عند اتخاذ قرار بشراء حاسوب محمول من أجل المدرسة أو الجامعة، غالبا ما يتجه الكثيرون نحو خيار "ماك بوك" (MacBook) من آبل باعتبارها أجهزة مميزة وأنيقة ومشهورة، ولكن قد تكون هناك أسباب معقولة تدفعك للتفكير قبل اتخاذ قرار، ورغم أن جهاز "ماك بوك" تراه عادة في المكتب والعمل، فإن اقتناءه في المدرسة والجامعة قد لا يكون الخيار الأكثر صحة، وذلك للعديد من الأسباب. سنذكر أبرزها.
من المرجح أن تواجه مشكلات تتعلق بالتوافق إذا قررت شراء "ماك بوك" أو حتى "آيباد" للدراسة الجامعية، وقبل الإقدام على الشراء من الضروري أن تراجع متطلبات مقرراتك الدراسية وتتعرف على نوع البرامج التي ستحتاج إليها، فالكثير من التخصصات -ولا سيما في مجالات الهندسة أو التصميم- لا تزال تعتمد على برامج قديمة أو حصرية لأنظمة ويندوز، ولا تعمل بكفاءة على نظام "ماك أو إس" (macOS).
وبعض الطلاب ينفقون ما يزيد على ألفي دولار لاقتناء جهاز "ماك بوك" من أجل دراسة التصميم، ليكتشفوا لاحقا أن برنامجا أساسيا مثل "سوليدووركس" (SolidWorks) لا يتوفر له إصدار مخصص لنظام "ماك أو إس"، وفي حال لجوئهم لحلول بديلة، قد ينتهي بهم الأمر بفشل كبير في منتصف الفصل الدراسي.
وقد يضطرون لتثبيت نسخة افتراضية من نظام "ويندوز" لتشغيل بعض التطبيقات، ورغم أن هذا يُعد حلا من الناحية التقنية ولكن ستكون تجربة مرهقة، ولأن أجهز "ماك بوك" المزودة بمعالج "آبل سيليكون" لا تدعم سوى نسخة "آرم" (ARM) من ويندوز عبر برامج المحاكاة الافتراضية، فإن العديد من التطبيقات لن تعمل إطلاقا.
وبالنسبة لأجهزة "آيباد"، فالوضع ليس أفضل بكثير، فرغم أن نظام "آيباد أو إس 26" (iPadOS 26) أضاف مزايا جديدة تجعله أقرب إلى الحواسيب المحمولة، فإن قيود التطبيقات ما زالت موجودة، فإذا كان استخدامك يقتصر على كتابة الأبحاث أو إعداد العروض التقديمية فسيكون "آيباد" كافيا، لكن في حال كان تخصصك يتطلب البرمجة أو استخدام أدوات تقنية متخصصة، فإنه سيصبح عقبة أكثر من كونه وسيلة مساعدة، وستقضي وقتا أطول في البحث عن حلول بديلة بدلا من إنجاز مهامك.
ومن المهم التأكد من البرامج التي يعتمد عليها تخصصك قبل شراء أي جهاز من آبل، وقد تتمكن من الاستمرار رغم هذه الصعوبات، ولكن بجهد يفوق بكثير ما كان ينبغي أن تبذله لو كنت تستخدم حاسوب من نوع آخر.
إذا قررت شراء جهاز "ماك بوك" فأنت مُلزم بالمواصفات التي اخترتها عند الشراء ولن تتمكن من الترقية لاحقا في العديد من إصدارات "ماك بوك"، حتى الترقيات البسيطة مثل ذاكرة الوصول العشوائي أو زيادة مساحة التخزين، إذ تستخدم آبل نوعا خاصا من الذاكرة يعرف باسم الذاكرة الموحدة (Unified Memory) وهي ملحومة مباشرة على اللوحة الأم، مما يجعل من المستحيل إضافة ذاكرة جديدة لاحقا، والأمر نفسه ينطبق على ذاكرة التخزين.
وإذا اشتريت جهاز "ماك بوك إير" (MacBook Air) بمعالج "إم 1" وذاكرة 8 غيغابايت الذي صدر عام 2021، قد تجد أن المعالج لا يزال يقدم نفس الأداء في عام 2025، ولكن محدودية الذاكرة ستشكل عائقا حقيقيا، ولن تستطيع تشغيل عدة تطبيقات في وقت واحد كما كنت تفعل في السابق وستصبح البرامج تتباطأ باستمرار، وبدل تركيب ذاكرة إضافية قد تضطر إلى شراء جهاز جديد بالكامل.
وكطالب ينبغي أن تفكر في جهاز يكفيك 5 سنوات على الأقل دون أن تحتاج إلى الترقية أو شراء جهاز جديد وتدفع الكثير من التكاليف.
رغم أن أجهزة "ماك بوك" تتميز بتصميمها المثالي وأدائها القوي، فإن هذه الميزات تأتي بسعر مرتفع، وهو ما يجعلها بعيدة عن متناول العديد من المستخدمين، خاصة أولئك الذين لديهم ميزانية محدودة، وغير أن الأجهزة غالية فإن الملحقات الإضافية باهظة الثمن أيضا، مثل الفأرة ولوحة مفاتيح "ماجيك"، كما أن تكاليف الإصلاح والترقية مبالغ فيها.
ومعظم الطرازات الأساسية تأتي بسعة تخزين 256 غيغابايت فقط، وإذا كنت ترغب في زيادتها إلى 512 غيغابايت، ستفرض آبل عليك 200 دولار، ولكن لو كنت تستخدم حاسوبا محمولا آخر فيمكنك شراء قرص "إس إس دي" (SSD) أسرع وبنفس سعة التخزين مقابل حوالي 50 دولارا.
والأمر نفسه ينطبق على الذاكرة الموحدة، حيث تطلب آبل 200 دولار إضافية للانتقال من 8 غيغابايت إلى 16 غيغابايت من ذاكرة الوصول العشوائي، على الرغم من أن التكلفة الفعلية للأجهزة أقل بكثير -غالبا حوالي 30 دولارا- وهذا أمر غير منطقي عندما يمكنك شراء 16 غيغابايت من ذاكرة الوصول العشوائي عالية الجودة لأجهزة الحاسوب الأخرى مقابل 50 دولارا، ورغم أن هذه الزيادات يصعب تبريرها، فإن آبل تعلم أن أمامك خيارين فقط إما أن تدفع الآن أو تستبدل الجهاز بالكامل بعد بضع سنوات.
وينطبق نفس مسار الترقية الباهظ على جهاز "آيباد"، لكن الوضع يزداد سوءا عند إضافة الملحقات، فإذا كنت طالبا تفكر في شراء "آيباد"، فمن المرجح أنك ستحتاج إلى قلم آبل ولوحة مفاتيح "ماجيك"، وبمجرد إضافة هذه الملحقات يتحول سعر "آيباد برو" الأساسي من 999 دولارا إلى 1427 دولارا.
تُعد صيانة أجهزة "ماك بوك" كابوسا حقيقيا للكثيرين بسبب تصميمها المدمج، إذ إن معظم المكونات الأساسية مثل التخزين والذاكرة وحتى المنافذ مدموجة على اللوحة الأم، وهذا يعني أن أي مشكلة صغيرة قد تجعل الجهاز بالكامل غير قابل للاستخدام.
وإذا تعطل قرص "إس إس دي" وأخذت الجهاز إلى خدمة آبل، فلن يقتصر الأمر على استبدال القرص فقط، بل سوف يستبدلون اللوحة الأم بالكامل والتي تشمل المعالج وبطاقة الرسومات والذاكرة وغيرها، وكلفة هذا النوع من الإصلاح قد تقترب من سعر جهاز جديد تماما.
وينطبق الأمر نفسه على باقي المكونات، فإذا توقفت لوحة المفاتيح عن العمل أو تعطل موصل الشاشة، فمن المحتمل أن يشمل الإصلاح استبدال أجزاء كبيرة من الجهاز بدلا من استبدال الجزء المعطل فقط.
وهذا الأمر يُعد مشكلة كبيرة بالنسبة للطلاب، فإذا تعطل جهازك أثناء فصل دراسي مزدحم، قد تضطر للبقاء بدون حاسوب لأيام، أو ما هو أسوأ، دفع مئات الدولارات لإعادته للعمل مجددا.
في مناقشة عامة على منصة "ريديت" طُرح سؤال "ما هي سلبيات شراء جهاز ماك بوك كطالب؟"، بهدف جمع رأي الطلاب عن أجهزة آبل في المرحلة الدراسية، وكانت الآراء متباينة حيث قال مستخدم يدعى سام لوكس آت "إذا كنت تريده للألعاب فهذا قرار سيئ، ولكن غير ذلك فهو خيار ممتاز، وهي ليست باهظة الثمن على المدى الطويل خاصة إصدار (إير) فهي تدوم طويلا وموثوقة جدا، ولكن الشيء الوحيد الذي يجب أن تكون على دراية به حقا هو أنها غير قابلة للترقية بأي حال من الأحوال".
وقال مستخدم آخر "هذه الأجهزة غالية ولا يمكن إصلاحها، وهي تابعة لشركة آبل مما يعني أنك ستضطر لاستخدام منتجات آبل مثل آيفون لنقل الملفات".
وانتقد مستخدم يدعى جيزبوي أجهزة "ماك بوك" بشدة، ويرى أن أكبر عيوبه في التكلفة المرتفعة، إذ إن إصلاحه باهظ الثمن بدون تأمين "آبل كير +"، كما أن آبل لا تسمح لشركات خارجية من إصلاح الحواسيب أو الحصول على قطع الغيار بشكل فردي، كما أن مراكز "جينيوس بار" (Genius Bar) غالبا تستبدل القطعة التالفة بدلا من إصلاحها، وهذا أحد الأسباب لارتفاع تكلفة الإصلاحات.
وذكر أن تكلفة الترقية مبالغ فيها، وبالنسبة للأنظمة الافتراضية فيمكنك تشغيلها عبر "بيراليلز" (Parallels) فقط، وهي ميزة مدفوعة، كما أنها تدعم فقط أنظمة "آرم" (ARM)، وليس x86 أو "آرم 64" (AMD_64)، وكتب جيزبوي في النهاية "اشتريت ماك بوك فقط لأن البرنامج الذي أستخدمه يتطلب نظام (ماك أو إس)، وإذا كان البرنامج الذي أحتاجه لا يتطلب جهاز ماك، فلا جدوى من شرائه".
ويقول مستخدم يدعى نغوني "يعتمد ذلك على تخصصك الدراسي، فإذا كنت تحتاج فقط إلى توزيعة (أوفيس) ومتصفح فأجهزة (ماك بوك) ممتازة، وفي حال كان لديك احتياجات برامج متخصصة فتأكد من توفرها قبل قرار الشراء، على سبيل المثال، إذا كنت متخصصا في تصميم الغرافيك فأجهزة (ماك بوك) ممتازة، أما إذا كنت متخصصا في الهندسة فربما لن تحتاجها كثيرا".