دعت صحيفة واشنطن بوست الأميركية الولايات المتحدة إلى المساعدة في بناء سوريا الجديدة، قائلة إن الشرق الأوسط بحاجة لقصة نجاح متجسدة في بلد عربي تعددي وديمقراطي ملتزم بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى أن ذلك يعود بفوائد لأميركا وأوروبا والدول المجاورة.
وأضافت الصحيفة في افتتاحية لها أنه ومن خلال الدبلوماسية المنخرطة، يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في كتابة فصل تال أكثر إشراقا لهذا البلد "الذي يتمتع بموقع إستراتيجي، والذي طالت معاناته".
وأشارت إلى أن المعارضة المسلحة التي سيطرت على دمشق أعلنت أنها تريد دولة تعددية تسع الجميع، رغم أن خلفيتها تشير إلى غير ذلك.
واستمرت الصحيفة تقول إن الحياة مليئة بالمفاجآت، والحياة في الشرق الأوسط مليئة بالصدمات، مشيرة إلى عدم توقع العالم سقوط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد بهذه السرعة التي وصفتها بـ "المذهلة".
وقالت إنه بالنسبة للسوريين فقد انتهى أخيرا كابوس سوء حكم الأسد، لكن نشوة الإطاحة به يجب أن تخفف بالأسئلة حول ما يأتي بعد ذلك.
وأوردت أن الطريقة التي يتعامل بها زعيم المعارضة أحمد الشرع (الجولاني) مع الانتقال الفوري بعد الإطاحة بالأسد ستعطي أدلة على توجهات المعارضة.
وقالت إن على الشرع الالتزام علنا بدعم قرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي صدر في عام 2015، والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار، وإنشاء سلطة انتقالية تضم جميع الفصائل المتحاربة السورية باستثناء الجماعات "الإرهابية"، وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بعد 18 شهرا.
وأشارت إلى أن الاقتصاد السوري أصبح حطاما، ويحتاج إلى مساعدة دولية لإعادة البناء. وينبغي أن تتوقف تلك المساعدة على التزام الشرع بسورية شاملة وتعددية.
وفي معرض تناولها لكيفية الانتقال السلس للحكم في سوريا، قالت الصحيفة يجب ألا يكون هناك عقاب شامل ضد مسؤولي النظام القديم أو الجيش. فإذا عاد الأسد ومساعدوه الأكثر تواطؤا إلى البلاد مرة أخرى، فسيكون من المعقول تماما أن تحاسبهم الحكومة الجديدة على جرائم حكمهم الذي دام 24 عاما، لكن الجنود كانوا في الغالب مجندين، كما ستكون هناك حاجة إلى بعض موظفي الخدمة المدنية من النظام القديم لمساعدة مؤسسات الدولة الضرورية على الاستمرار في العمل.
وأضافت أن رئيس وزراء بشار الأسد السابق الذي لا يزال في منصبه عرض بالفعل غصن زيتون، قائلا: "نحن مستعدون للتعاون مع أي قيادة يختارها الشعب". ودعت الصحيفة الشرع وهيئة تحرير الشام إلى قبول العرض.
وعن المصالح الأميركية في سوريا التي تقتضي انخراط واشنطن، أشارت "واشنطن بوست"، إلى وجود نحو 900 جندي أميركي وعدد لم يكشف عنه من المتعاقدين العسكريين في شمال شرق البلاد قرب العراق ويقاتلون تنظيم الدولة الإسلامية ويدعمون القوات الكردية التي تقاتل نظام الأسد.
كذلك قالت إن نظام بشار الأسد كان يمتلك أسلحة كيميائية محظورة، استخدمها ضد المعارضين ومعظمهم من المدنيين، وإن تأمين هذا المخزون وإبعاده عن الأيدي الخطأ هو مصدر قلق بالغ للولايات المتحدة.
وعن المصالح الأوروبية والدول الأخرى، قالت إن الاضطرابات السورية خلقت أكبر أزمة لاجئين هناك، حيث يعيش ما يقرب من 6 ملايين نازح سوري في البلدان المجاورة وأوروبا، وتسببت هذه الأزمة في مشاكل سياسية لهذه البلدان.
وختمت الصحيفة افتتاحيتها بدعوة السياسيين الأوروبيين، الذين يتطلعون -قبل الأوان- إلى إعلان انتهاء الصراع السوري حتى يتمكنوا من إجبار اللاجئين على العودة إلى ديارهم، بألا يتصرفوا بسرعة كبيرة الآن حتى يتضح الوضع في سوريا.