مع نهاية الحرب العالمية الثانية وبداية الحرب الباردة التي وضعت الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين بوجه الاتحاد السوفيتي، اتجهت أميركا ضمن التحالف الدولي للتدخل بالحرب الكورية التي اندلعت عقب اجتياح كوريا الشمالية لجارتها الجنوبية.
وبعد مضي بضع سنوات على نهاية الحرب الكورية بوقف إطلاق نار، باشر الأميركيون تدخلهم بشكل تدريجي في حرب فيتنام لمساندة فيتنام الجنوبية.
وفي منتصف الستينيات من القرن الماضي، تحول التدخل الأميركي في فيتنام لتدخل مباشر عقب إرسال مئات الآلاف من القوات الأميركية للمنطقة. واستمر التواجد الأميركي بفيتنام لسنوات، وعرف بداية نهايته على إثر توقيع اتفاقيات سلام باريس عام 1973.
إذ آمن المسؤولون الأميركيون، خلال الحرب الباردة، بنظرية "أحجار الدومينو"، وتحدثوا عن سهولة تحول جيران دولة ذات نظام شيوعي لدول شيوعية. ومع بداية حرب فيتنام، أرسلت الولايات المتحدة كميات كبيرة من العتاد لفيتنام الجنوبية، ووفرت لها دعماً اقتصادياً ولوجستياً. وبحلول العام 1964، تحدثت الولايات المتحدة عن استهداف إحدى سفنها من قبل فيتنام الشمالية بخليج تونكين (Tonkin).
في حين استغلت الولايات المتحدة هذه الحادثة، ودخلت بدعم من الرئيس ليندون جونسون (Lyndon B. Johnson)، بشكل مباشر في الحرب الفيتنامية.
وفي أواخر الستينيات، قدر عدد الجنود الأميركيين الذين خدموا بفيتنام بنحو 500 ألف جندي. وقد واجه هؤلاء الجنود الأميركيون قوات الـ"فيت كونغ" (Viet Cong) الذين تلقوا دعماً كبيراً من السكان المحليين.
لكن مع بداية السبعينيات، لم يكن الأميركيون متأكدين من انتصارهم بحرب فيتنام، لاسيما أن الحرب أدت إلى مقتل نحو 50 ألف عسكري أميركي، وإصابة عدد كبير آخر بمشاكل نفسية.
كما كلفت الحرب الخزانة الأميركية مبالغ طائلة وتسببت بظهور حركات احتجاجية واسعة بالشارع الأميركي للمطالبة بإنهاء الحرب وإعادة القوات.
فوعد ريتشارد نيكسون (Richard Nixon) خلال حملته الانتخابية عام 1968، بسحب القوات الأميركية من فيتنام ونقل مسألة الحرب للفيتناميين. وللوفاء بوعوده، أرسل نيكسون وزير خارجيته هنري كيسنجر للتفاوض حول اتفاقيات سلام قد تنهي الحرب وتسمح بخروج الأميركيين من فيتنام.
ثم في باريس عام 1968، افتتحت المفاوضات بين كل من الولايات المتحدة التي ترأس وفدها هنري كيسنجر، وجمهورية فيتنام الديمقراطية (فيتنام الشمالية)، التي مثلها حينها السياسي الثوري لي دوك تو (Lê Đức Thọ)، وجمهورية فيتنام (فيتنام الجنوبية) ممثلة بالسياسي نغويين فان تيو (Nguyễn Văn Thiệu) إضافة لممثلين عن الـ"فيت كونغ".
وخلال السنوات الأولى، لم تحقق المفاوضات أية نتيجة، حيث تشبث الجميع بمواقفهم ودافعوا عن مصالحهم. وعقب تكثيف الولايات المتحدة لعمليات القصف على فيتنام الشمالية، تراجع الشماليون عن عدد من مطالبهم، لتشهد بذلك المفاوضات سنة 1972 تقدما غير مسبوق مهد لبلوغ تسوية أولية.
وفي أواخر عام 1972، شنت الولايات المتحدة قصفاً مكثفاً على فيتنام الشمالية عرف لدى كثيرين بـ"قصف عيد الميلاد". وعقب هذه الأحداث، وقع الجميع يوم 27 يناير 1973 على اتفاقيات سلام باريس لإنهاء الحرب.
فيما تضمنت هذه الاتفاقيات في طياتها بنوداً نصت على وقف فوري لإطلاق النار، وانسحاب القوات الأميركية خلال شهرين، وتحرير جميع الأسرى، خاصة الأميركيين منهم، والاعتراف بوجود فيتنام شمالية وأخرى جنوبية، وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة بفيتنام الجنوبية بأسرع وقت. وبفضل هذه الاتفاقيات، تقاسم هنري كيسنجر ولي دوك تو جائزة نوبل للسلام للعام 1973.
وعقب الانسحاب الأميركي، تواصلت التوترات بالمنطقة. وخلال العام 1975، مالت الكفة لصالح فيتنام الشمالية التي سيطرت على سايغون (Saigon) خلال شهر أبريل 1975 ووحدت فيتنام.