آخر الأخبار

إسرائيل في مواجهة عزلة دولية ومقاطعة اقتصادية متصاعدة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

تشهد إسرائيل في ظل استمرار الحرب على غزة اتساعا غير مسبوق في دائرة العزلة الدولية، ليس فقط على المستوى الدبلوماسي بل أيضا في الاقتصاد والمجتمع. إذ من المتوقع أن تعلن عدة دول غربية في الأمم المتحدة خلال أيام اعترافها الرسمي بدولة فلسطينية، في خطوة قد تفتح الباب أمام موجة من الإجراءات الدبلوماسية والسياسية ضد تل أبيب .

ويواجه رجال الأعمال الإسرائيليون صعوبات متزايدة في إبرام صفقات تجارية، حيث يؤكد رئيس اتحاد الصناعيين أن المستوردين والمصدرين يواجهون "رفضا متزايدا للتعامل معهم"، في حين يحذر خبراء القانون الدولي من أن هذه التطورات ليست سوى بداية لموجة مقاطعة أوسع.

في داخل إسرائيل، تترافق الأزمات السياسية والأمنية مع مؤشرات خطيرة في الاقتصاد الزراعي، الذي ظل راكدا لسنوات طويلة، في وقت يشهد فيه مؤشر أسعار الفاكهة والخضروات ارتفاعا حادا، مما أدى إلى تراجع استهلاك الفرد.

وتشير التقديرات إلى أن أسعار المنتجات الزراعية الإسرائيلية كانت أعلى بنسبة 25% من الأسعار العالمية عام 2021، وهو فارق مرشح للاتساع مع ازدياد العزلة الدولية وتراجع القدرة على التصدير والاستيراد، وسط مخاوف من فقدان الاستقرار الاقتصادي.

تبدو المقاطعة التجارية والاقتصادية المتدرجة انعكاسا لمسار سياسي ودبلوماسي آخذ في التشدد ضد إسرائيل، مع انتقال تأثير الحرب من ساحات القتال إلى كل تفاصيل الحياة اليومية، بدءا من أسعار الغذاء وصولا إلى مستقبل العلاقات مع الغرب.

مصدر الصورة يواجه رجال الأعمال الإسرائيليون صعوبات متزايدة في إبرام صفقات تجارية بسبب اتساع رقعة المقاطعة (الجزيرة)

مقاطعة اقتصادية هادئة

ويحذر اقتصاديون من أن الفجوة بين ركود الإنتاج والنمو السكاني السريع، إلى جانب تأثير المقاطعة التجارية والاقتصادية المتدرجة، قد تفضي إلى أزمة غذائية داخلية حتمية، تتجاوز السلاح والقطاع العسكري لتضرب أساسيات الحياة اليومية للمواطن الإسرائيلي.

إعلان

ويجمع المحللون على أن الحصار الصامت لا يقل خطورة عن العقوبات الرسمية، فهو يتسلل عبر الأسواق، والاستثمارات، والعقود، والعلاقات التجارية، ليضعف تدريجيا مكانة إسرائيل الاقتصادية ويعمّق عزلتها السياسية. إنه حصار بلا إعلان، لكن تأثيره حاضر في كل صفقة مؤجلة وكل زيارة ملغاة وكل خط ائتمان مغلق.

وفرضت عدة دول أوروبية قيودا على إسرائيل وشخصيات سياسية بارزة، شملت حظر دخول الوزيرين سموتريتش وإيتمار بن غفير، وتقييد استيراد منتجات المستوطنات، ومراجعة الاتفاقيات التجارية، مع تعليق جزئي للاتفاقيات من قبل المفوضية الأوروبية .

وتعد هذه الدول حيوية للاقتصاد الإسرائيلي، إذ بلغ حجم التبادل التجاري مع فرنسا 3.9 مليارات دولار، ومع بريطانيا 3.9 مليارات، ومع بلجيكا 3.7 مليارات، بينما حققت إسرائيل نموا ملحوظا في التجارة مع كندا وأستراليا.

رفض التعامل مع المستوردين

وأوضح رئيس اتحاد أرباب الصناعة في إسرائيل، رون تومر، قلقه البالغ إزاء الوضع الحالي، قائلا: "الوضع ليس على ما يرام اليوم، خصوصا بالنسبة للشركات ولرجال الأعمال الذين يتعاملون مع أوروبا".

وأكد تومر لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أن حالات رفض التعامل مع المستوردين والمصدرين الإسرائيليين تصاعدت مؤخرا، مستشهدا بشركة إسرائيلية كبيرة استوردت مكونات من فرنسا، التي أبلغت الشركة بتوقف التعامل معها بسبب سياسة تحظر التعامل مع دول تنتهك حقوق الإنسان ، مؤكدة أن هذه ستكون آخر طلبية لها.

وأضاف رئيس اتحاد أرباب الصناعة في إسرائيل أن الشركات الأوروبية مستعدة لتحمل خسارة جزء من إيراداتها حفاظا على مبادئها.

وتوقف أحد مصدري منتجات التغليف الإسرائيليين عن تلقي طلبات من عميل أوروبي كبير كان يقدم طلبات كبيرة ومنتظمة، لكنه لم يطلب أي شيء منذ 4 أشهر، وعند استفسار الشركة الإسرائيلية، أجاب العميل قائلا: "شركتي لديها سياسة تمنع التعامل مع الدول التي تفعل ما تفعلونه. لن نعمل معكم بعد الآن".

في النهاية، يقول تومر: "لا أعلم مدى قربنا من مقاطعة أوروبية رسمية، لكن عندما يشاهد رجل أعمال بلجيكي أو مدير مشتريات هولندي على التلفزيون ما يحدث في غزة والأراضي الفلسطينية، فقد يرفض التعامل معنا.

ويضيف: "الجهات السياسية والدبلوماسية الإسرائيلية غير مدركة للوضع المتدهور، وكل عميل نفقده يستغرق سنوات للعثور على بديل له".

معاناة المستهلك الإسرائيلي

يواجه قطاع الزراعة الإسرائيلي تحديات متزايدة في ظل استمرار الحرب على غزة، إذ يعجز عن زيادة الإنتاج الزراعي لتلبية الطلب المتنامي على الفواكه والخضروات بين السكان.

واستقرت الأراضي الزراعية في إسرائيل عند 4.2 ملايين دونم، مع تركيز وزارة الزراعة على 1.5 مليون دونم مزروعة من دون ري، ويتوقع أن تحويلها للزراعة المروية يزيد الإنتاج بنسبة 55%.

ووفقا لرسم بياني نشرته الوزارة الإسرائيلية عام 2024 بعنوان "المحاصيل النباتية – تطور الكميات"، بلغ الإنتاج النباتي 4700 طن عام 2023، بزيادة طفيفة قدرها 4.4% على مدى السنوات الماضية، بينما ينمو عدد السكان بنسبة 2% سنويا، مما يعكس ركودا حقيقيا في الإنتاج مقارنة بالنمو السكاني.

إعلان

النتيجة، كما تشير المحررة ميراف أرلوزوروف في صحيفة "ذا ماركر"، "هي معاناة المستهلك الإسرائيلي"، فالأقوياء يدفعون المزيد للحصول على حاجتهم، بينما يضطر الضعفاء لتقليل استهلاكهم.

وتلفت أرلوزوروف إلى أن الاستنتاجات المهنية لوزارة الزراعة، التي تعتبر أي استيراد منافس تهديدا وجوديا للزراعة الإسرائيلية، لا تتطابق مع البيانات التي تنشرها الوزارة نفسها ويتحدث عنها الوزير آفي ديختر.

وأوضحت أرلوزوروف أن إنتاج الفواكه والخضروات في إسرائيل ظل راكدا لسنوات طويلة، واشتدت هذه المشكلة مع استمرار الحرب، وهو ما يزيد من مخاطر تعرض إسرائيل لمقاطعات تصديرية جديدة كما حدث مع تركيا عند اندلاع الحرب، وهو ما يشكل تهديدا وجوديا للزراعة و الأمن الغذائي في إسرائيل.

مصدر الصورة حملة المقاطعة الاقتصادية دعما لغزة اتسعت عربيا ودوليا (الجزيرة)

أثر مباشر على التجارة والأسعار

تتسع عزلة إسرائيل الدولية بفعل الحرب المستمرة في غزة والأزمة الإنسانية المتفاقمة، لتتحول من تصريحات سياسية إلى إجراءات اقتصادية عملية تشبه الحصار غير المعلن. إنه حصار صامت، بلا بيانات رسمية ولا عناوين بارزة، لكنه يترك آثارا ملموسة لا تقل خطورة عن أي عقوبات علنية، بحسب صحيفة "كلكاليست".

وذكرت الصحيفة أن تجنب التعامل مع الإسرائيليين، يعكس نمطا متزايدا سواء عبر عقود تجارية تؤجل، أو زيارات تُلغى، أو مراسلات تتجاهل، أو خطوط ائتمان لا تُعتمد. والنتيجة: صورة حصار اقتصادي غير معلن، لكنه ملموس في الأسواق والشركات.

يوضح الرئيس التنفيذي المشارك لشركة "إستيل"، يانير أسولين، أن المقاطعة الهادئة آخذة بالتصاعد، خصوصا مع الموردين الأوروبيين والدول المجاورة.

ووصف الأمر بأنه ملموس يوميا قائلا لصحيفة "كلكاليست": "هناك رسائل بلا رد، عقود لا تُجدّد، واتصالات تقطع. مثال صارخ كان مختبر "توماس بيل" البريطاني الذي رفض الاعتراف بشهادات المعايير الإسرائيلية لأسباب سياسية".

ويرى أسولين أن هذه الممارسات تسهم بشكل مباشر في ارتفاع الأسعار وتُضعف قدرة المستوردين على المنافسة، لافتا إلى أن النتيجة هي خسارة ثقة يصعب استعادتها، إذ باتت إسرائيل بالنسبة لعدد متزايد من الشركات "علامة غير مرغوبة".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار