من المقرر أن يصوت مجلس الأمن الدولي الأربعاء، على مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى أنحاء قطاع غزة، بحسب وكالة رويترز.
في حين بدأت المساعدات تدخل ببطء إلى القطاع، وسط فوضى وسقوط قتلى وجرحى، بعدما رفعت إسرائيل حصاراً استمر 11 أسبوعاً على القطاع، فيما تلوح المجاعة في الأفق.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، الثلاثاء، "هذا أمر غير مقبول.. يخاطر المدنيون بحياتهم، ويفقدونها في حالات كثيرة، وهم يحاولون فقط الحصول على الطعام". وأضاف أن نظام توزيع المساعدات الذي تدعمه الولايات المتحدة وإسرائيل "كارثة محققة، وهذا بالضبط ما يحدث".
ويطالب مشروع القرار الجديد، ويُطرح للتصويت الأربعاء عند الساعة الثامنة مساء بتوقيت غرينتش، بـ "وقف إطلاق نار فوري وغير مشروط ودائم" وبالإفراج غير المشروط عن الرهائن.
كذلك، يُسلّط مشروع القرار الضوء على "الوضع الإنساني الكارثي" في القطاع، ويدعو إلى الرفع "الفوري وغير المشروط لكل القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وتوزيعها بشكل آمن ومن دون عوائق على نطاق واسع"، بما في ذلك من قِبَل الأمم المتحدة.
ويعتبر هذا التصويت الأول للمجلس المكون من 15 عضواً حول هذه القضية منذ نوفمبر/ تشرين الثاني، عندما عطلت الولايات المتحدة برئاسة، جو بايدن، نصاً يدعو إلى وقف إطلاق النار.
ويتوقع أن تستخدم الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار للمرة الأولى في عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب، بحسب ما ذكر عدد من الدبلوماسيين لوكالة فرانس برس، مؤكدين أن ممثلي الدول العشر المنتخبة في المجلس الذين سيقدمون النص، حاولوا عبثا التفاوض مع الأميركيين.
واعتبر منسّق الشؤون الانسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، الأربعاء، أن "المشاهد المروّعة" لمقتل فلسطينيين أثناء سعيهم للحصول على مساعدات في غزة سببها "خيارات متعمدة" لحرمانهم وسائل البقاء على قيد الحياة في القطاع الذي تحاصره إسرائيل.
وقال فليتشر في بيان، "يشاهد العالم، يوما تلو الآخر، المشاهد المروّعة لفلسطينيين يتعرضون لإطلاق النار أو الإصابة أو القتل في غزة، وهم يحاولون ببساطة الحصول على الطعام". أضاف "في الأمس (الثلاثاء)، وصل عشرات القتلى الى المستشفيات بعدما أعلنت القوات الإسرائيلية أنها فتحت النار. هذه هي نتيجة سلسلة من الخيارات المتعمدة التي حرمت بشكل منهجي، مليوني شخص من الأساسيات التي يحتاجون إليها للبقاء على قيد الحياة".
في حين، دعت الحكومة البريطانية إلى إجراء "تحقيق فوري ومستقل" في سلسلة من الحوادث القاتلة قرب مواقع توزيع المساعدات في قطاع غزة هذا الأسبوع.
وقال وزير شؤون الشرق الأوسط هاميش فالكونر إن سقوط فلسطينيين قتلى أثناء سعيهم للحصول على الطعام "أمرٌ مقلق للغاية"، ووصف الإجراءات الإسرائيلية الجديدة لتوزيع المساعدات بأنها "لا تراعي أبسط المبادئ الإنسانية".
وتظاهر مؤيدون للفلسطينيين، أمام مقر البرلمان البريطاني في لندن، للمطالبة بوقف الحرب في غزة وحظر إرسال الأسلحة إلى إسرائيل وفرض عقوبات عليها.
قُتل 10 فلسطينيين على الأقل في قصف إسرائيلي غربي مدينة غزة، ما يرفع عدد القتلى منذ ساعات فجر الأربعاء إلى أكثر من 30 شخصاً.
وقد طال القصف الأخير مجموعتين منفصلتين من المواطنين في حي الشيخ رضوان غربي مدينة غزة وفي مخيم الشاطئ المجاور في المنطقة الغربية أيضاً.
وكانت غارة جوية إسرائيلية قد أسفرت عن مقتل 18 فلسطينياً على الأقل صباح الأربعاء، بينهم نساء وأطفال، في قصف جوي طال خيمة داخل مدرسة الحناوي لإيواء النازحين غربي مدينة خان يونس.
وقال شهود عيان لبي بي سي إن طائرة مُسيّرة قصفت خيمتين بمحيط المستشفى تؤويان عشرات النازحين.
ولم يُعلّق الجيش الإسرائيلي على هذه الغارة حتى الآن.
في الوقت نفسه، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جندي وإصابة آخر بجروح وصفها بالخطيرة خلال المعارك الجارية في شمال قطاع غزة.
وجاء في بيان نُشر الأربعاء، أن الجندي القتيل يحمل رتبة رقيب أول، وأن جندياً آخر أصيب بجروح خطيرة في الاشتباكات نفسها.
وكان الجيش أعلن الثلاثاء، مقتل ثلاثة جنود من لواء "غفعاتي" جراء انفجار عبوة ناسفة شمالي غزة، أسفر عن إصابة جنديين بجروح وصفها بالمتوسطة.
وفي وسط القطاع، أفادت قناة الأقصى باستهداف سطح مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح بطائرة مُسيرة إسرائيلية، ونقلت عن المتحدث باسم المستشفى خليل الدقران أن القصف استهدف سطح مبنى الإدارة الذي أدى إلى تضرر خزانات المياه، مع استمرار الطواقم الطبية في العمل.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحماس، إن الجيش الإسرائيلي قصف داخل أسوار مستشفى شهداء الأقصى للمرة الـ11.
وفي الشمال، أفادت قناة الأقصى بانتشال جثامين 3 قتلى من منطقة التوام شمالي مدينة غزة، إضافة إلى قتيل وإصابة 10 غالبيتهم من الأطفال، في استهداف لمنطقة النادي الأهلي في النصيرات وسط القطاع.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة مقتل 97 فلسطينياً وإصابة 440 خلال اليوم الماضي، جراء استمرار القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي الذي طال منازل ومجموعات من المواطنين وخياماً ومدارس تؤوي نازحين في مناطق مختلفة من القطاع.
وإجمالاً، بلغ عدد القتلى الفلسطينيين منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، 54607 إضافة إلى 125341 مصاباً.
ومنذ استئناف إسرائيل القتال في 18 مارس/آذار الماضي بلغت حصيلة القتلى والجرحى 4335 قتيلاً و13300 مصاب.
من ناحية أخرى، حذر الجيش الإسرائيلي مساء الثلاثاء من أن الطرق المؤدية إلى مراكز توزيع المساعدات في غزة ستكون "مناطق قتال"، وستُغلق هذه المراكز الأربعاء.
وأعلنت مؤسسة غزة الإنسانية، وهي شبكة مساعدات مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل وتثير جدلاً واسعاً، أنها ستغلق مواقعها بشكل مؤقت لأعمال "تحديث وتنظيم وتحسين الكفاءة".
وفي بيان منفصل، قال الجيش الإسرائيلي إن الدخول إلى مراكز التوزيع أو التحرك في الطرق المؤدية إلى تلك المراكز سيكون "محظوراً".
يأتي ذلك بعد أن أعلنت هيئة الدفاع المدني في غزة مقتل ما لا يقل عن 27 فلسطينياً بنيران إسرائيلية بالقرب من أحد مراكز توزيع المساعدات مساء الثلاثاء، في ثالث حادث دموي يقع على طرق تؤدي لمواقع مؤسسة غزة الإنسانية خلال يومين.
وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية إن جنودها أطلقوا النار بعد رصد "مشتبه بهم" اقتربوا منهم "من خارج المسارات المخصصة".
وعقب الحادث، قال مدير مستشفى ناصر في خان يونس، عاطف الحوت، إن جرحى وصلوا إلى المستشفى بعد إصابتهم بطلقات نارية جراء إطلاق القوات الإسرائيلية النار على "حشود من المدنيين الذين كانوا ينتظرون المساعدات غرب رفح".
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، إن المدنيين تعرضوا لإطلاق نار من دبابات وطائرات مسيّرة ومروحيات بالقرب من موقع توزيع المساعدات.
ووصف مسعف أجنبي يعمل في المنطقة المشهد بأنه "مجزرة شاملة"، مشيراً إلى نقل عدد كبير من المصابين إلى المستشفيات.
وفي بيان رسمي، نفى الجيش الإسرائيلي "منع المدنيين في غزة من الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات الإنسانية".
وقالت مؤسسة غزة الإنسانية، إنها ستستأنف توزيع المساعدات يوم الخميس.
وقال متحدث باسم منظمة الإغاثة إن المنظمة طلبت من الجيش الإسرائيلي "توجيه حركة المشاة" بالقرب من الحدود العسكرية لتقليل مخاطر "الارتباك أو التصعيد"، بحسب وكالة رويترز للأنباء.
وأضافت المنظمة أنها تعمل أيضاً على تطوير إرشادات أكثر وضوحاً للمدنيين وتعزيز التدريب لدعم سلامتهم، موضحة: "أولويتنا القصوى تظل ضمان سلامة وكرامة المدنيين الذين يتلقون المساعدات".
في المقابل، قال أحد المسؤولين عن المساعدات في الأمم المتحدة إن الفلسطينيين يُجبرون على السير لمسافة تصل إلى عشرين كيلومتراً، للحصول على مساعدات غذائية من منظمة غزة التي تدعمها الولايات المتحدة وإسرائيل في القطاع الفلسطيني.
ووصف جيمس إلدر، المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، عمل منظمة غزة بأنه "ادّعاء بتقديم المساعدة".
من جهة أخرى، طالب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بإجراء "تحقيق فوري ومستقل" في الأحداث الأخيرة.
وقال المتحدث باسم غوتيريش، ستيفان دوجاريك، لبي بي سي إن إغلاق المراكز يُظهر "غياب الوضوح بشأن هوية مؤسسة غزة الإنسانية" و "غياب المساءلة"، مضيفاً: "نرى مسلحين حول هذه النقاط، ولا أحد يعرف من هم ومن يتبعون".
ويتزامن ذلك، مع تحذيرات أممية من مجاعة تهدد أكثر من مليوني نسمة في غزة، بعد حظر شامل على دخول الغذاء والمساعدات فرضته إسرائيل على القطاع منذ 11 أسبوعاً.
وتهدف مؤسسة غزة الإنسانية إلى استبدال شبكة المساعدات الأممية في غزة، بعد اتهامات إسرائيلية متكررة بأن الأمم المتحدة لم تمنع حماس من السيطرة على الإمدادات، وهو ما تنفيه المنظمة الدولية.
وفي ظل النظام الجديد، فإن على الفلسطينيين السير لمسافات طويلة للوصول إلى عدد محدود من المراكز الواقعة في مناطق تخضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية ويشرف عليها مسلحون أمريكيون.
وانتقد البعض هذا النموذج، مشيرين إلى أن الناس يُجبرون على نقل صناديق تزن 20 كيلوغراماً لمسافات طويلة إلى منازلهم أو أماكن نزوحهم.
ووصف دوجاريك نموذج مؤسسة غزة الإنسانية بأنه "ليس نموذجاً لتقديم المساعدات"، لأنه "يعرّض حياة الناس للخطر" عبر إجبارهم على التنقل في مناطق عسكرية.
وأضاف أن هذا النموذج "غير مقبول"، مكرراً وصف مفوض الأونروا، فيليب لازاريني، للوضع بأنه "فخ مميت".
واتهمت الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى مؤسسة غزة بعدم الالتزام بالمبادئ الإنسانية.
وقد عُيّن القس الإنجيلي الأمريكي جونى مور، وهو من أبرز داعمي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، رئيساً جديداً لمؤسسة غزة الإنسانية، الثلاثاء، خلفاً لرئيسها الأول جيك وود، الجندي الأمريكي السابق الذي استقال من منصبه وانتقد نموذج المؤسسة.