توالت ردود الفعل الرافضة لمرسوم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بإلغاء قوانين وأنظمة تتعلق بدفع مخصصات لعائلات الشهداء والأسرى في السجون الإسرائيلية.
وقضى المرسوم بإلغاء "المواد الواردة بالقوانين والنظم المتعلقة بنظام دفع المخصصات المالية لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى"، ونص على "نقل برنامج المساعدات النقدية المحوسب وقاعدة بياناته ومخصصاته المالية والمحلية والدولية من وزارة التنمية الاجتماعية إلى المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي".
وأعلن قدورة فارس رئيس هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين -وهي مؤسسة حكومية رسمية- رفضه مرسوم عباس، وطالبه بسحبه فورا.
وقال فارس -في مؤتمر صحفي- إن الهيئة تفاجأت أمس الاثنين بالمرسوم الرئاسي، مشيرا إلى أن "موضوعا بهذا الحجم كان يستدعي انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني لاتخاذ قرار بشأنه".
وأوضح رئيس هيئة شؤون الأسرى أن "نحو 35 إلى 40 ألف أسرة فلسطينية، داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها، ستتأثر بهذا المرسوم".
وأضاف فارس أن هيئة شؤون الأسرى ترفض المرسوم لأنه يمس شريحة واسعة من الشعب الفلسطيني ولا يمكن القبول به لما فيه تجاهل للبعد الوطني للقضية الفلسطينية.
وأوضح أن المؤسسة الوطنية للتمكين الاقتصادي -التي نقل إليها ملف الأسرى- مؤسسة أهلية، وهي سترسل طواقم للتأكد من صعوبة الحالة المادية لهذه العائلات قبل صرف 700 شيكل (نحو 195 دولارا)، واصفا هذا الأمر بغير المقبول.
كذلك، طالب رئيس حركة الدفاع عن الحريات حلمي الأعرج "بسحب هذا المرسوم وكأنه لم يكن، خاصة في وقته ومضمونه، والأسرى على أبواب الحرية".
من جانبها، أدانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المرسوم الرئاسي بإلغاء مخصصات عائلات الشهداء والجرحى والأسرى.
وقالت الجبهة إن "المرسوم الرئاسي خضوع لشروط الاحتلال وضغوط الإدارة الأميركية وانتهاك سافر للحقوق الوطنية".
وكانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد استنكرت -أمس الاثنين- قرار عباس بشأن عائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
واعتبرت الحركة -في بيان- القرار تخليا عن قضيتهم الوطنية، "في الوقت الذي يعمل شعبنا وقوى المقاومة على حفظ حقوق الشهداء وتحرير الأسرى، وتوفير حياة كريمة للمحررين".
وأكدت حماس أن هذا "التصرف غير وطني ويمثل انفضاضا عن أحد الثوابت الوطنية"، داعية السلطة الفلسطينية "للتراجع الفوري عنه، وعدم الرضوخ لضغوط الاحتلال الصهيوني والإدارة الأميركية".
وقالت الحركة "إن تحويل هذه الفئة الوطنية المجاهدة والتي قدمت أغلى ما تملك من أجل شعبنا وقضيته العادلة، إلى حالات اجتماعية أمرٌ مشين".
ويأتي المرسوم الرئاسي استجابة لطلب أميركي وضغوط إسرائيلية متكررة على السلطة الفلسطينية. فقد استخدمت إسرائيل هذه المستحقات المالية مرارا وتكرارا ذريعة لتجميد تسليم السلطة الفلسطينية رسوما تجبيها نيابة عنها.
ومنذ توليه منصبه، أقدم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أكثر من مرة على تجميد واقتطاع مئات ملايين الدولارات من أموال المقاصة، أي الإيرادات الضريبية والرسوم والجمارك المفروضة على السلع والبضائع المستوردة إلى الأراضي الفلسطينية عبر إسرائيل والمعابر والحدود، والتي تجبيها طواقم وزارة المالية الإسرائيلية، وفق اتفاقية أوسلو، بشكل شهري نيابة عن السلطة لتحويلها لوزارة المالية الفلسطينية.
وبررت الحكومة الإسرائيلية ذلك بأنها تريد منع السلطة من دفع مخصصات "الشهداء والجرحى والأسرى" الفلسطينيين، معتبرة هذه المخصصات "تمويلا ودعما للإرهاب".
وأمس الاثنين، نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول فلسطيني أن الرئيس عباس أصدر قرارا بإلغاء القوانين التي كانت تحول بموجبها المخصصات المالية لعائلات الأسرى والشهداء، في خطوة أبلغت بها السلطة الفلسطينية الإدارة الأميركية مسبقا.
من جهتها، ذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن السلطة الفلسطينية أبدت استعدادها لتغيير آلية دفع رواتب الأسرى، بحيث تستند إلى أوضاعهم المادية والاجتماعية.
وأشارت القناة إلى أن السلطة أبلغت الولايات المتحدة بأنها تأمل في أن توقف إسرائيل الاقتطاعات من أموال الضرائب المحولة إليها.
كما طلبت السلطة من الإدارة الأميركية إلغاء قانون "تايلور فورس" المسمى نسبة إلى جندي أميركي، خدم في العراق وأفغانستان، وقُتل في تل أبيب، جراء طعنة وجهها إليه شاب فلسطيني، في 2016، أثناء زيارته لإسرائيل.
وأصدر الكونغرس القانون في عام 2018 لمنع السلطة الفلسطينية من دفع إعانات لأفراد عائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين.
ويمنع القانون الحكومة الأميركية من تقديم المساعدات الاقتصادية التي من شأنها أن تفيد السلطة الفلسطينية بشكل مباشر حتى تتوقف عن تقديم هذه الإعانات.