في تقرير موسّع نشرته نشرة بتروليوم أرقس (Petroleum Argus) بعنوان «من اكتشاف حقل الدمام إلى الطاقة التي تدعم البيانات: مرحلةٌ تاريخية جديدة للطاقة في المملكة؟»، سلّطت الضوء على التحوّل الجوهري الذي تقوده المملكة العربية السعودية في قطاع الطاقة، واصفةً إياه بـ"لحظة 1938 الجديدة"، في إشارة إلى العام الذي شهد أول اكتشافٍ للنفط في حقل الدمام، معتبرةً أن المملكة تمضي اليوم نحو مرحلةٍ تاريخية تجمع بين كفاءة الإمدادات والطاقة المتجددة منخفضة التكلفة والهيدروجين النظيف، لتصبح مركزًا عالميًا للطاقة المستدامة والرقمية.
ويشير التقرير إلى أن هذا التحوّل يأتي بعد نحو عقدٍ من إطلاق رؤية السعودية 2030 التي قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لتنوّع الاقتصاد من خلال إصلاحاتٍ ومشروعاتٍ كبرى. ومع بروز اقتصادٍ عالمي جديد يعتمد على التقنيات كثيفة الاستهلاك للطاقة، تتهيأ المملكة لتكرار تجربتها التاريخية ولكن بملامح رقمية حديثة.
وخلال كلمته في النسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض، أكد وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن المملكة أصبحت اليوم "توفر الطاقة الأكثر كفاءة وموثوقية واستدامة على وجه الأرض"، داعيًا المستثمرين حول العالم إلى المشاركة في رحلتها القادمة.
وأوضح أن الطاقة الموثوقة والمستدامة تمثّل العمود الفقري للنمو الاقتصادي العالمي الجديد الذي تقوده قطاعات الذكاء الاصطناعي، ومراكز البيانات، والصناعات المتقدمة، مؤكدًا أن المملكة أسست هذه الموثوقية عبر نموذجٍ وطني متكامل لقطاع الكهرباء يعتمد على فكرة "المشتري الرئيس"، ما مكّنها من تحقيق أرقامٍ قياسية في خفض التكلفة وضمان الإمدادات.
وأضاف الوزير أن المملكة اشترت جميع التوربينات الغازية المزدوجة من شركتَي سيمنس وجنرال إلكتريك حتى عام 2028م، لتفادي أي اختناقاتٍ في سلاسل الإمداد.
وبحسب التقرير، تُعد مشروعات الطاقة الشمسية في المملكة، مثل مشروع الشعيبة (1.04 سنت لكل كيلوواط/ساعة) ومشروع نجران (1.09 سنت)، الأرخص عالميًا، فيما تسجل المملكة أقل أسعار الغاز على مستوى العالم (2.15 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية)، وتنافس الصين في كلفة تخزين البطاريات.
كما تستهدف المملكة رفع إنتاجها من الطاقة المتجددة إلى 64 جيجاواط بنهاية العام الجاري، مقارنة بـ 3 جيجاواط فقط في عام 2020م، وربطت بالفعل نحو 12.3 جيجاواط بالشبكة الوطنية التي يجري أتمتتها بنسبة 40٪ قبل عام 2026م.
ومن أبرز المشروعات الحديثة محطة الدوادمي لطاقة الرياح (1.33 سنت لكل كيلوواط/ساعة) التي يقود تنفيذها تحالف يضم كيبكو الكورية والاتحاد للماء والكهرباء الإماراتية، لتصبح الأرخص عالميًا في إنتاج الكهرباء من الرياح.
وأكد التقرير أن الغاز والطاقة المتجددة منخفضا التكلفة سيكونان الركيزة الأساسية لتوسع المملكة في إنتاج الهيدروجين النظيف والوقود الاصطناعي، مدعومَين بمشروعات احتجاز الكربون التي تقودها أرامكو، فيما تُدرس خيارات المفاعلات المعيارية الصغيرة ضمن الخطط النووية المستقبلية.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن المملكة تعيد صياغة مفهوم تحوّل الطاقة بوصفه فرصةً اقتصادية لا عبئًا بيئيًا، مستندةً إلى مسارٍ منخفض الكربون واسع النطاق ومرتفع الموثوقية، استعدادًا للمؤتمر العالمي للمناخ (COP30) في البرازيل، حيث تسعى إلى ترسيخ مكانتها كمزوّدٍ عالمي للطاقة المستدامة التي تدعم الاقتصاد الرقمي وتغذّي مستقبل البيانات في العالم.
المصدر:
سبق