آخر الأخبار

أتعاب محاماة في عقود التمويل.. جدل قانوني وشكاوى مستمرة

شارك
يشهد قطاع التمويل الاستهلاكي في المملكة جدلاً واسعًا حول قضية تحميل العملاء رسوم المحاماة ضمن عقود التقسيط، وهي ممارسة باتت مثار انتقاد وانتقاش قانوني متكرر، إثر تزايد الشكاوى من مستفيدين اعتبروا تلك الرسوم عبئًا إضافيًا غير مبرر، خصوصًا أنها تُفرض غالبًا دون توضيح كافٍ أو موافقة واعية من العميل.

وبينما تؤكد شركات التمويل أن هذه الرسوم تُفرض لحماية حقوقها وضمان تحصيل الديون، يرى العملاء أن الأمر يتجاوز جانب الحماية ليشكل استغلالًا لحاجتهم التمويلية.

«أتعاب» بدون علم


تقول نوال الحربي إنها قامت بأخذ تمويل من إحدى الشركات وإشعارات بالسداد وبعد تحويل ملفها إلى التنفيذ وجدت أن الشركة وضعت فاتورة لدفع أتعاب الشؤون القانونية «المحاماة»، وكان المبلغ أكثر من قيمة القرض ما دفعها لرفع دعوى منازعات لدي محكمة التنفيذ، وتم الحكم فقط بقيمة العقد وإسقاط الفاتورة المتعلقة بالمحامي. وطالبت الحربي من الجهات المعنية تتبع تلك الشركات ووضع غرامة أو مخالفة في حال تم تحميل العميل أتعاب المحاماة.

من جهته، أكد عبدالعزيز سالم أنه تأخر في السداد لقسط واحد فقط، ومن ثم وجد أن الشركة فرضت عليه رسوم تأخير، مشيرًا إلى أن هناك شركات تفرض رسوم تأخير وأتعاب محاماة في حالة تم رفع ملف العميل للتنفيذ، وقد تصل أحيانًا إلى نسب كبيرة مقارنة بمبلغ التمويل الأصلي. ويشير سالم إلى أنه لم يكن على دراية بهذه الرسوم لحظة توقيع العقود، حيث تُدرج ضمن بنود قانونية معقدة أو بصياغات عامة لا تُبرز القيمة المالية أو طريقة احتسابها.

مواطنون: عبء إضافي غير مبرر

أما أحمد الغامدي، أحد المتعاملين مع شركات التقسيط، فقال إنه فوجئ برسوم محاماة تجاوزت 6 آلاف ريال رغم أن أصل مبلغ التمويل لم يتجاوز 25 ألف ريال. ويضيف: «لم يتم إبلاغي بشكل واضح، وفوجئت بإشعار قانوني يتضمن مطالبات إضافية. لو كنت أعلم بهذه التكلفة لما أقدمت على التمويل من الأساس».

أما هدى السبيعي فتروي تجربتها مع إحدى شركات التقسيط، حيث تم تحميلها رسوم محاماة رغم أنها سددت معظم الدفعات ولم تتأخر إلا لأسباب وظروف صحية. وتقول: «شعرت بأن الرسوم عقوبة مضاعفة وليست تكاليف قانونية فعلية».

تنظيم واضح

من جانبهم، أكد محامون لـ«الوطن» أن تحميل العميل رسوم المحاماة دون شفافية صارمة يعد مخالفة لأحكام العدالة التعاقدية، إذ يفترض أن تكون أي تكلفة إضافية معلنة مسبقًا وبصياغة واضحة للزبون. ويشير المستشار القانوني نواف أحمد إلى أن كثيرًا من العقود تتضمن بنودًا عامة مثل اي مصاريف قانونية يتحملها العميل دون تحديد، ما يجعل الباب مفتوحًا أمام تقدير الشركات.

ويؤكد أن الأنظمة العدلية تعطي العميل حق الاعتراض إذا ثبت أن الرسوم مبالغ فيها أو غير حقيقية، لافتًا إلى أن أي شرط تعاقدي يحمل المستهلك أعباء غير عادلة أو غير متناسبة يمكن الطعن فيه نظاميًا.

الرسوم حماية لـ «حقوقنا»

في المقابل، تدافع شركات التمويل عن هذه الممارسة باعتبارها وسيلة لضمان الجدية في السداد وتقليل حالات التعثر التي تؤثر على استدامة الخدمات. ويشير أحد مسؤولي شركات التمويل – فضل عدم ذكر اسمه - إلى أن العميل يوقع على العقد وهو على علم تام بجميع البنود، مضيفًا أن الشركات تتحمل تكاليف قانونية فعلية عند رفع القضايا أو متابعة الملفات المتعثرة.

وأشار لا نفرض أي رسوم إلا بعد وصول الملف إلى مرحلة قانونية فعلية، وغالبًا ما تكون بديلة عن خسائر تأخير استرداد الأموال

دعوات لتشديد الرقابة

وفي هذا الملف، طالب اقتصاديون بضرورة تعزيز الرقابة على عقود التمويل، ووضع ضوابط أكثر صرامة لرسوم المحاماة بحيث تكون محددة وواضحة ومتناسبة مع حجم التمويل وواقع الإجراءات القانونية المتخذة. كما شددوا على أهمية توعية العملاء بقراءة العقود وتحديد بنود المسؤولية القانونية قبل التوقيع.

واضافوا مع تزايد الطلب على خدمات التمويل، يبقى التنظيم الواضح والشفافية الكاملة ركيزتين أساسيتين لضمان حقوق الطرفين ومنع أي تجاوزات قد تثقل كاهل المستفيدين وتؤثر على الثقة في قطاع التمويل الاستهلاكي.

تبرير الالتزام بالعقد

فيما يرى المحامي عاصم عبدالعزيز أن موضوع فرض رسوم التأخير على العملاء في عقود التمويل، وكذلك تحميلهم أتعاب المحاماة في حال إحالة الملف إلى محكمة التنفيذ، يُعد من الملفات القانونية التي تحتاج إلى ضبط وتوضيح تشريعي بما يحقق التوازن العادل بين حقوق الشركات ومصالح العملاء.

وأضاف أن فرض رسوم تأخير قد يكون مبررًا من زاوية التزام العميل بالعقد، وبهدف الحد من المماطلة في السداد وحماية الشركات من الخسائر، لكن ذلك يجب أن يخضع لرقابة وتنظيم واضح، بحيث تكون الرسوم محددة وضمن حدود معقولة، ولا يتم استغلالها أو رفعها بشكل يثقل كاهل العميل ويحولها إلى عبء غير مبرر. كما يشير إلى ضرورة عدم تجاوز تلك الرسوم ما تسمح به الأنظمة، وألا تتحول إلى ما يشبه الفوائد الربوية، التي تحظرها الأنظمة الشرعية والمالية في المملكة.

الأصل في التكاليف القضائية

أما فيما يتعلق بـتحميل العميل أتعاب المحامي عند إحالة الملف للتنفيذ، فيرى المحامي عاصم أن الأصل في التقاضي هو أن كل طرف يتحمل مصاريفه القانونية، إلا إذا حكمت المحكمة بخلاف ذلك.

ورغم أن شركات التمويل تحاجج بأن العميل المتعثر هو المتسبب، وبالتالي يتحمل التبعات القانونية، فإن إلزام العميل بأتعاب المحاماة دون حكم قضائي قد يُعد مخالفة، خصوصًا إذا لم يُنص على ذلك بوضوح في العقد، أو تجاوزت الرسوم حدود المعقول والمتعارف عليه. كما ينبه إلى أن كثيرًا من العملاء لا يدركون تفاصيل هذه البنود عند التوقيع، مما قد يُعد استغلالًا لضعف المعرفة القانونية لدى المستهلك.

وأشار إلى أن الأنظمة العدلية والمالية في السعودية تهدف إلى حماية التوازن في العلاقة التعاقدية ومنع أي ممارسات تعسفية، ولذلك يجب على شركات التمويل الالتزام بضوابط التمويل المسؤول، والشفافية، ووضع بنود واضحة ومفهومة حول أي رسوم إضافية، مع مراعاة حقوق المستهلك.

وقال إن الحل العادل يكمن في تنظيم تلك الرسوم قانونيًا ومراقبتها، والتأكد من أنها لا تستخدم كوسيلة ضغط أو عبء غير مبرر على العملاء، وفي الوقت نفسه تضمن حق الشركات في تحصيل ديونها دون الإضرار بطرف على حساب آخر. كما دعا العملاء إلى قراءة العقود جيداً قبل توقيعها، واستشارة مختص عند الحاجة، لتجنب الوقوع في التزامات مالية إضافية غير متوقعة.

البنك المركزي السعودي

وكان البنك المركزي السعودي قد وضع حدًا لفرض رسوم على العملاء عند الشراء بالآجل عن طريق إحدى الشركات سوى كانت الرسوم المستحقة للشركة أو المتاجر أو لطرف ثالث، وجاء ذلك ضمن قواعد تنظيم شركات الدفع الآجل الجديدة التي تم إقرارها أخيرًا لتنظيم القطاع.

وكشفت المادة العشرون من قواعد تنظيم شركات الدفاع الأجل ما يحضر على الشركات ومنها فرض رسوم على العميل ويشمل ذلك الرسوم المستحقة للشركة أو للمتاجر أو لطرف ثالث ويُستثنى من ذلك ما قد يفرض من غرامات تأخير أو رسوم تحصيل وفقًا لأحكام ضوابط وإجراءات التحصيل للعملاء الأفراد.

إجراء تنظيمي

وكشف محصّل في إحدى شركات التمويل – فضّل عدم ذكر اسمه – إن فرض رسوم على التأخير أو تحميل العميل أتعاب المحامي في حال إحالة الملف للتنفيذ يُعد إجراءً تنظيميًا يهدف إلى حماية حقوق الشركة والحد من التعثر المتعمد.

وأضاف هناك شريحة من العملاء للأسف لا تتجاوب إلا عند البدء بالإجراءات القانونية، والبعض يتعمّد التأخير رغم قدرته على السداد، وبالتالي تحميله أتعاب المحامي ورسوم الإجراءات يسهم في ردع هذا السلوك ويعزّز الالتزام وبيّن أن شركات التمويل تتحمل تكاليف قانونية وإدارية عند انتقال الملف من مرحلة المتابعة الودية إلى مرحلة التنفيذ القضائي، مشيرًا إلى أن هذه التكاليف ليست مجرد مبالغ إضافية، بل هي مقابل جهود حقيقية تبذل لاسترداد حقوق الشركة، وفي النهاية الهدف حماية القطاع المالي من الخسائر.

ومع ذلك، أكد المحصّل أهمية وجود ضوابط واضحة تحمي العميل غير القادر فعلاً على السداد مشيرًا ليس كل المتأخرين متلاعبين، بعضهم لديه ظرف صحي أو فقدان وظيفة أو أزمة مالية، وهنا يجب أن تكون هناك مرونة وتقييم دقيق للحالات قبل فرض أي رسوم إضافية.

وطالب بزيادة الوعي لدى العملاء حول التزاماتهم التعاقدية، مضيفًا الكثير يوقّع العقد دون قراءة البنود، ثم يتفاجأ بالرسوم أو الأتعاب، ومن الضروري أن يفهم العميل كل التفاصيل قبل توقيع عقد التمويل، وهذا يحفظ حق الجميع.

مطالبات بخصوص فرض رسوم المحاماة

- تعزيز الرقابة على عقود التمويل.

- وضع ضوابط أكثر صرامة لرسوم المحاماة.

- أهمية توعية العملاء بقراءة العقود وتحديد بنود المسؤولية القانونية قبل التوقيع.

- منع أي تجاوزات قد تثقل كاهل المستفيدين.

الوضع القانوني

- التزام شركات التمويل بضوابط التمويل المسؤول.

- الشفافية ووضع بنود واضحة ومفهومة حول أي رسوم إضافية.

- تنظيم الرسوم قانونيًا ومراقبتها.

- على العملاء قراءة العقود جيدًا قبل توقيعها واستشارة مختص عند الحاجة.

الوطن المصدر: الوطن
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا