رغم التراجعات المحدودة التي شهدها الذهب في نهاية الأسبوع فإن المعدن الأصفر يظل محط اهتمام عالمي مع تسجيله مستويات قياسية قاربت 4400 دولارا للأونصة.
وتأتي هذه التحركات وسط تصاعد التوتر التجاري بين واشنطن وبكين، واستمرار الإغلاق الحكومي الأميركي، وارتفاع الإقبال على الملاذات الآمنة بفعل تدهور الثقة بالأسواق المالية، وفقا لتقارير صحفية.
فماذا قال الخبراء للجزيرة نت عن أداء الذهب خلال الفترة المقبلة؟
يرى الرئيس التنفيذي للإستراتيجيات في شركة فورتريس للاستثمار مصطفى فهمي أن السوق تمر بما وصفها بـ"حركة تصحيحية طبيعية" عقب الارتفاعات الحادة التي سجلها الذهب في الأسبوع السابق.
وقال فهمي في تصريح خاص للجزيرة نت "الذهب سيمر بحركة تصحيحية نتيجة الارتفاعات الكبيرة التي حققها، وأعتقد أن المستويات بين 3900 و4 آلاف دولار للأونصة ستكون مناطق توقف مؤقت ما لم تطرأ مستجدات جوهرية".
ويضيف فهمي أن الاتجاه العام ما زال صاعدا على المديين المتوسط والطويل، مشيرا إلى أن "الذهب سيظل يحظى بطلب كبير -سواء من البنوك المركزية أو المؤسسات أو المستثمرين- لأسباب تحوطية أو للهروب من شبح التضخم وتآكل قيمة العملات الورقية".
أما عن التوقعات للأسبوع المقبل فأوضح فهمي في حديثه للجزيرة نت أن الذهب سيعاود الارتفاع بعد انتهاء الموجة التصحيحية الحالية.
وأشار إلى أن ما سيؤثر على حركة أسعار الذهب هو:
وقال فهمي "لا يمكن تحديد اليوم أو السعر الذي سيبدأ منه الارتفاع مجددا، لكن المؤكد أن الطلب سيستمر مدفوعا بالعوامل الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة، خصوصا ما يجري في الحرب الروسية الأوكرانية وما بين الولايات المتحدة وفنزويلا".
من جانبه، أوضح مدير الاستثمار في شركة الأهلي للوساطة المالية وليد فقهاء في تصريح خاص للجزيرة نت أن الصورة الفنية للذهب "ما زالت إيجابية رغم ارتفاع المخاطر".
وقال فقهاء "القراءة الفنية تشير إلى استمرار الزخم الصعودي، فقد وصل الذهب إلى مستويات قريبة من 4400 دولار للأونصة، قبل أن يرتد بنحو 130 دولارا ويغلق عند 4270 دولارا تقريبا".
وأضاف أن التقديرات الفنية للأسبوع المقبل تشير إلى أن "الذهب سيتحرك ضمن نطاق يتراوح بين 4100 و4300 دولار للأونصة في حال عدم ظهور مستجدات مؤثرة".
وأشار فقهاء إلى أن "التوترات الجيوسياسية والتصريحات المتبادلة بين الصين والولايات المتحدة ما زالت تضغط على معنويات المستثمرين"، متوقعا أن تبقى الأسعار "عند مستويات مرتفعة بالقرب من 4250 إلى 4300 دولار" بفعل استمرار الإغلاق الحكومي الأميركي وغياب حلول قريبة للأزمة.
وقال "أي قراءات ضعيفة للناتج المحلي الإجمالي في الصين أو قرارات تخص أسعار الفائدة يوم الاثنين ستؤثر مباشرة في معنويات المستثمرين العالميين وتزيد الطلب على الذهب كملاذ آمن".
بدوره، قال مدير الاستثمار في شركة أفينتيكوم لإدارة رأس المال طلال السمهوري للجزيرة نت إن الاتجاه العام للذهب يبقى صاعدا خلال 9 إلى 12 شهرا المقبلة، لكنه حذر من التنبؤ بأداء الذهب على المدى القصير أو الأسبوعي نظرا لكثرة المتغيرات العالمية.
وأضاف "الذهب سيبقى في مسار تصاعدي مدعوما بالعوامل الاقتصادية الكلية، لكن من الصعب التنبؤ بحركته الأسبوعية بسبب التغيرات السياسية والتجارية المتسارعة".
ووفقا لتقارير بلومبيرغ الأخيرة، فإن الذهب ارتفع بأكثر من 60% منذ بداية 2025 مدفوعا بموجة شراء قوية من البنوك المركزية وصناديق المؤشرات المدعومة بالسبائك، إضافة إلى التحول العالمي نحو الأصول الحقيقية في ظل تراجع الثقة بالنظام المالي وتذبذب العملات.
كما سجلت الفضة مكاسب قياسية تجاوزت 54.50 دولارا للأونصة، قبل أن تهبط بنسبة 6%، في أكبر تراجع لها منذ 6 أشهر.
ويشير محللو بلومبيرغ إلى أن "الذهب أصبح المؤشر النفسي للاقتصاد العالمي"، إذ يتفاعل مباشرة مع الرسوم الجمركية والتوترات الجيوسياسية ومعدلات الفائدة وأزمات الديون الحكومية.
وفي ما يتعلق بالنصائح الموجه للمستثمرين، أوضح المحلل مصطفى فهمي أن:
أما المحلل المالي وليد فقهاء فأوصى بـ:
وفي ضوء المؤشرات الحالية، يرى خبراء الاقتصاد أن الذهب سيبقى أداة التحوط الأولى عالميا في مواجهة موجات التضخم والاضطرابات التجارية والتوترات السياسية، حتى وإن شهدت الأسعار تصحيحات قصيرة المدى.
ويُجمع الخبراء الثلاثة الذين تحدثوا للجزيرة نت على أن الاتجاه العام لا يزال صاعدا، وأن الذهب سيظل محور الثقة المالية في عالم مضطرب، وأن أي هبوط قادم "هو فرصة للشراء لا للذعر".