تقف "الموائد الصخرية" شامخة فوق قواعد دقيقة، رسمتها الطبيعة عبر آلاف السنين، محافظةً على توازنها في مواجهة الرياح وتقلبات المناخ وعوامل التعرية، لتمنح المنطقة أحد أكثر مشاهدها الجيولوجية فرادةً وإبهارًا.
وبدأت حكاية هذه الموائد منذ عصور سحيقة، إذ يُعزى تشكّلها الفريد إلى عوامل التعرية التي أثّرت في كتل الصخور على مرّ السنين، بتعرّض قواعدها السفلية للنحت الشديد بفعل الرياح المحمّلة بحبيبات الرمل، في حين بقيت الأجزاء العلوية بمعزل عن هذا النحت، لعدم قدرة الرياح على حمل الرمال إلى ارتفاعات مختلفة، وهو ما منح هذه التكوينات شكلها الاستثنائي النادر وجمالها اللافت.
وتتجلى روعة هذه التكوينات في ارتباطها الوثيق بتاريخ المنطقة الجيولوجي، إذ تظهر الموائد الصخرية في سياق طبيعي يتناغم مع تعاقب التكوينات المختلفة في تبوك، وتتألف من وحدات جيولوجية تفصل بينها طبقات دقيقة، مانحةً المنطقة تنوّعًا بصريًا يعكس تعاقب الأزمنة والبيئات.
ولا تقف قيمة "الموائد الصخرية" عند جمالها الشكلي فحسب، بل تتجاوز ذلك إلى كونها سجلًا جيولوجيًا يكشف عن تفاعل عوامل الطبيعة عبر السنين، وعن دور الرياح والأمطار والتغيرات الحرارية في تشكيل سطح الأرض. ومع تنامي الاهتمام بالسياحة، أصبحت هذه الموائد إحدى علامات التميّز الطبيعي في المملكة بشكل عام، وفي منطقة تبوك بشكل خاص، وموقعًا يجذب عشّاق التأمل، لا لغرابته فقط، بل لانسجامه مع اتساع الصحراء وهدوئها.
المصدر:
سبق