الخرطوم- مع دخول الحرب عامها الثالث في السودان ، تزداد رقعة تأثيرها على الإنسان في أقاصي البلاد الممتدة؛ في حين تظهر آثار تلك الصراعات على بعض المناطق التي ظلت تشهد أزمات متتالية في الصحة والغذاء، بينما تزداد أعداد النازحين والفارين من القتال في كل يوم تطلق فيه رصاصة جديدة.
هذا الواقع المأساوي خلّف فجوات من الحاجة للدعم الإنساني، ومع تزايد تعقيدات المشهد على الأرض، تبحث الحكومة السودانية والمنظمات الإنسانية عن حلول لواقع ينذر بالخطر.
وقالت الحكومة -في تصريحات لها خلال مؤتمر صحفي أمس الثلاثاء بمدينة بورتسودان- إن رؤيتها الإستراتيجية ترتكز على أن يكون الدعم للجميع من دون تمييز ديني أو سياسي أو جهوي أو عرقي، وأوضحت أن ذلك تم عبر فتح المعابر والمسارات والمطارات لإدخال المساعدات الإنسانية، بما في ذلك المنافذ التي تقع خارج سيطرتها مثل معبر أدري الذي تم تمديد فتحه مؤخرا 3 أشهر قادمة.
من جانبه، صرح الفريق الركن الصادق إسماعيل مستشار مجلس السيادة لشؤون المنظمات والعمل الإنساني بأن أكثر المناطق حاجة هي مناطق شمال دارفور وجنوب كردفان ، حيث يحتاج فيها الناس إلى الأدوية والغذاء، وطالب المنظمات العاملة بإيصال الدعم لتلك المناطق بعد فتح المسارات من قبل الحكومة السودانية.
وأكد أن الحكومة قامت بإنشاء استشارية تتبع ل مجلس السيادة ، وأنشأت اللجنة الوطنية للطوارئ لمساعدة مفوضية العون الإنساني لتسهيل عملية إيصال المساعدات لكل السودان.
من ناحيتها، أعلنت مفوضة العون الإنساني بالسودان سلوى آدم بنية أن مجموع الفارين من مناطق القتال مؤخرا بلغ مليونا و300 ألف و645 شخصا، وأشارت إلى أن عدد النازحين الذين فروا من مخيم زمزم إلى الفاشر بلغ نحو 515 ألفا، بينما تجاوز عدد الفارين من مخيم أبو شوك للنازحين نحو طويلة 48 ألفا و600، بينما نزح عدد من أهالي طويلة إلى منطقة الطينة في تشاد.
وأكدت أن ولاية غرب كردفان شهدت موجة من النزوح؛ حيث بلغ إجمالي عدد النازحين من مدينة النهود وحدها أكثر من 200 ألف شخص، منهم 75 ألفا نزحوا إلى منطقة ود الحليو، و18 ألفا و750 نزحوا من المدينة إلى أبوماريكا؛ بينما نزح من منطقة الخوي إلى الجودي أكثر من 70 ألف شخص.
في ولاية شمال كردفان وصل عدد النازحين من منطقة كازقيل إلى مدينة الأبيض 90 ألفا، وبلغ عدد النازحين من بارا 53 ألفا، ونزح من منطقة أم صميمة إلى الأبيض 35 ألف شخص، بينما نزح من مناطق الجموعية جنوب غرب أم درمان نحو 110 آلاف شخص، أما منطقة خور الدليب فنزح منها حوالي 6200 شخص.
وضعت الحكومة السودانية توجيهات جديدة للمنظمات العاملة بالبلاد؛ وطالبت بأن يكون الدعم المقدم للمواطنين على شكل خدمات أساسية لا تقتصر على الغذاء فقط.
وقالت آدم بنية إن حاجة المواطنين الذين عادوا إلى منازلهم تختلف عن حاجة النازحين، وأن الدعم ينبغي أن يتحول إلى دعم مشاريع كتوفير مياه الشرب ومساعدات في الخدمات الصحية، وأبدت استغرابها من عدم وصول المساعدات الإنسانية للمواطنين في زمزم حيث يجلس الناس في العراء، وتساءلت "لماذا لا تصل المساعدات ل لفاشر ؟".
ووفقا لها، قامت حكومة السودان بفتح 12 معبرا ولكنها لم تُستغل؛ واستخدمت منها 4 فقط، وأشارت إلى أنه في دارفور تم استخدام معبري أدري والطينة، وفي شمال السودان تم استخدام معبري أرقين وأشكيت.
وشكت المفوضة من تغيير وجهات بعض الشاحنات التي تحمل المساعدات الإنسانية وتغيير سائقيها، وذلك عقب استخراج تصاريح المرور من قبل الحكومة "مما يعرقل عملية انسياب المساعدات"، وأشارت إلى ضوابط لتسهيل عمل المنظمات خلال الفترة المقبلة.
وأضافت سلوى آدم بنية أن حماية العاملين في المجال الإنساني تقع على عاتق الدولة، وطالبت المنظمات بالالتزام بالبيانات التي تضعها المفوضية بخصوص الشاحنات وسائقيها وألا يتم استبدالها بعد تحرك القوافل؛ كون أن الرحلة تستغرق أياما عديدة مما قد يضطر المنظمات لتغيير الشاحنات التي تحمل المساعدات، وأكدت أنه "ليست هنالك مشكلة في الوصول للمناطق التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني".
وطالبت المفوضة بإيصال المساعدات الإنسانية للمناطق الأكثر احتياجا وقالت "لم يتم اعتراض أي شاحنة جاءت من تشاد وحتى غرب كردفان الفولة، لماذا يتم حرمان أهل الفاشر منها؟"، وأضافت "يجب تسمية الأشياء بمسمياتها في حالة اعتراض جهة ما وصولها"، وأوضحت أن الحكومة تمتلك المساعدات الغذائية الكافية وطالبت المنظمات بنقلها إلى الفاشر وجنوب كردفان الدلنج.
من جهتها، رحبت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان، كلمنتين نكويتا سلامي، بقرار الحكومة السودانية تمديد فتح معبر أدري، والذي وصفته بأنه بمثابة شريان حياة حاسم للدعم والمساعدات.
وأضافت "لقد أرسلنا مؤخرا بعثة صغيرة جدا إلى تلودي، وحتى قبل الحضور إلى هذا الاجتماع، فإن وكالات الأمم المتحدة هم شركاء منفذون، ونحن نناقش أفضل الطرق لتلبية احتياجات أولئك الذين فروا من القتال". وأشارت إلى أن الوضع في السودان ليس ثابتا، وأن التطورات تتطلب مناقشات مستمرة للوصول إلى طريقة تمكنهم من تقديم الدعم للمناطق الأكثر حاجة للمساعدات.
وأكدت سلامي "أحد القيود الرئيسية التي نواجهها اليوم هو المتعلق بالموارد"، ووعدت بمواصلة تسليط الضوء على التحديات التي يواجهها الشعب السوداني، و"مناشدة المجتمع الدولي أن لا ينسى السودان وقت حاجته".