يؤكد الكاتب والمحلل السياسي عبدالرحمن الراشد، في مقاله بصحيفة "الشرق الأوسط"، أن الاعتقاد بأن زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن جاءت استجابة لمتغيرات المنطقة "مبالغة مفرطة"، موضحًا أن جوهرها يتمثل في "رفع العلاقة إلى مستوى جديد" عبر اتفاقية دفاعية استراتيجية جعلت السعودية حليفًا أعمق وأكثر تأثيرًا؛ فهي ليست تحالفًا عسكريًا عابرًا، بل "مشروع ردع استراتيجي طويل الأمد".
يوضح الراشد أن الاتفاقية الدفاعية لا تهدف إلى بناء جيش أو ردّ عدوان، بل "لمنع التفكير فيه"، مستشهدًا بحالة كوريا الجنوبية التي تعيش سلامًا منذ عام 1953 تحت مظلة اتفاقها الدفاعي مع الولايات المتحدة، رغم الحشود العسكرية الكورية الشمالية على حدودها.
ويشير إلى أن فلسفة الردع تمثّل الخيار الأنسب للمملكة ذات الحدود البرية والبحرية الواسعة، إذ تجعل أي تفكير عدواني "مكلفًا ومدمرًا" للمعتدي.
ويبيّن الراشد أن الاتفاقية لم تأتِ نتيجة أزمة أو تحت ضغط حروب، بل جاءت بعد أن أسس ولي العهد علاقة قوية مع الصين، وأنهى الخلاف مع طهران، ما يؤكد أنها بعيدة المدى وليست اتفاقية تنازلية. كما أنها غير موجهة ضد إيران أو الصين أو لصالح إسرائيل، والدليل أن "كل الأصوات المعارضة للاتفاقية والتسلح صدرت من إسرائيل".
يستعيد الراشد نماذج من التاريخ الحديث، منها دور العلاقة مع واشنطن في إنهاء احتلال الكويت، واستهداف بقيق الذي دفع نحو تأطير العلاقة عسكريًا، وصولًا إلى صفقة "F-35" والدبابات، التي تشبه في أثرها اتفاق الملك عبدالعزيز مع الرئيس الأمريكي روزفلت عام 1945.
وفي لحظة إعلامية لافتة مع الرئيس الأمريكي، أجاب ولي العهد عند سؤاله عن أفضل الرؤساء بالنسبة للسعودية قائلاً: "روزفلت وريغان... ونحن نعمل مع أي رئيس أميركي"، وهو تعليق يكشف عن رؤية سعودية تقوم على مأسسة العلاقة بعيدًا عن الأشخاص.
ويختتم الراشد مقاله بالتأكيد على أن الاتفاقية الدفاعية ليست تحالفًا عسكريًا عابرًا، بل "مشروع ردع استراتيجي طويل الأمد"، يجعل من السعودية مركزًا دوليًا للاستقرار والقوة والتأثير في معادلات الأمن الإقليمي والدولي.
المصدر:
سبق