في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أكد الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري أن كمين بيت لاهيا الذي نفذته كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية ( حماس )- يأتي في إطار إستراتيجية جديدة تعتمد على "حرب العصابات والاستنزاف"، التي تنتهجها المقاومة الفلسطينية بعد 19 شهرا من القصف الجوي والقتال البري والحصار المطبق.
وكانت كتائب القسام قد أعلنت اليوم الاثنين أن عناصرها نفذوا كمينا مركبا في منطقة "العطاطرة" غرب بيت لاهيا شمالي القطاع، استهدفوا خلاله 3 آليات صهيونية بعبوتي شواظ وقذيفة تاندوم، ثم اشتبكوا مع قوة صهيونية أخرى.
وأكدت الكتائب أنها أوقعت أفراد القوة الإسرائيلية بين قتيل وجريح، ورصدت هبوط مروحيات لنقل المصابين يوم الجمعة الماضي.
وأوضح الدويري، في تحليله للعملية التي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الاحتلال، أن هذا التحول في الإستراتيجية جاء بفعل أن حرب المواجهة المفتوحة لم تعد ممكنة بالنسبة للمقاومة في الظروف الراهنة.
وأضاف أنه من المتوقع جدا حدوث مثل هذه الكمائن لأن مقاربة المقاومة الآن تعتمد على قتال حرب العصابات.
ورغم إقراره بأن قدرات المقاومة انخفضت بسبب القصف الذي ألحق ضررا بصفوف القيادة المتقدمة، فإن الدويري أشار إلى أن المقاومة لم ترفع الراية البيضاء، وتمتلك القدرة على التكيف والتأقلم مع طريقة إدارة المعركة.
أوضح الدويري أن كمين بيت لاهيا ليس الأول من نوعه، مشيرا إلى سلسلة من الكمائن السابقة مثل كمائن بيت حانون وكمائن في شرق التفاح وكمائن الشجاعية وكمائن خان يونس، وكمائن رفح ، سواء كانت كسر السيف أو أبواب الجحيم.
وحول خصوصية موقع الكمين في منطقة العطاطرة ببيت لاهيا، أشار الخبير العسكري إلى أن هذا المكان مماثل بصورة 90% لكمائن كسر السيف، لأنه يقع في أقصى شمال بيت لاهيا.
وأضاف أن منطقة العطاطرة تقع في بدايات المناطق المبنية على نسق كمائن كسر السيف نفسه، التي كانت على مقربة من طريق العودة الترابي الذي يبعد 300 متر عن الحدود.
وقدّر الدويري المسافة بين موقع الكمين والسياج الحدودي بـ1800 إلى 2000 متر، موضحا أن الكمين كان متوقعا لأن جيش الاحتلال دخل إلى ما يوصف بعش الدبابير.
وفي مقارنة بين المناطق المختلفة في شمال غزة، أوضح الدويري أن منطقة بيت حانون تعرضت إلى تدمير يفوق ما تعرضت له منطقة العطاطرة وبيت لاهيا، مشيرا إلى أن معظم التدمير الذي تمّ في بيت لاهيا كان من خلال القصف الجوي أكثر منه من الدخول البري.
ولفت الدويري إلى أن المقاومة ما زالت تحتفظ بقوتها، وإنْ كانت ليست بالقوة ذاتها التي كانت عليها في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أو في الأشهر الأولى بعده.
وأوضح الخبير أن المقاومة تعمل على إدامة قدراتها القتالية من خلال ثلاثة أبعاد رئيسية:
وأضاف الخبير العسكري: كما نجحت كتائب القسام في فريق العودة في الزاوية الشمالية الشرقية من بيت حانون، تمكنت من النجاح في هذه المنطقة أيضا وفي شرقي رفح، وكلها مؤشرات على أن المقاومة ما زالت موجودة.
أوضح الدويري أن الرسالة المتعددة الأوجه التي تسعى المقاومة لإيصالها من خلال هذه العمليات تتمثل في الحؤول دون تحقيق اختراقات عميقة تسمح لجيش الاحتلال وآلياته للوصول إلى ما تبقى من مدنيين.
وأشار إلى وجود 50 ألف مدني في محافظة الشمال ومليون مدني تكدسوا في مناطق معينة.
وأكد أن المقاومة تحاول أن تنفذ عملياتها بمقاربة ميدانية معينة تحول دون تحقيق اختراقات عميقة من خلال إيقاع القوات المتقدمة بكمائن مركبة توقع خسائر، مشيرا إلى أن جيش الاحتلال في فترة الخسائر بالنسبة له وهذا أمر خطير جدا.
وفيما يتعلق بتأثير الخسائر البشرية على قرارات الاحتلال، لفت الدويري إلى أنها باتت تمثل معضلة سياسية أكثر منها عسكرية.
وأوضح أن الإعلان عن سقوط قتلى في المرحلة الحالية يختلف وأصبح أكثر إيلاما عن الإعلان عن سقوط العدد نفسه في الأشهر الأولى من الحرب.
وأشار الدويري إلى تغير في موقف المجتمع الإسرائيلي، قائلاً: في الأشهر العشرة الأولى كانت هناك وحدة في المجتمع الإسرائيلي ووحدة في القيادة السياسية والعسكرية.
أما الآن فالجميع يصر -باستثناء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والوزيرين بتسلئيل سموتريتش و إيتمار بن غفير وبعض وزراء أقصى اليمين مع القاعدة اليمينية- على أن هذه المقاربة العسكرية لا تفضي إلى نتائج ذات قيمة ولا يمكن أن تساعد على إنقاذ الأسرى.
وحول البعد السياسي للعمليات العسكرية الإسرائيلية، يرى الخبير العسكري أن الكل مجمع، باستثناء اليمين المتطرف، على أن هذه المعركة الحالية المسماة عربات جدعون هي لخدمة نتنياهو شخصيا ولخدمة أهدافه السياسية وبقائه السياسي.
وأضاف أن المقاومة تحاول أن توقع الخسائر لأن وقعها على الشارع في الكيان الإسرائيلي سيكون مختلفا، مذكرا بكمين البريج الذي أسفر عن مقتل 22 جنديا في لحظة واحدة.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال يدفع ضريبة الدم من أجل بقاء نتنياهو على رأس الحكومة، في إشارة إلى الأهداف السياسية التي باتت تطغى على الأهداف العسكرية في استمرار العمليات.