قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في البيان الختامي للقمة العربية التي انعقدت في القاهرة، يوم الثلاثاء، إن القمة تبنت الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة.
وتهدف الخطة إلى توفير بديل لخطط الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لإقامة "ريفييرا الشرق الأوسط" في غزة من خلال تقديم خطط لإعادة إعمار القطاع المدمر دون تهجير سكانه.
وأكد البيان الختامي للقمة العربية الطارئة، أن السلام يظل الخيار الاستراتيجي للدول العربية، ويقوم على رؤية حل الدولتين كسبيل لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وشدد القادة العرب على ضرورة استكمال وقف إطلاق النار في غزة، رغم التحديات التي يواجهها، لما له من أهمية في الحد من التصعيد وحماية المدنيين.
وأشار البيان إلى أهمية التنسيق العربي ضمن إطار اللجنة العربية الإسلامية، بهدف شرح الخطة العربية للمجتمع الدولي وكسب الدعم اللازم لتنفيذها. كما دعا القادة العرب مجلس الأمن الدولي إلى نشر قوات حفظ سلام دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة، لضمان الأمن والاستقرار ومنع أي تصعيد إضافي.
وفيما يتعلق بمصير الشعب الفلسطيني، أكد البيان إمكانية إيجاد بديل واقعي لمخططات تهجيره، مشدداً على أن أي حلول يجب أن تضمن حقوق الفلسطينيين في البقاء على أرضهم، وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة.
وجاء انعقاد القمة في ظل رفض عربي واسع لخطة الرئيس ترامب، التي تضمنت سيطرة أمريكية على غزة مع تهجير سكانها.
وقدمت الدول العربية، بقيادة مصر، خطة بديلة لإعادة إعمار قطاع غزة بوجود الفلسطينيين، بهدف الحفاظ على استقرار المنطقة ومنع أي محاولات لتهجير سكانها.
وأكد الرئيس السيسي أن الخطة تمثل رؤية شاملة تبدأ بمرحلة الإغاثة العاجلة والتعافي المبكر، وصولاً إلى إعادة الإعمار الكامل، مع ضمان بقاء الفلسطينيين في أرضهم.
وأوضح السيسي أن مصر، بالتعاون مع فلسطين، عملت على تشكيل لجنة إدارية من التكنوقراط الفلسطينيين المستقلين لإدارة شؤون القطاع، إضافة إلى تدريب الكوادر الأمنية الفلسطينية لضمان الاستقرار الأمني خلال المرحلة المقبلة.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن "الشعب الفلسطيني في غزة عانى الأمرّين، وقد يزداد الوضع سوءاً إذا لم يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في إنهاء الحرب، وتخفيف المعاناة، وضمان تحقيق سلام دائم".
وأشار غوتيريش إلى أن هناك "بارقة أمل" ظهرت من خلال وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين والسجناء، مؤكداً ضرورة "مواصلة المفاوضات للوصول إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح جميع المحتجزين والسجناء الفلسطينيين، وضمان معاملتهم بكرامة وإنسانية".
وأكد غوتيريش أن "إنهاء الأزمة لا يكفي، بل يجب أن يكون هناك إطار سياسي يضع الأسس لاستقرار دائم في المنطقة"، مشدداً على أن "غزة يجب أن تكون جزءاً من الدولة الفلسطينية دون تقليص الدعم المقدم لها أو نقل سكانها".
وقال رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، خلال أعمال القمة العربية الطارئة في القاهرة إن "رؤيتنا هي تولي السلطة الفلسطينية مهامها في غزة مع استلام الأجهزة الأمنية الموحدة أمن القطاع".
وأشاد عباس، بالخطة المصرية الفلسطينية العربية، لإعادة إعمار قطاع غزة بوجود الفلسطينيين على أرض وطنهم، دون تهجير، ودعا الرئيس ترامب إلى دعم جهود الإعمار على هذا الأساس.
وأكد عباس الجاهزية لإجراء انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية، خلال العام المقبل "حال توفرت الظروف الملائمة لذلك"، في غزة والضفة والقدس الشرقية، كما جرت في الانتخابات السابقة جميعها، ودعا الجميع لتهيئة الظروف لذلك.
فيما دعا العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، خلال كلمته في القمة العربية الطارئة بالقاهرة، إلى تكثيف التنسيق العربي لمواجهة التحديات الخطيرة التي تهدد القضية الفلسطينية.
وأكد رفض الأردن التام لأي محاولات تهجير للفلسطينيين أو ضم أراضٍ في الضفة الغربية وغزة، مشدداً على ضرورة دعم خطة إعادة إعمار غزة وكسب التأييد الدولي لها.
وأكد التزام الأردن بمواصلة تقديم المساعدات إلى غزة، مع دعوة المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات عملية لدعم الفلسطينيين وتخفيف معاناتهم.
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في افتتاح القمة العربية غير العادية بشأن قطاع غزة إن إعادة إعمار غزة في وجود أهلها ممكن.
قال أبو الغيط إن "إعادة غزة للحياة هو نضال نختار أن نخوضه، وإعمار غزة ممكن بوجود أهلها وجهودهم.
وأكد رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، أن عودة بلاده إلى الجامعة العربية تعكس التزامها بتعزيز أمن واستقرار المنطقة.
وشدد، خلال كلمته في القمة العربية الطارئة، على رفض أي محاولات لإعادة رسم خرائط المنطقة "على حساب دم الفلسطينيين"، معتبراً أن الدعوات لتهجيرهم "تمثل تهديداً للأمة العربية بأسرها ومقدمة لمشروع أوسع يسعى لاقتلاعهم من أرضهم."
وأشار الشرع إلى أن ما يحدث في غزة اليوم هو "جرس إنذار" يستدعي موقفاً عربياً موحداً وتحمل المسؤوليات تجاه الشعب الفلسطيني.
كشفت مسودة الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة عن خطة شاملة تهدف إلى تحقيق التعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، وأن العملية ستتم بقيادة فلسطينية لضمان بقاء السكان في أراضيهم، وتخفيف معاناتهم الإنسانية، ومعالجة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والاقتصاد والمجتمع في القطاع.
وتشمل الخطة المصرية، وفق المسودة التي اطلعت عليها بي بي سي، تقييماً شاملاً لتأثير الصراع على سكان غزة والبنية التحتية والخدمات الأساسية، مع تحديد الاحتياجات الضرورية لإعادة الإعمار وتحفيز التعافي الاقتصادي والاجتماعي.
وتؤكد أن مسار إعادة الإعمار سيكون ملكاً للشعب الفلسطيني، دون أي إعادة إسكان للفلسطينيين خارج القطاع، مع التأكيد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.
وتسعى الخطة إلى إطلاق مشروعات استثمارية تتولى السلطة الفلسطينية تنفيذها بالشراكة مع الجهات الراغبة، وذلك بهدف إعادة بناء القطاع وتعزيز اقتصاده المحلي. كما تتضمن الاستفادة من التجارب السابقة في عمليات إعادة الإعمار لضمان التنفيذ الفعّال للمشروعات.
وأكدت مصر أنها ستواصل تحديث التقييمات المتعلقة بإعادة الإعمار وفقاً للتطورات على الأرض، مع إمكانية التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، مما يتيح وضع أسس طويلة الأمد لتحقيق الاستقرار في القطاع.
وتمتد الخطة المصرية على مرحلتين، حيث تستمر مرحلة التعافي المبكر لمدة ستة أشهر، بينما تمتد إعادة الإعمار على مدى خمس سنوات، مع التركيز العاجل على تقديم المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية للسكان المتضررين.
وأظهرت المسودة تقديرات حول إجمالي الخسائر والأضرار التي لحقت بقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تجاوزت 53 مليار دولار.
ووفقاً للتقييمات، فإن إجمالي الأضرار المادية بلغ 29.9 مليار دولار، في حين وصلت الخسائر الاقتصادية والاجتماعية إلى 19.1 مليار دولار.
ووفق المسودة التي اطلعت عليها بي بي سي تتطلب عملية التعافي المبكر تمويلاً بقيمة ثلاثة مليارات دولار خلال الأشهر الستة الأولى، بينما تشير التقديرات إلى أن إعادة الإعمار بشكل كامل ستمتد على مدى خمس سنوات.
وتعرض قطاع الإسكان لأكبر نسبة من الأضرار، حيث بلغت خسائره 15.8 مليار دولار، بما يمثل 53 في المئة من إجمالي الأضرار، وتشير البيانات إلى أن 330 ألف مبنى سكني تضرر، من بينها 272 ألف وحدة دمرت بالكامل و58.5 ألف وحدة تضررت جزئياً.
وفي قطاع البنية التحتية، تعرضت 1,190 كم من الطرق للتدمير بالكامل، في حين لحقت أضرار شديدة بـ 415 كم إضافية.
أما قطاع الصحة فقد تكبد خسائر بقيمة 6.3 مليار دولار، إلى جانب 1.3 مليار دولار أضرار مباشرة، حيث خرجت 18 مستشفى عن الخدمة بالكامل، بينما تعمل 17 مستشفى أخرى بشكل جزئي فقط.
وفي مجال التعليم، بلغت الخسائر 3.2 مليار دولار، فيما تعرضت 88 في المئة من المدارس لأضرار متفاوتة، وتحول العديد منها إلى مراكز إيواء للنازحين، إلى جانب تدمير 51 مبنىً جامعياً.
أما قطاع الكهرباء فقد خسر 450 مليون دولار، في حين تكبدت قطاعات التجارة والصناعة والنقل والمياه والصرف الصحي خسائر إضافية بمليارات الدولارات.
وأظهرت المسودة أن الحرب المستمرة على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أحدثت انهياراً اقتصادياً غير مسبوق، حيث انكمش اقتصاد القطاع بنسبة 83 في المئة في عام 2024، ما أدى إلى تراجع مساهمته في الاقتصاد الفلسطيني من 17 في المئة إلى 3 في المئة فقط.
ووفق المسودة التي اطلعت عليها بي بي سي فإن معدلات البطالة في غزة شهدت ارتفاعاً حاداً، لتصل إلى 80 في المئة، في ظل تعطل الأنشطة التجارية والصناعية والخدمية بشكل شبه كامل.
كما ارتفع التضخم في غزة بنسبة 309.4 في المئة في أكتوبر 2024، بسبب النقص الحاد في الإمدادات الغذائية والطبية والمواد الأساسية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة.
وتشير المسودة إلى الأزمة الغذائية حيث إن 91 في المئة من سكان غزة (1.84 مليون شخص) يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، وسط نقص شديد في المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية. وتوقعت المسودة أن يرتفع العدد إلى 1.95 مليون شخص بحلول أبريل/نيسان 2025، ما يهدد بحدوث مجاعة واسعة النطاق.
كذلك تسببت الحرب بانهيار قطاع الرعاية الصحية حيث إن 64 في المئة من المراكز الصحية الأولية غير عاملة بسبب الدمار أو نقص الإمدادات الطبية والطواقم الصحية. ويحتاج 25 في المئة من المصابين إلى إعادة تأهيل مدى الحياة نتيجة الإصابات البالغة التي تعرضوا لها خلال الحرب.
وقد خرج 745 ألف طفل عن مسارهم التعليمي بسبب تدمير معظم المباني المدرسية أو تحويلها إلى مراكز إيواء للنازحين. ويوجد وفق تقييمات مسودة الخطة المصرية بين 17,000 و18,000 طفل غير مصحوب بذويه في غزة.
تكشف مسودة الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، عن آليات التنفيذ المتوقعة حيث تشمل توفير مساكن مؤقتة للنازحين، وإزالة الركام، وإعادة تأهيل البنية التحتية، إضافة إلى مشاريع تنموية كبرى تمتد على مدار خمس سنوات، بتكلفة إجمالية تصل إلى 53 مليار دولار.
وتتضمن المرحلة الأولى من الخطة، وفق المسودة، إنشاء وحدات سكنية مؤقتة (حاويات) داخل غزة، موزعة على سبعة مواقع رئيسية تستوعب أكثر من 1.5 مليون شخص، منها 213 ألف شخص في رفح، و223 ألفاً في خان يونس، و184 ألفاً في دير البلح، و353 ألفاً في مدينة غزة، إضافة إلى مواقع أخرى في شمال القطاع.
كما تشمل المرحلة الأولى التي تستمر لمدة ستة أشهر، إزالة الركام من المحور المركزي (محور صلاح الدين) والمناطق الأخرى، تمهيداً لبدء إعادة الإعمار، وتوفير 200 ألف وحدة سكنية مؤقتة لاستيعاب 1.2 مليون شخص، إضافة إلى ترميم 60 ألف وحدة سكنية متضررة جزئياً، بهدف تأمين السكن لـ 360 ألف شخص عند انتهاء أعمال الترميم.
وبعد مرحلة التعافي المبكر، تبدأ عملية إعادة الإعمار على مرحلتين تمتدان لأكثر من أربع سنوات، حيث تستمر المرحلة الأولى لمدة عامين بتكلفة 20 مليار دولار، وتشمل استكمال إزالة الركام، وبناء 200 ألف وحدة سكنية جديدة، واستصلاح 20 ألف فدان من الأراضي الزراعية، وإنشاء شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات والصرف الصحي.
كما سيتم، وفق مسودة الخطة، بناء محطات تحلية مياه، وخزانات للشرب ومكافحة الحرائق، ومحطات لمعالجة مياه الصرف الصحي.
أما المرحلة الثانية، فتمتد لمدة عامين ونصف بتكلفة 30 مليار دولار، وتركز على استكمال مشاريع البنية التحتية، إلى جانب بناء 200 ألف وحدة سكنية جديدة تستوعب 1.2 مليون شخص، ليصل إجمالي الوحدات السكنية الدائمة في غزة إلى 460 ألف وحدة تستوعب 3 ملايين شخص.
وتشمل هذه المرحلة إنشاء منطقة صناعية على مساحة 600 فدان، وميناء للصيادين، وميناء تجاري، ومطار غزة، إلى جانب تطوير الطريق الساحلي (الكورنيش) بطول 10 كيلومترات.
وتقول إنه جرى استخدام كميات هائلة من الذخائر، حيث تم إسقاط أو إطلاق ما بين 75 إلى 85 ألف طن من الذخائر بأنواعها المختلفة، بما في ذلك القنابل المحمولة جواً والأسلحة البرية.
ولا تزال، وفق المسودة، نحو 8 الآف طن من الذخائر غير المنفجرة منتشرة في أنحاء القطاع، وهو ما يعادل ما بين 32 إلى 40 ألف جسم غير منفجر، أي ما يقارب 10 في المئة من إجمالي الذخائر التي استُخدمت.
وتضيف بأن حجم الركام الناتج عن الدمار في غزة بلغ 50 مليون طن، ويتكون من الأسمنت والطوب والمعادن والأخشاب والبلاستيك والأسفلت.
إلى جانب ذلك، يحتوي الركام على 800 ألف طن من مادة الأسبستوس، وهي مادة ضارة تُستخدم في البناء، مما يزيد من المخاطر البيئية والصحية، حيث تُقدَّر تكلفة عمليات إزالة الأنقاض والتطهير بنحو 100 مليون دولار.
وتتضمن الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة مشروعاً لردم البحر بمساحة 14 كم²، ما يعادل 2 في المئة من مساحة القطاع، باستخدام الركام الموجود في غزة والرمال المستوردة من خارج القطاع.
تكشف مسودة الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة عن أن مصر والأردن سيعملان على تدريب عناصر الشرطة الفلسطينية تمهيداً لنشرها في القطاع، بهدف "تمكين السلطة الفلسطينية من العودة إلى قطاع غزة للقيام بمهامها في الحكم".
كما طرحت المسودة أن يقوم مجلس الأمن بدراسة فكرة الوجود الدولي في الأرض الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة)، بما في ذلك إمكانية إصدار قرار بنشر قوات حماية أو حفظ سلام دولية وفق مرجعيات واضحة، على أن يتم ذلك ضمن سياق متكامل وجدول زمني محدد لإقامة الدولة الفلسطينية وبناء قدراتها.
وتشير مسودة الخطة إلى "معضلة" متعلقة بـ"تعدد الجهات الفلسطينية الحاملة للسلاح"، لكنها تبين أنه "من الممكن التعامل معها، بل وإنهاؤها بشكل نهائي، في حال توفرت رؤية واضحة وعملية سياسية ذات مصداقية تعيد الحقوق إلى أصحابها".
وأكدت أن الحل السياسي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي يجب أن يستند إلى تنفيذ حل الدولتين، وأنه لا بديل عن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كحل نهائي يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.
ودعت مسودة الخطة إلى هدنة متوسطة المدى بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، تمتد لفترة زمنية محددة تشمل جميع المناطق الفلسطينية، باعتبارها مرحلة انتقالية يتم خلالها تنفيذ إجراءات لبناء الثقة بين الطرفين.