انعزل ملايين الإيرانيين عن العالم الخارجي بسبب انقطاع شبه كامل للإنترنت في طهران ومدن أخرى، في ما وصفه المسؤولون بأنها محاولة للحد من الهجمات الإلكترونية بعد أكثر من أسبوع من تبادل إطلاق الصواريخ مع إسرائيل.
وتعرضت البنوك ومحطات التلفزيون الإيرانية للاختراق منذ أن بدأت إسرائيل هجومها على إيران قبل أيام.
وتحجب طهران عادة العديد من المواقع الإلكترونية الخارجية، لكن نطاقًا أوسع بكثير من المواقع، بما في ذلك وسائل الإعلام المحلية، أصبح غير متاح هذا الأسبوع، بحسب تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية يوم السبت، اطلعت عليه "العربية Business".
وقالت منظمة نت بلوكس، التي تراقب الوصول إلى الإنترنت في جميع أنحاء العالم، إن "إيران فرضت انقطاعًا للإنترنت على مستوى البلاد" استمر لأكثر من يومين، مضيفة أن "الانقطاع المستمر... يؤثر على قدرة عامة الناس على البقاء على اتصال في وقت تُعد فيه الاتصالات حيوية".
وجاء هذا الانقطاع في الوقت الذي واجه فيه الإيرانيون ضربات صاروخية إسرائيلية واسعة النطاق لأول مرة، حيث استهدفت مبانٍ سكنية ومكاتب، إلى جانب مواقع عسكرية. واصطفت أعداد كبيرة من الناس لمغادرة العاصمة مع تصاعد الصراع، بينما اختار كثيرون آخرون البقاء.
وقال فرزان، 32 عامًا، وهو مقيم في طهران: "أنا معزول عن العالم الخارجي... لم يكن لديّ أي مال لعدة أيام لأن مصرفي تم اختراقه، مما تركني بدون (قدرة على استخدام) بطاقة خصم".
ولا يزال بإمكان الإيرانيين التواصل عبر الخطوط الأرضية والهواتف المحمولة. وواصلت قنوات التلفزيون الحكومية بثها، وكانت قنوات التلفزيون الفضائية المعارضة متاحة أيضًا. لكن بعض الإيرانيين في الشتات واجهوا صعوبة في التواصل مع أحبائهم وسط الهجوم الإسرائيلي المستمر.
وتلقت يغانه، وهي مقيمة في طهران، مكالمة هاتفية من صديق مذعور لها في تورنتو في وقت متأخر من يوم الأربعاء، يطلب منها الاتصال بوالديه في وسط المدينة، حيث وردت أنباء عن غارة إسرائيلية ضخمة.
وقالت: "كان قلقًا للغاية. كان الإنترنت مقطوعًا ووالداه لم يردا على هواتفهما طوال المساء".
أعرب البعض في طهران عن تعاطفهم مع هذه القيود بعد أن كشف الهجوم الإسرائيلي عن اختراق استخباراتي واسع النطاق لإيران، بما في ذلك من خلال التكنولوجيا.
وقال بهمن، البالغ من العمر 42 عامًا: "أتفق على صعوبة إدارة الأمور بدون الإنترنت"، مضيفًا: "لكن ما دام الهدف من قطع الإنترنت هو حماية أمننا، فعلينا تقبّله. إسرائيل تستخدم الإنترنت للتسلل إلى أنظمتنا، وتتبع الأفراد، وتحديد المواقع كأهداف لضربات الطائرات المسيرة".
وقالت وزارة الاتصالات الإيرانية، يوم الأربعاء، إن القيود المؤقتة على الوصول إلى الإنترنت تهدف إلى منع العدو من استخدام شبكة الاتصالات المحلية لـ "أغراض عسكرية، مما يُشكّل خطرًا على أرواح الناس وممتلكاتهم".
وأضافت أن الخدمات العامة والمنصات الإخبارية ستظل متاحة. لكن العديد من المواقع الإلكترونية، بما في ذلك وسائل الإعلام المحلية، لا تزال غير متاحة إلى حد كبير.
وطُلب من الإيرانيين المقيمين في الخارج يوم الجمعة استخدام منصات المراسلة المحلية، بما في ذلك "Bale" و"Rubika" و"Eitaa" و"Soroush"، للتواصل مع عائلاتهم.
ولطالما فرضت السلطات قيودًا على استخدام الإنترنت، لكن الإيرانيين استخدموا بسهولة الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN) لتجاوز هذه القيود.
ويوم الأربعاء، تعرضت قناة الأخبار التابعة للتلفزيون الرسمي لاختراق لفترة وجيزة، حيث ظهرت على شاشتها رسائل تدعو الناس للنزول إلى الشوارع. وبعد لحظات، أبلغت القناة المشاهدين أن "الرسالة غير ذات الصلة" على شاشاتهم كانت بسبب هجوم إلكتروني إسرائيلي.
وتسبب هجوم إلكتروني آخر يوم الثلاثاء في تعطيل خدمات بنكين كبيرين، هما "سبه" و" باسارغاد". وأعلنت قيادة الأمن الإلكتروني الإيرانية يوم الأربعاء أنها صدت هجومًا إلكترونيًا كبيرًا كان يستهدف الشبكة المصرفية.
ودعت المستخدمين إلى توخي الحذر عند استخدام المنصات والبرامج الأجنبية، محذرة من أن إسرائيل قد تتجسس على المواطنين من خلال جمع البيانات مثل الموقع والصوت والفيديو. وطلبت الشرطة الإلكترونية الإيرانية، "فتا"، من المواطنين عدم فتح "الروابط المشبوهة أو الخبيثة" المرسلة عبر الرسائل النصية أو تطبيقات المراسلة.
وأعلنت منصة "نوبيتكس"، إحدى أكبر منصات تداول العملات المشفرة في إيران، يوم الثلاثاء، تعرضها لاختراق وتوقف وصول جميع العملاء إلى خدمتها. ويوم الخميس، صرّحت المنصة بأن الهجوم كان أكبر مما كان متوقعًا في البداية، وأن التعافي الكامل سيستغرق حوالي خمسة أيام، نظرًا لمشكلات الإنترنت التي تُبطئ جهودها.
جاءت قيود الإنترنت بعد يوم واحد فقط من تصريح الشرطة الإلكترونية للجمهور بأن انقطاع الإنترنت ناجم عن هجمات إلكترونية، وأنه لا توجد خطط لتقييد الوصول.