آخر الأخبار

لخريجي الشهادات الجامعية السابقين.. خطوات عملية تعيد تجهيزك لسوق العمل

شارك

في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها سوق العمل السعودي، برزت تساؤلات جوهرية حول مكانة الشهادة الأكاديمية، وأهمية المهارات، والمرونة المهنية، وقدرة الأفراد على مواكبة التغيرات. وفي هذا السياق، استعرض عدد من المختصين آراءهم حول واقع التوظيف، ومعايير الجاهزية، وأبرز التحديات التي تواجه الباحثين عن عمل.

الشهادة لم تعد العامل الحاسم

أوضح المستشار في نظام العمل والموارد البشرية رامي داغستاني أن الحديث عن أولوية الشهادة أو المهارة لا يمكن حصره بإجابة واحدة، إذ يختلف الأمر من شخص لآخر، ومن مرحلة عمرية إلى أخرى، ومن تخصص نادر إلى تخصص يعاني من التكدّس.





وبيّن أن الشهادة الأكاديمية كانت في السابق العامل الأساسي للتوظيف نتيجة ندرة المؤهلين، إلا أن هذا المفهوم تغيّر اليوم مع وفرة الكفاءات وتعدد مصادر التأهيل.

وأكد داغستاني أن الشهادة أصبحت حاليًا أحد عوامل التوظيف لا العامل الوحيد، مشيرًا إلى أنها قد ترجّح كفة المرشح عند تساوي الظروف، لكنها لا تضمن القبول بذاتها. ولفت إلى أن المرونة والقابلية للتغيّر باتتا من أهم معايير الجاهزية الوظيفية، موضحًا أن الشخص المرن أقرب للفرصة من الشخص المقيّد بتخصصه أو باستحقاق عالٍ لا يتماشى مع واقع السوق.

وأشار إلى أن سوق العمل يشهد موجات كبيرة من الكفاءات، سواء من المبتعثين أو أصحاب الخبرات المتراكمة، ما جعل بعض الشهادات أقل أهمية مقارنة بالسابق، في ظل توجه السوق إلى تخصصات جديدة ومستحدثة، خصوصًا في المجالات التقنية والصناعية المتقدمة.

ودعا داغستاني إلى عدم جعل الشهادة عائقًا مهنيًا من خلال التشدد في الاستحقاق الوظيفي، مؤكدًا أن الشهادة وسيلة لا غاية، مع أهمية مواصلة التعليم والدراسات العليا دون ربط الاستحقاق الوظيفي بتخصص جامد.

وحول الخريجين الذين لم يحصلوا على وظائف مطابقة لتخصصاتهم، فرّق بين فئتين:

الأولى تعمل في مجالات غير تخصصها وتواصل تطوير نفسها، وهؤلاء يرى أنهم يسيرون في الاتجاه الصحيح، بينما الفئة الثانية ما زالت تنتظر الوظيفة المطابقة دون أي تجربة عملية، معتبرًا أن الوقوف عند “الصفر” أخطر من القبول بوظيفة أقل تتيح النمو واكتساب الخبرة.

كما شدد على أهمية السعي وبناء العلاقات المهنية، معتبرًا أن العلاقات لا تعني “الواسطة” غير المستحقة، بل تعني السمعة المهنية، وتبادل الخبرات، وترك أثر طيب قد يفتح أبواب الفرص حتى بعد سنوات، مؤكدًا أن “واسطة الإنسان الحقيقية هي سعيه”.

المهارة تثبت... والأداء يقنع

من جهته، صرّح المختص بالموارد البشرية والتطوير صالح بن طارق الديري أن سوق العمل يشهد تحولًا واضحًا في معايير التوظيف، حيث لم تعد الشهادة الأكاديمية وحدها العامل الحاسم كما في السابق، بل أصبحت إثباتًا للخلفية التعليمية، بينما تتجه قرارات التوظيف اليوم بشكل أكبر نحو المهارات العملية القابلة للتطبيق.



وأوضح أن أصحاب العمل باتوا يركزون على ما يستطيع المتقدم إنجازه فعليًا داخل بيئة العمل، لا على مسماه الأكاديمي، مؤكدًا أن المعادلة الحالية تقوم على: شهادة تؤهّل، ومهارة تثبت، وأداء يقنع.

وحول تغيير المسار المهني، أشار الديري إلى أن هذا التوجه قد يواجه بعض التحديات، مثل نقص الخبرة أو النظرة التقليدية للتخصص، إلا أن هذه العوائق يمكن تجاوزها من خلال بناء سجل عملي عبر المشاريع، والمبادرات التطوعية، والدورات الاحترافية المعتمدة، إلى جانب بناء شبكة علاقات مهنية داخل القطاع المستهدف.

وأكد أن التخوف من العمل خارج التخصص لم يعد مبررًا في سوق العمل الحديث، حيث أصبحت الكفاءة والإنتاجية معيار الاعتراف الحقيقي، فيما تلعب الشهادات المهنية دورًا مهمًا في سد الفجوة بين الدراسة الأكاديمية واحتياجات الوظائف.

القدرة على التعلّم والتكيّف

بدوره، أكد عبود آل زاحم، عضو الجمعية السعودية للموارد البشرية، أن مفهوم “الموهبة” شهد تحولًا جذريًا مقارنة بالسنوات الماضية، حيث لم يعد مرتبطًا بالشهادة الجامعية أو المسمّى الوظيفي أو عدد سنوات الخبرة، بل أصبح يُقاس بالقدرة على التعلّم السريع، والتكيّف مع المتغيرات، وحل المشكلات في بيئات عمل متسارعة.



وأوضح أن سوق العمل الحديث يركّز بشكل أكبر على السلوك المهني، والمرونة الذهنية، والقدرة على إضافة قيمة حقيقية، مشيرًا إلى أن هناك فرقًا واضحًا بين تطوير المهارات بشكل عشوائي، وتطويرها وفق احتياج سوق العمل.

وحول اختيار المسار المهني بعيدًا عن التخصص الأكاديمي، أكد أن البداية تكون بفهم القدرات الشخصية، وخوض تجارب عملية قصيرة، وقراءة واعية لاحتياجات السوق، معتبرًا أن التخصص الجامعي قاعدة معرفية مهمة لكنه لا يحدد المسار النهائي.

واختتم آل زاحم بالتأكيد على أن التعلّم المستمر عنصر أساسي للبقاء والمنافسة، مقترحًا خطة عملية للخريجين المتأخرين عن العمل تقوم على إعادة بناء الهوية المهنية، واكتساب خبرة عملية، ثم دخول منظم وذكي إلى سوق العمل خلال فترة زمنية محددة.


الوطن المصدر: الوطن
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا