كشف عالم مصريات فرنسي ما وصفها بسبع رسائل سرية في النقوش الهيروغليفية على المسلة المصرية -أو مسلة الأقصر- القابعة في ساحة الكونكورد بوسط العاصمة الفرنسية باريس، والتي يعود تاريخها إلى 3000 عام.
يذكر أن المسلة هي واحدة من مسلتين رغب نابليون بونابرت في اقتنائهما عام 1798 بعد غزوه مصر، وقد أهداها محمد علي باشا إلى فرنسا عام 1830. ونُصبت المسلة عام 1836 في الساحة التي كانت مقر المقصلة الرئيسية خلال الثورة الفرنسية.
وبحسب ما نقلته صحيفة "ذا تايمز" The Times ، فكّ جان غيوم أوليت-بيليتييه، المتخصص في علم التشفير الهيروغليفي بـ"جامعة السوربون"، رموز نقوش وصور على صخرة الغرانيت التي يبلغ ارتفاعها 22.5 متر، والتي يمكن قراءتها معاً كرسائل تُبرز قوة الملك رمسيس الثاني.
وقال الباحث إن إحدى هذه الرسائل، الموجودة على الواجهة الغربية، والمصممة خصيصاً ليراها الأرستقراطيون الذين يمرون على متن قوارب في نهر النيل، هي "رسالة دعائية حقيقية حول السيادة المطلقة لرمسيس".
واعتقد أوليت-بيليتييه، الباحث الثلاثيني، بوجود رسائل خفية في النقوش، وبدأ بفحصها بدقة في جولاته اليومية حول المسلة خلال فترة جائحة كورونا. وقد مكّنته السقالات التي وُضعت على النصب التذكاري أثناء أعمال التجديد قبل دورة الألعاب الأولمبية في باريس عام 2024 من دراسة أدلة حيوية قرب قمته.
وقال إنه من خلال تجميع العلامات والأشكال، اكتشف ألغازاً وتلاعباً بالألفاظ، مثل قراءة الرموز أفقياً بدلاً من الاتجاه الرأسي للنقوش الهيروغليفية. وقال في تصريحات إعلامية: "فهمت أن المسلة تحتوي على العديد من الرموز الهيروغليفية المشفرة"، مضيفاً: "لم يكن بإمكان سوى النبلاء المثقفين فهم الرسائل الخفية".
وكان الهدف من هذه الشفرة هو تعزيز الرسالة القائلة إن "رمسيس الثاني قد اختارته الآلهة، وإنه من سلالة إلهية، وإنه سليل مباشر للإلهين آمون رع وماعت"، بحسب تعبير الباحث الفرنسي.
وستُنشر نتائج أوليت-بيليتييه التي أوردتها وسائل الإعلام الفرنسية، بالتفصيل في مجلة "ENiM" (مصر النيل والبحر الأبيض المتوسط)، وهي مجلة فرنسية متخصصة في علم المصريات، مقرها مونبلييه.
يذكر أن تاريخ مسلة الأقصر يعود إلى نحو 1300 قبل الميلاد، وهي واحدة من مسلّتين نُحتتا في عهد رمسيس الثاني لتقفا على جانبَي بوابة معبد الأقصر، وتم نحتهما من قطعة واحدة من الغرانيت استُخرجت من أسوان، وجُلبت عبر النيل على متن زوارق.
أُهديت المسلة اليسرى أيضاً إلى فرنسا، لكنها لا تزال في مكانها الأصلي. وكان الحاكم العثماني ينوي إهداءها لبريطانيا، لكن دبلوماسياً فرنسياً أقنعه بتفضيل فرنسا.
وتم فك رموز اللغة الهيروغليفية المصرية في عشرينيات القرن التاسع عشر، على يد عالم المصريات جان فرنسوا شامبليون، أثناء عمله على فك رموز حجر رشيد الذي استولى عليه البريطانيون من الفرنسيين في مصر عام 1801 ونُقل إلى المتحف البريطاني عام 1802.