في ساعات متأخرة من الليل يعلو صوت الحفارات والمعدات الثقيلة في أحياء بجدة حين يواصل عمال الحفر أعمالهم حتى الفجر، ما أثار استياء الأهالي وتساؤلاتهم حول أسباب تنفيذ مثل هذه الأعمال في هذا التوقيت غير المعتاد.
أنظمة محددة
يقول ساكن في حي الصفا منصور طلال إنه تفاجأ بأصوات المعدات والآليات تعمل قرب منزله بعد منتصف الليل، مشيرا إلى أن الضجيج بات يسبب لهم الإزعاج ويؤثر على راحة كبار السن والأطفال. ويؤكد أن العمل الليلي بهذه الصورة يخرق السكون ويجعل النوم مستحيلًا، مطالبًا الجهات المعنية بمتابعة المشروعات والتأكد من التزام المقاول بالأنظمة المحددة لأوقات العمل داخل الأحياء السكنية.
تفادي الإزعاج
من جانبه، أوضح مصدر بأمانة جدة لـ"الوطن" أن بعض أعمال الحفر قد تُنفذ ليلًا في حال كانت تتعلق بمشروعات طارئة أو مرتبطة بالبنية التحتية، مثل صيانة خطوط المياه أو الكهرباء، مضيفًا أن على المقاولين الالتزام بالحصول على التصاريح اللازمة عند تنفيذ أي أعمال خارج أوقات الدوام الرسمية.
بينما يأمل الأهالي أن تُعاد جدولة هذه الأعمال إلى فترات النهار، حفاظًا على راحة السكان وتفاديًا للإزعاج، في وقت تتجه فيه البلديات إلى تشديد الرقابة على الأعمال الإنشائية داخل الأحياء السكنية، خصوصًا تلك التي تُنفذ في أوقات متأخرة.
جهات خدمية
أوضح عدد من المشرفين بشركات المقاولات أن العمل الليلي يتم أحيانًا بناءً على طلب الجهات الخدمية لتجنب تعطيل حركة المرور في ساعات النهار، خصوصًا في الشوارع الحيوية، وقال أحد المشرفين: نُضطر أحيانًا للعمل ليلاً لتسريع إنجاز المشروع، وهناك تصاريح رسمية بذلك، لكننا نحاول تقليل الإزعاج قدر الإمكان.
تلوث بيئي
من جهته، أشار الخبير البيئي الدكتور محمد سالم إلى أن الضوضاء الليلية تُعد من أشكال التلوث البيئي التي تؤثر سلبًا على الصحة النفسية والجسدية، مؤكدًا أن التعرض المستمر لأصوات مرتفعة أثناء النوم قد يسبب اضطرابات في ضغط الدم والتوتر العصبي وقلة التركيز.
وأضاف أن الأصوات العالية والمتكررة في ساعات الراحة تسبب اضطرابات في النوم وزيادة التوتر العصبي، ما قد يؤدي إلى مشكلات صحية طويلة المدى مثل ارتفاع ضغط الدم والإرهاق المزمن. ويشير إلى أهمية الالتزام بمواعيد العمل النهارية وتقليل الضوضاء قدر الإمكان.
الإحباط والقلق
يرى خبير نفسي أن التعرض المستمر للضوضاء يولد شعورًا بالإحباط والقلق لدى السكان، ويؤثر سلبًا على التركيز والأداء اليومي. ويوصي بتنظيم جداول العمل، بحيث تتجنب الأوقات الحرجة لسكان المناطق السكنية، واستخدام إشعارات مسبقة لتحضير السكان، بينما أكد خبير في إدارة المدن والبنية التحتية - فضل عدم ذكر اسمه - أن التنسيق بين شركات المياه والكهرباء والبلديات ضروري لتقليل الفوضى والارتباك الناتج عن أعمال الصيانة. ويقترح استخدام معدات حديثة تقلل من الضوضاء، والالتزام بخطط مسبقة للحفر تشمل إشعارات واضحة للسكان، ويشير إلى وجود قوانين ولوائح تنظم أوقات العمل في الأماكن العامة، ويشدد على ضرورة تطبيقها لضمان حقوق السكان في الراحة والأمان، ومخالفة هذه اللوائح قد يعرض الشركات المسؤولة لعقوبات وغرامات.