في عرض الصحف اليوم، دعوةٌ تحث القارة الأفريقية على عدم انتظار المساعدات الخارجية والاتجاه نحو الاستثمار المحلي؛ وحماسٌ إسرائيلي لعدم تفويت فرصة تحسين العلاقات مع سوريا؛ وأخيراً تحذير من أن تحطيم نظام التجارة العالمية "لن يُسفر إلا عن فوضى".
ونبدأ جولتنا من صحيفة "الفاينانشال تايمز" البريطانية، ومقال للمهندس السوداني الإنجليزي محمد إبراهيم، صاحب مؤسسة "مو إبراهيم" الأفريقية غير الربحية.
في هذا المقال، يلفت رجل الأعمال الانتباه إلى أنه على مدار العقد الماضي، تعرّضت الميزانيات المرصودة للتنمية إلى ضغوط هائلة في ضوء الصراعات الدولية وضعف الاقتصاد العالمي.
لذا، يؤكد إبراهيم على أنه آن أوان الاستثمار داخل الحدود الإفريقية، لاسيما وأن المساعدات الخارجية المقدمة للقارة تمثل "نسبة ضئيلة" للغاية من دخل الدول الأفريقية، "ولم تكن لتكفي أبداً لتمويل تنمية أفريقيا".
وأشار المقال إلى مبادرة "أفريقيا 2063" التي أطلقها الاتحاد الأفريقي قبل أكثر من عقد، والتي كانت رؤيةً تمتد لخمسين عاماً لا تعتمد على المساعدات، "بل كانت رؤيةً لقوة عالمية ترسم مسارها الخاص".
ودعا المقال إلى الارتقاء في سلسلة القيمة الاقتصادية، وأن تتجاوز الدول الأفريقية مفهوم استخراج ثرواتها، لاسيما وأن القارة تضم 30 في المئة من احتياطات المعادن في العالم، ولدينا أصغر سكان العالم سناً، وإمكانات هائلة "غير مستغلة" في مجال الطاقة المتجددة.
وشدد إبراهيم على ضرورة تحسين الحوكمة لجذب الاستثمار، وأن يعطي المستثمر الأفريقي الأولوية لقارته، كي "تُترجم ثروة أفريقيا من الموارد الطبيعية إلى ثروة لمواطنيها، بدلاً من أن تزيد أرباح الشركات الأجنبية".
وضرب "مو إبراهيم" مثالاً بمؤسسته التي أولت الاهتمام للحوكمة الأفريقية، فأنشأت شركة سيلتل التي تعمل في عدة دول أفريقية، والتي يقول إنها أصبحت "أسرع شبكة للهاتف المحمول نمواً في العالم".
ولفت رجل الأعمال إلى الحاجة إلى تحسين تحصيل الضرائب، ووقف التدفقات المالية غير المشروعة الخارجة من القارة، بمساعدة حلفاء أفريقيا في الخارج، والتي لا تزال تُقدر بنحو 90 مليار دولار.
ننتقل إلى صحيفة يديعوت أحرونوت، ومقال يكشف عن وجود حوار سري يجري بين إسرائيل وسوريا على المستوى العسكري، بمبادرة من الإمارات.
وأوضحت الصحفية الإسرائيلية سمادار بيري في مقالها أن المحادثات تهدف في المقام الأول إلى مناقشة الأمور الأمنية، بالإضافة إلى التطبيع الاقتصادي، مع عدم إدراج التعاون الزراعي والتجاري على جدول الأعمال حتى الآن.
ويذكر المقال أن هناك أسباباً كثيرة "للشك" في شخص الزعيم السوري الجديد أحمد الشرع، بسبب تورطه في حركات "إرهابية" في الماضي، و"للشك" في مدى سيطرته على الوضع الداخلي مع إطلاق الصواريخ على مرتفعات الجولان من سوريا مؤخراً
ومع ذلك، فإن الشرع قدم "مبادرتين إيجابيين" لإسرائيل؛ أولاهما تسليم الوثائق الخاصة بالجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين الذي عمل في سوريا في الستينيات وأُعدم بعد أسره.
أما المبادرة الثانية فهي تصريحات الشرع في مقابلة مع مجلة "جويش كرونيكل" التي تتخذ من لندن مقرا لها؛ حيث تخلى عن استخدام عبارة "الكيان الصهيوني".
وقال الشرع في المقابلة إنه يأمل في إنشاء مجلس للتعاون الإقليمي، وأنه مستعد لحوار مفتوح مع إسرائيل في المستقبل.
ومن هنا، ترى بيري ضرورة عدم تضييع فرصة وجود "شريك راغب في الحوار في دمشق".
وعلى الرغم من تراجع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن احتمال تطبيع العلاقات، بحسب المقال، إلا أن إيران لا تزال "عدواً مشتركاً" للسعودية وسوريا وإسرائيل.
ونختتم جولتنا بمقال لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية كتبه إسوار براساد، أستاذ سياسات التجارة في كلية دايسون بجامعة كورنيل بنيويورك، وزميل مؤسسة بروكينغز البحثية.
يرى المقال أن طوفان الرسوم الجمركية الأمريكية، أحدث اضطراباً في النظام التجاري العالمي، وتسبب في تداعيات سلبية على الشركات والمستهلكين، تتجاوز التجارة بكثير، بما "يجعل العالم مكاناً أكثر فقراً وأشد خطورة".
فرفع الرسوم الجمركية أو التهديد المستمر بها، يُقوّض التجارة ويُضعف الروابط الاقتصادية التي تُرسّخ استقرار العلاقات الدولية ويقوض النظام الدولي برمته، بحسب براساد، الذي أضاف أنه مهما كان مصير رسوم ترامب الجمركية، فقد غيّرت مشهد التجارة العالمية بشكل دائم.
فالتجارة الدولية تشهد تحولات قد تُعمّق الخلافات الجيوسياسية، بعد أن كانت المصالح التجارية تحافظ على توازن العلاقات بين المتنافسين. وبالتالي، تحولت التجارة إلى "لعبة صفرية النتيجة"، حيث لا تكسب دولة إلا على حساب دولة أخرى.
وضرب أستاذ سياسات التجارة المثال بالولايات المتحدة والصين، حيث لن يكون الأخذ والعطاء في المسائل التجارية عنصراً من عناصر المفاوضات في الخلافات السياسية بينهما سواء بشأن بحر الصين الجنوبي أو بشأن تايوان.
كما تُدرك الدول متوسطة القوة، كالهند، أن حتى صداقتها مع الولايات المتحدة قد لا تحميها من الرسوم الجمركية، ما يجعلها أقل استعداداً للتحالف الكامل معها. فعلى الرغم من أن الحكومات هي التي تُحدد خياراتها السياسية، إلا أن المصالح التجارية هي التي تُحدد ما يحدث على أرض الواقع.
أما بالنسبة للشركات حول العالم، فإنها لم تعد قادرة على الاستفادة من انخفاض تكاليف العمالة في الخارج أو الكفاءة المكتسبة من استخدام المصانع القريبة من مصادر المواد الخام.
كما أن إعادة التصنيع إلى الدول الصديقة، لم يعد أمراً صالحاً؛ بسبب رسوم ترامب الجمركية، التي طُبقت على الأصدقاء والأعداء على حد سواء.
وبالتالي، باتت الشركات مجبرة على التركيز على مرونة سلاسل التوريد الخاصة بها بدلاً من الكفاءة.
ومن هنا، فإن تحطيم نظام التجارة العالمية القائم على القواعد، والذي كان للولايات المتحدة نفسها دورٌ كبير في تأسيسه، "لن يُسفر إلا عن فوضى"، بحسب المقال.
فمع وجود الرسوم الجمركية الأمريكية من جهة، والمخاوف من آلية التصدير الصينية من جهة أخرى، ومع قلة القواعد التي تضمن معاملة عادلة من شركائها التجاريين، ستتجه الدول نحو العمل منفردةً أو مع مجموعة صغيرة من جيرانها، ما يُفاقم عملية تفتيت التجارة.
أما بالنسبة للمستهلكين حول العالم، سيعني التراجع عن التجارة غير المقيّدة ارتفاع الأسعار، ما سيؤثر على تلاشي الطبقة المتوسطة في العديد من الدول منخفضة الدخل التي تسعى إلى التنمية من خلال التصنيع.
وحذر المقال من أن حرمان البلدان منخفضة الدخل من فرصة تنمية اقتصاداتها من خلال التجارة، قد يؤدي إلى موجة من هجرة القوى العاملة الشابة المتنامية، ما سيشكل ضغطاً على البلدان التي تستقبلهم.
كما أن التراجع عن التجارة الحرة سينعكس سلباً على المستهلكين حول العالم في صورة ارتفاع الأسعار وتضييق الخيارات، "ما يُثير احتمال الشعور باستياء سياسي في بلدانهم".