في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
واشنطن- بعدما دعمت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الهند في ردها على الهجوم على سياح هنود ب كشمير في 22 أبريل/نيسان الماضي، لا تشير أي دلائل إلى وجود شهية أميركية لتوسيع إطار الصراع بين الخصمين المسلحين نوويا الهند وباكستان.
وقال ترامب إن الضربات الهندية على أهداف في باكستان والشطر الخاضع لسيطرة إسلام آباد من إقليم كشمير "مخزية".
وكانت نيودلهي قد أشارت إلى أن قواتها شنت ضربات دقيقة على 9 مواقع في باكستان تضم بنى تحتية "إرهابية"، وذلك بعد أيام من اتهامها إسلام آباد بتنفيذ هجوم دامٍ في الشطر الهندي من الإقليم المتنازع عليه.
في حديث للجزيرة نت، قال ديفيد ميشيل، الخبير ببرنامج الأمن الغذائي والمائي، العالم بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن، إن الولايات المتحدة لا تريد أن ترى الصراع بين الهند وباكستان يتصاعد أكثر. لكن من غير المرجح أن تتدخل بقوة في هذه المرحلة من خلال إجراءات وساطة قد تتخذها بسبب توازن علاقاتها مع البلدين.
واعتبر أن علاقات واشنطن مع باكستان الآن تقترب من أدنى مستوياتها التاريخية، وتمحورت شراكة المعاملات مع إسلام آباد التي ظهرت على مدار إدارة ترامب الأولى حول الصراع الأفغاني وعملية السلام، "لكن الولايات المتحدة خرجت الآن منذ فترة طويلة من أفغانستان وتسيطر حركة طالبان على السلطة في كابل".
ووفقا له، تركز المسألتان الرئيسيتان المتبقيتان لواشنطن -وهما مصدر قلق مشترك مع باكستان- على مكافحة الإرهاب وتأمين أسلحتها النووية "بألا تقع في الأيدي الخطأ". ويضيف "ولكن الأزمة الحالية تعري باكستان في كلتا الحالتين، ويبدو أنها تظهر فشلها في السيطرة على المتطرفين وتزيد من خطر أن تستخدم ترسانتها النووية ضد جارتها".
ويتابع الخبير ميشيل "مع الهند، على النقيض من ذلك، كانت إدارة ترامب تتمتع بعلاقة أكثر تفاؤلا خاصة فيما يتعلق بالتعاون العسكري والأمني عبر التحالف الرباعي (بريطانيا واليابان والهند وواشنطن)، وكما يتضح من الاتفاق الأميركي الهندي لتحفيز فرص الشراكة العسكرية والتجارة والتكنولوجيا المتسارعة للقرن الـ21".
واعتبر أن واشنطن تملك نفوذا أقل اليوم مما كانت عليه خلال الأزمات السابقة نظرا لحالة العلاقات مع الهند وباكستان وعدم اهتمام الإدارة الواضح باستثمار نفسها في دور الوساطة. وقال "يمكن أن يتغير ذلك. لا يحب ترامب شيئا أكثر من الإشادة ببراعته في إبرام الصفقات. لكن ليس من الواضح في هذه المرحلة ما إذا كانت الإدارة تشعر بحافز كبير للانخراط".
يشكل احتمال نشوب صراع واسع بين الجارتين اختبارا رئيسيا للإدارة الأميركية، حيث روج ترامب بانتظام في حملته الانتخابية أنه خلال فترة رئاسته الأولى لم تندلع حروب في جميع أنحاء العالم.
ويمكن لأي نوع من القتال الرئيسي بين الهند وباكستان أن يقوض هدفه المعلن المتمثل في منع صراعات عالمية جديدة، ويزيد من الضغط على فريق السياسة الخارجية الأميركي المنشغل بالفعل بالحرب في أوكرانيا والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ، وملف التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي.
وعن كيفية موازنة واشنطن بين شراكتها المتنامية مع نيودلهي وعلاقاتها التاريخية مع إسلام آباد، قال حسين حقاني، سفير باكستان السابق لدى الولايات المتحدة، والخبير بمعهد هدسون، إن واشنطن مهتمة بشدة بنزع فتيل النزاع.
وأوضح للجزيرة نت أنه "ومنذ التسعينيات، وعندما يتعلق الأمر بالإرهاب، مارست واشنطن دائما ضغوطا على باكستان للتحرك، بما في ذلك عندما يقع الهجوم داخل الهند. حتى هذه المرة أدان كبار مسؤولي إدارة ترامب الهجمات وطلبوا من الطرفين العمل معا. ويجري وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي ماركو روبيو محادثات يومية مع نظرائه الهنود والباكستانيين".
وفي الوقت الذي تنتظر فيه الولايات المتحدة الرد الباكستاني على الهجمات الصاروخية الهندية، أشار خبراء -تحدثت إليهم الجزيرة نت- إلى يقين واشنطن أن المسؤولين في الدولتين الجارتين لا يزالون مهتمين بتهدئة التصعيد، وأن الكرة في ملعب إسلام آباد للرد بطريقة حكيمة لا تتسبب في تصعيد هندي بعد ذلك.
وعن نفوذ واشنطن على الطرفين، قال آدم وينشتاين، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد كوينسي، والذي سبق له الخدمة ضمن قوات مشاة البحرية الأميركية في أفغانستان، إن كلا من الهند وباكستان تعتبر كشمير، وما يرتبط بها، بمثابة مصالح حيوية لها، وهذا يحد من نفوذ الولايات المتحدة. ومع ذلك لا تزال تلعب دور الوساطة خلال الصراع بسبب علاقاتها الوثيقة مع كلا البلدين.
في السياق نفسه، أكد السفير السابق حسين حقاني أن واشنطن تتمتع بعلاقات جيدة مع كلا البلدين، وكما في الماضي، يلعب كبار المسؤولين الأميركيين دورا وراء الكواليس لتهدئة التصعيد. كما يساعد حلفاء الولايات المتحدة في دول الخليج العربية الأميركيين في هذا المسعى.
من جانبها، اعتبرت تشاترجي ميلر، خبيرة الشؤون الهندية الباكستانية وجنوب آسيا بمجلس العلاقات الخارجية، في حديث للجزيرة نت، أن "واشنطن في موقف صعب، فقد رافق شراكتها المتنامية مع الهند تدهور العلاقة مع باكستان. على هذا النحو، لا يمكن لها المخاطرة بتعريض شراكتها مع نيودلهي للخطر، وفي حالة التصعيد، ليس من الواضح مدى نفوذها مع إسلام آباد".