لا تزال قضية الأستاذ المنتحر نتيجة تعرّضه لحملة تنمر ومضايقات من طلابه تتفاعل في تونس، ولكن بعيدا عن الأسباب الظاهرية التي دفعته للانتحار، ما هي الأسباب الرئيسية لإقدامه على إنهاء حياته؟
وفي هذا السياق قال الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي في مصر، في لقاء خاص مع "العربية.نت" و"الحدث.نت" إن المدرس لابد أنه لديه تاريخا مرضيا، مشيرا إلى أنه كان يجب عرضه على طبيب نفسي وطبيب مخ وأعصاب لعمل رنين مغناطيسي على المخ لمعرفة المشكلة المرضيه لديه.
وأوضح فرويز أن تصرفات المدرس لم تكن طبيعية نتيجة إصابته العضوية ومشاكله النفسية منذ صغره، مؤكدا على ضرورة البحث عن تاريخه المرضي، لأنه من الوادر أن يكون قد تعرض للتنمر في صغره وعادت له تلك الذكريات السيئة عند الكبر.
كما أشار أستاذ الطب النفسي إلى "أن المدرس لم يتمكن من السيطرة على انفعالاته أمام طلابه، فمن الوارد أن يكون لديه إصابه عضوية في المخ وهي التي ساعدت على عدم تمكنه من السيطرة على انفعالاته بالرغم من وصوله لسن الخمسين".
وأضاف "أنه بعد ما فعله أمام الطلاب دخل في حالة اكتئاب شديدة من الممكن أن تكون سببا رئيسيا في انتحاره".
وأردف الطبيب النفسي أن مواقع التواصل الاجتماعي سبب رئيسي في تصعيد الأمر، وكان من الممكن أن نلحق المدرس قبل انتحاره، ولكن بعد نشر الفيديو ازداد الأمر تعقيدا وصعوبة".
وشدد فرويز على أن السوشيال ميديا أداة دمرت سلوكيتنا وكل شيء أصبح مكشوفا أمام العالم كله وتسببت في مشاكل اجتماعية كبيرة.
وتوفي المدرس، يوم الخميس الماضي، متأثّرا بحروقه البليغة التي أصيب بها، بعد أن عمد إلى إضرام النار في جسده مستخدماً مادة البنزين، على خلفية تدهور حالته النفسية جرّاء حملة تنمر استهدفته عبر"السوشيال ميديا".
ووثق مقطع فيديو ظهور التلاميذ وهم يلاحقون الأستاذ أمام المعهد وفي الطريق العام ويضايقونه ويشتمونه وعائلته، وعندما حاول ردّ الفعل لهم قاموا بتصويره، حيث ظهر وهو يركض وراء أحد التلاميذ ويرميه بالحجارة، في حين قام آخرون بتوثيق المشهد بهواتفهم النقالة، ثم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "آخر ما صدر.. أستاذ يركض وراء تلميذ بالحجارة".
وبعد تداول الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح الأستاذ موضعا للإساءة، حيث تعرّض لهجوم واسع وعدة انتقادات وحملة شيطنة واتهامات باستخدام العنف ضد التلاميذ، في حين قدمت والدة التلميذ شكوى ضده إلى القضاء تتهمه فيها بالاعتداء على ابنها بالحجارة، ليتم استدعاؤه للتحقيق، من دون أن يدافع عنه أحد.
الحادثة فجّرت موجة من ردود الفعل على حسابات النشطاء بـ"فيسبوك"، حيث وصفها البعض بالصادمة، وآخرون بـ"جريمة تؤشر على انهيار المنظومة التعليمية"، وسط تنديد المدرّسين وحسرتهم على النهاية المأساوية لزميلهم الذي كان سيحال على شرف المهنة قريبا، مطلقين صيحة فزع تجاه تزايد انتشار التنمر الإلكتروني لدى الأطفال والشباب.