شهدت الجزائر في تاريخها المعاصر عدة تحولات سياسية، اقتصادية، واجتماعية. فمن الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي إلى محاولة اللحاق بالحركة الصناعية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، تلتها الأزمة الاقتصادية التي تسببت في غلق عشرات المصانع، والتي نجم عنه انتفاضة 5 أكتوبر 1988 والأزمة الأمنية التي أطلق عليها "العشرية السوداء" (1991- 2001).
لتعود لاحقا البلاد إلى مسار سياسي آخر بإقرار مصالحة وطنية بين الأطراف المتنازعة.
فقد أرخت كل هذه الأحداث بظلالها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية، من ضمنها التوزيع السكاني.
إذ نزح كثيرون من الأرياف لأسباب أمنية واقتصادية والتحقوا بالمدن تاركين ديارهم مجبرين لا مخيرين.
كما هجرت مئات المنازل والقصور والمصانع وحتى هيئات وبنايات عمومية مثل الإدارات والمصالح الاستشفائية.
لكن بعد سنوات من هجرها، نسجت حول تلك البنايات عشرات القصص، عن أصحابها وسبب مغادرتها وحتى حول كائنات أخرى سكنتها وغيرها مما جاد به خيال السكان القريبين منها.
ولعل من أشهر البنايات التي لفها الغموض لسنوات، تلك التي صار يطلق عليها اسم "شاطو لافيجي" الواقع في ساحل العاصمة الجزائر.
فمن أشهر القصص التي راجت عن هذا القصر، أنه كان مدرسة خلال فترة الاستعمار الفرنسي، وأن تلميذة انتحرت داخل أروقته، بإلقاء نفسها في البحر الذي يطل عليه القصر. فتم حينها غلق المدرسة وتحويلها إلى ثكنة عسكرية فرنسية وبعد الاستقلال هجر كليا.
وبعد هجره بسنوات، أشيع أن الشياطين والجن تسكنه، وصار كثيرون يتفادون حتى المرور من أمامه، فضلا عن دخوله.
غير أن هذا لم يمنع أحد رجال الأعمال من شرائه وترميمه.
كذلك أحاطت بفيلا "القبة"، في العاصمة الجزائر، العديد من القصص أشهرها أن الجدة التي كانت تسكنها رفقة عائلتها كانت دائما تطبخ الخبز في الحديقة. لكن في إحدى المرات رأى الجد النار مشتعلة فيما كانت الجدة في البيت، ولما سألها نفت أنها طبخت الخبز، فخرجا معا، وتفاجآ بفتاة غريبة تطبخ الخبز، فهجرا المنزل.
ومن بين القصور أيضا، القصر المهجور بالهاشمية، الذي يقع على الطريق الوطني رقم 08 في الشطر الرابط بين الهاشمية والبويرة.
فقد تم بناؤه على الطراز الإسلامى المستوحى من الحرم المكي، في سنوات الأربعينيات من القرن الماضي من قبل صاحب المزرعة ولد علي حميمي.
ثم أمم المبنى من قبل المستعمر الفرنسي حتى الاستقلال، قبل أن يهجر نهائيا خلال العشرية السوداء. وأحاطت بالقصر كثير من القصص المنقولة بين سكان المنطقة، عن كونه مسكونا بالجن، ما جعل الكثيرين يتفادون دخوله.
كذلك، يوجد في منطقة الحمدانية بولاية المدية (86 كيلومترا جنوب العاصمة الجزائر)، مصنع للجبس تم تشييده في عشرينيات القرن الماضي، وكان مسيره ليون إلدين.
لكنه صار مهجورا بعدها، وقيل إن كائنات جنية احتلته. ولم يعد بالتالي يدخله إلا هواة الاستكشاف.
إلى ذلك، يعتبر مستشفى عين النسور المهجور بأعالي جبال زكار وبالضبط بين بلديتي عين التركي ومليانة بولاية عين الدفلى (163 كيلومترا جنوب غرب العاصمة الجزائر) الذي خصص لمرضى الربو، من الأبنية التي حيكت الكثير من الشائعات حولها.
فقد أسس سنة 1987، لكن بسبب الأزمة الأمنية تم إغلاقه سنة 1994. ومنذ 30 سنة، يعتقد سكان المنطقة والمناطق المجاورة بأنه أصبح منزلا للجن!