في تطور لافت يعكس تصاعد التوترات داخل المؤسسة العسكرية في مالي، أقدم المجلس العسكري الحاكم على تسريح 11 ضابطًا من الجيش، بينهم جنرالان في الحرس الوطني، بتهمة "التآمر" و"محاولة زعزعة الاستقرار"، وسط مؤشرات على ارتباك داخلي في التعامل مع الأزمات المتزايدة شمال البلاد.
القرار، الذي يأتي في ظل عودة الجماعات المسلحة لبسط نفوذها في شمال مالي، فتح الباب للتساؤلات حول وحدة الجيش في مرحلة انتقالية تتسم بالحساسية والتحديات الأمنية المعقّدة، خاصة بعد مرور أكثر من أربع سنوات على تولي العقيد أسيمي غويتا السلطة عقب انقلاب 2020.
ويرى مراقبون أن تسريح هذا العدد الكبير من كبار الضباط دفعة واحدة يُعد سابقة في تاريخ مالي، ويكشف عن حالة من التخبط داخل صفوف الجيش، خصوصًا أن العديد منهم كانوا ضمن الحرس الوطني، الوحدة التي أنشأها وزير الدفاع ساديو كامارا، أحد أبرز أعضاء المجلس العسكري.
وفي هذا السياق، قال الباحث السياسي آداما با إن الاعتقالات "تؤكد استمرار التوترات داخل المؤسسة العسكرية، وأن تهم التآمر والزعزعة توحي بوجود حالة من الشك والارتياب داخل قيادة المجلس تجاه أي ضابط يحظى بثقة واسعة بين العسكريين".
وأضاف أن المجلس العسكري "يبدو وكأنه ينفّذ حملة تطهير داخلية تحذيرية لأي ضابط قد يُنظر إليه كمنافس محتمل أو طامح لإصلاح المؤسسة العسكرية من الداخل".
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه السلطات المالية توقيف ضابط استخبارات فرنسي في باماكو ضمن نفس ملف "المؤامرة"، وهو ما نفته باريس بشدة، مؤكدة أن لا علاقة لها بالأحداث الجارية، رغم استمرار التبادل الاستخباراتي بين البلدين حتى بعد إنهاء التعاون الأمني رسميًا.
وتعيش مالي أزمة أمنية حادة منذ عام 2012، حيث تسيطر جماعات متطرفة مرتبطة بالقاعدة وداعش على أجزاء من الشمال، ما فاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وزاد من الضغوط على الجيش والحكومة العسكرية في باماكو.