سجلت المملكة تراجعًا ملحوظًا في وتيرة إسناد المشاريع خلال الربع الثالث من عام 2025، إذ انخفض إجمالي قيمة العقود المسندة بنسبة 34.8% على أساس سنوي، لتبلغ 28.1 مليار دولار أمريكي مقارنةً بـ43.1 مليار دولار أمريكي في الربع الثالث من عام 2024، وفق تقرير حديث صادر عن شركة كامكو إنفست.
وأدى هذا الانكماش الحاد إلى انخفاض مساهمة المملكة في إجمالي قيمة المشاريع الخليجية إلى 51.3% خلال الربع الثالث من العام الجاري، مقارنة بنسبة 57.4% في الفترة المماثلة من العام الماضي.
وأوضح التقرير أن الربع الثالث من العام شهد تباطؤًا عامًا في إسناد المشاريع العملاقة داخل المملكة، مما أثر سلبًا على الأداء الكلي للسوق، حيث تراجعت القيمة الإجمالية للعقود المسندة خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2025 إلى 61.5 مليار دولار، مقارنةً بـ116.6 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2024، أي بانخفاض يقارب النصف.
ورغم هذا التراجع، أكد التقرير أن الأداء الاقتصادي للمملكة جاء أفضل من المتوقع، حيث رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي إلى 3.5% مقارنة بـ3% في تقديراته السابقة، مستندًا في ذلك إلى زيادة متوقعة في الطلب على المشروعات الحكومية وتوجه تحالف «أوبك+» نحو التخلص التدريجي من تخفيضات إنتاج النفط خلال الفترة المقبلة.
قطاع الطاقة يتصدر المشهد
وبيّن التقرير أن قطاع الطاقة تصدّر القطاعات الأخرى من حيث قيمة العقود المسندة خلال الربع الثالث من عام 2025، رغم انخفاضها بنسبة 42.7% لتصل إلى 9.8 مليارات دولار مقابل 17.1 مليار دولار في الربع المماثل من العام السابق. وفي المقابل، لم يسجل قطاع الكيماويات أي عقود جديدة خلال هذه الفترة، مقارنة بـ187 مليون دولار تم ترسيتها في الربع الثالث من عام 2024، فيما شهد قطاع النفط انخفاضًا طفيفًا بنسبة 2.5% ليصل إلى 3.9 مليارات دولار مقابل 4 مليارات دولار في الفترة المماثلة من العام الماضي.
تراجع واسع في نشاط المشاريع الخليجية
وامتد أثر التباطؤ إلى باقي دول مجلس التعاون الخليجي، إذ تراجعت القيمة الإجمالية للعقود المسندة بنسبة 27% على أساس سنوي خلال الربع الثالث من عام 2025 لتبلغ 54.8 مليار دولار أمريكي، وهو ثاني أدنى مستوى خلال العشرة فصول الأخيرة، مقارنة بـ 75 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2024. وأوضح التقرير أن هذا التراجع يعكس تأثير الصراعات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وما نتج عنها من تراجع في شهية المستثمرين للمخاطر.
وأشار التقرير إلى أن أداء الأسواق الخليجية خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2025 كان ضعيفًا على نحو مماثل، حيث انخفض إجمالي قيمة العقود المسندة بنسبة 30.5% ليصل إلى 154.4 مليار دولار، مقابل 222.2 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من عام 2024. وسجلت أربع دول خليجية من أصل ست تراجعًا في أنشطة إسناد المشاريع، باستثناء قطر والكويت اللتين أظهرتا أداءً أكثر استقرارًا خلال الفترة ذاتها.
أداء القطاعات الرئيسية
على المستوى القطاعي، أظهر التقرير أن ستة من القطاعات الثمانية الرئيسية في دول الخليج سجلت انخفاضًا في قيمة العقود المسندة خلال الربع الثالث من عام 2025، وكان قطاع الإنشاءات الأكثر تضررًا بانخفاض نسبته 62.4% لتصل قيمة المشاريع إلى 11.1 مليار دولار، مقارنة بـ29.6 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2024. تلاه قطاع الطاقة بانخفاض نسبته 13.3% إلى 17.1 مليار دولار مقابل 20 مليار دولار في الفترة المماثلة من العام الماضي.
ورجّح التقرير أن استمرار التباطؤ يعود إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية في المشاريع الكبرى وارتفاع تكاليف الإنشاء والتحديات الهندسية التي تواجه بعض المخططات العملاقة، لا سيما مشروع نيوم، lما أدى إلى انخفاض القيمة الإجمالية للمشاريع العملاقة المسندة في المملكة والمنطقة ككل.
وأكد التقرير في ختامه أن هناك مخاوف متزايدة من أن تكون قيمة العقود المسندة في عام 2025 بأكمله أدنى من مستويات 2024، بعد عامين من الإنفاق القياسي الذي شهد استثمارات ضخمة في مشاريع النفط والغاز والبنية التحتية العملاقة، ضمن خطط التحول الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي.