تنتشر محال بيع الأدوية بالجملة، وسط أحد الأسواق الشعبية في العاصمة الأفغانية كابل، حيث تُعرض عشرات الأصناف بأسعار متفاوتة، لكن تقبع خلف هذه الظاهرة التجارية مشكلة خطيرة تهدد صحة الأفغان، تتمثل في انتشار الأدوية المغشوشة والمقلدة.
ووفقاً لأحد أصحاب المحلات، فإن 95% من الأدوية المعروضة في السوق مستوردة من دول مثل باكستان، الهند، تركيا، بنغلاديش، إيرلندا، فيتنام، وبريطانيا، بينما لا يتجاوز المنتج المحلي نسبة ضئيلة.
ويقول البائع إن "معظم الأدوية التي نبيعها تأتي من باكستان، والقليل منها مصنوعة داخل أفغانستان".
ورغم تنوع المنشأ، إلا أن الكثير من هذه الأدوية، بحسب المراقبين، لا يخضع لرقابة صارمة، ما يفتح الباب لتهريب منتجات مغشوشة أو دون المستوى المطلوب.
ويُجمع الأطباء الأفغان على خطورة هذه الأدوية، مؤكدين أنها لا تُسهم في العلاج، بل تؤدي إلى تفاقم الأمراض.
من جانبه، قال الدكتور حسن منجل، وهو طبيب أفغاني يعمل في أحد مستشفيات كابل، إن "الأدوية المغشوشة لا تعالج الأمراض، ولن تؤثر إيجاباً على المريض، لأن العناصر المؤثرة منعدمة فيها"، مضيفاً "إذا لم تستخدم الأدوية المطلوبة فإن المرض يزداد شدة".
وتتسق تحذيرات الأطباء مع تقديرات منظمة الصحة العالمية، التي تشير إلى أن 1 من كل 10 منتجات طبية في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط يكون مغشوشاً أو دون المستوى، ما يؤدي إلى أضرار صحية وخسائر اقتصادية سنوية تقدّر بـ 30.5 مليار دولار.
وأكدت وزارة الصحة الأفغانية أنها تتخذ خطوات لمواجهة هذه الظاهرة، حيث صرح المتحدث باسمها، شرافت زمان، لـ "العربية/الحدث" بأن السلطات قامت بمنع دخول أدوية غير قانونية عبر الحدود، وأعادت عشر حاويات كانت محمّلة بأدوية غير مسجلة ورديئة الجودة قادمة من باكستان.
وأضاف المتحدث باسم وزارة الصحة "نخطط لإنشاء معامل في المعابر الحدودية لفحص عينات الأدوية المستوردة، ولن نسمح بدخولها إلا بعد التأكد من مطابقتها للمعايير".
ورغم تلك الجهود، لا توجد بيانات رسمية محدثة من وزارة الصحة خلال السنوات الثلاث الماضية، فيما تعود آخر إحصائية منشورة إلى عام 2017، حين ألغت تراخيص أكثر من 900 شركة محلية وأجنبية لاستيراد الأدوية بعد ضبط كميات كبيرة من الأدوية المغشوشة والمنتهية الصلاحية، وقامت بإتلاف أكثر من 100 طن من الأدوية غير المطابقة للمعايير.
مع استمرار تواجد هذه المنتجات في الأسواق، وبيعها من قبل غير المختصين، تتزايد الشكاوى من فقدان الثقة بين المرضى والأطباء في أفغانستان، فضلاً عن لجوء البعض للسفر إلى دول مجاورة بحثاً عن دواء موثوق.
ويبدو أن معالجة هذه الأزمة تتطلب تعاوناً أكبر بين السلطات الصحية والمنظمات الدولية، إلى جانب إنشاء نظام رقابة صارم على الاستيراد وتوزيع الأدوية، لضمان وصول العلاج الآمن إلى من يحتاجه.
وتُصنّف أفغانستان من الدول ذات الدخل المنخفض بحسب تقرير البنك الدولي لعام 2024، إضافة إلى أنها تقبع في أدنى المراتب عالمياً من حيث مؤشر التغطية الصحية الشاملة، وتعاني من ضعف في القدرات التنظيمية والرقابية على الأدوية، بحسب منظمة الصحة العالمية.