانتباه في هذا الصراع، كما يوضح مجلي، أن القضية لم تعد مجرد خلاف قانوني أو ائتلافي، بل باتت تتعلق ببنية الدولة نفسها، إذ يشمل الإعفاء الذي تطالب به الأحزاب الحريدية يشمل ما يقارب 20 بالمئة من المجتمع الإسرائيلي، يُضاف إليهم المواطنون العرب وآخرون بنسبة 20 بالمئة، ما يعني أن أكثر من 40 بالمئة من سكان إسرائيل سيبقون خارج منظومة الخدمة العسكرية، تاركين عبء الدفاع الوطني على الكتفين المجهدين للعلمانيين.

وحذّر مجلي من التداعيات بعيدة المدى لهذا الاتجاه، قائلا: "نتحدث عن شيء بنيوي، شيء يؤسس لمرحلة قادمة فيها إعفاء لنسبة كبيرة من المجتمع الإسرائيلي".

وأشار إلى أن ذلك يُضعف الجيش الإسرائيلي في وقت يطالب فيه المجتمع بتوسيع نطاق التجنيد لمواجهة التحديات الأمنية المتفاقمة، لا سيما على الجبهتين الإيرانية واللبنانية.

نتنياهو لعبة رقعة شطرنج معقدة: بين دعم "الحريديم" وغضب الشارع

الواقع أن لدى نتنياهو أغلبية برلمانية تمكّنه من تمرير قانون يُفصّل على مقاس " الحريديم"، لكنه يدرك أن ذلك سيفتح عليه أبواب جهنم من الشارع الإسرائيلي، لا سيما من القوى العلمانية التي ترى في هذا الإعفاء طعنة في صميم مبدأ "المساواة في الواجبات الوطنية".

وأوضح مجلي أن رئيس الوزراء "يستطيع أن يفرض القانون الذي يريده لكن سيواجه ثورة من أولئك الذين يخدمون في الجيش من العلمانيين"، محذرا من أن "هؤلاء لن ينسوا له مثل هذه الضربة".

وأضاف: "المعارضة تقول إن أعداء إسرائيل يتمتعون برؤية البلاد تحت هذه القيادة، التي تدمر الدولة".

الأربعاء الحاسم... والألاعيب البرلمانية لا تنقذ دائما

رغم التصدعات الواضحة، لا يزال نتنياهو يحاول كسب الوقت، كما جرت عادته، عبر استخدام أدواته البرلمانية المعهودة، التأجيل والمناورة وإغراق الكنيست بسيل من القوانين الثانوية.

ووفق مجلي فإن "نتنياهو يحاول أن يؤجل الموضوع إلى الأربعاء القادم"، مؤكدا أن "هناك 55 قانونا ستُبحث قبل الوصول إلى قانون إعفاء الحريديم، وهو ما يعني أن المعركة الحقيقية ربما تُرحّل مجددا، لكن إلى متى؟ ومع كل تأجيل، تزداد الشكوك حول قدرة نتنياهو على الاستمرار في ضبط إيقاع ائتلافه المتشظي".

واشنطن تدخل على الخط... الخوف من فراغ حكومي في زمن المواجهة

الجديد في هذه الجولة من الأزمة هو التدخل الأميركي غير المباشر، حيث اجتمع السفير الأميركي في إسرائيل مؤخرا، حسبما كشف مجلي، مع "خمسة من كبار القادة الدينيين في الأحزاب الدينية"، لحثهم على عدم الدفع نحو انهيار الحكومة.

ونبههم السفير بحسب مجلي، من أن "الولايات المتحدة لن تستطيع دعم إسرائيل إذا دخلت في معركة انتخابية جديدة، في ظل وجود خطر حرب مع إيران أو تصعيد مع الحوثيين".

ويعكس التدخل الأميركي قلقا استراتيجيا من فراغ حكومي في إسرائيل في لحظة إقليمية متفجرة.

المعارضة ترد بالشارع والإعلام: هذا ليس وقت التردد

في المقابل، تسعى المعارضة الإسرائيلية إلى استثمار هذه اللحظة عبر تكثيف الهجوم على الحكومة، والتأكيد على أن استمرار نتنياهو في الحكم بات عبئا على الدولة.

المعارضة، بحسب مجلي، "تحاول أن تقنع الشارع بأن هذه القيادة تعزل إسرائيل وتُسيء لصورتها في العالم، عبر سياسات القمع تجاه الفلسطينيين".

خطاب المعارضة بات أكثر راديكالية، ويخاطب جمهورا متزايدا من الإسرائيليين الذين يشعرون أن حكومة نتنياهو فقدت البوصلة الأخلاقية والمؤسساتية.

بين بقاء هش وسقوط وشيك

في قلب العاصفة السياسية التي تضرب إسرائيل، يقف نتنياهو كمن يحاول تثبيت خيمة تتقاذفها الرياح من كل صوب.

فالأزمة الراهنة، المتفجرة حول تجنيد "الحريديم"، ليست مجرد معركة قانونية أو خلاف ائتلافي، بل هي تجسيد لانقسام عميق في هوية الدولة ومسارها المستقبلي.

ورغم محاولات التأجيل والمناورة، فإن مؤشرات التفكك تتراكم، والمعارضة تتأهب، والشركاء الدينيون يلوّحون بورقة الرحيل.

الأربعاء القادم قد يكون نقطة التحوّل، لكن الحقيقة الأهم أن إسرائيل دخلت لحظة مفصلية تتجاوز مصير نتنياهو، نحو إعادة طرح سؤال: من يحكم، وكيف، ولمصلحة من؟

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا