حلّ السفير عبدالله بن يحيى المعلمي، المندوب الدائم السابق للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة، ضيفًا على مسرح فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2025، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة خلال الفترة من 2 إلى 11 أكتوبر، في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بالرياض، وذلك ضمن جلسة حوارية بعنوان: «هل هي أمم متحدة؟» أدارها الإعلامي هادي بن حسن الفقيه.
وتناولت الجلسة كواليس العمل داخل أروقة الأمم المتحدة، وآليات صناعة القرار الدولي، والدور السعودي في صياغة المواقف داخل المنظمة، وسط حضور عدد من المهتمين بالعلاقات الدولية والدبلوماسية والباحثين في الشؤون السياسية.
واستهل "المعلمي" حديثه بالتأكيد على أن منظمة الأمم المتحدة ليست كتلةً واحدة متجانسة كما يظن البعض، بل تتأثر بتوازنات المصالح الدولية ونفوذ الدول الكبرى، موضحًا أن العمل داخل المنظمة يتطلب قراءة دقيقة للتوجهات السياسية للدول الأعضاء، وبناء تحالفات ذكية لضمان تمرير أو تعطيل القرارات وفقًا للمصلحة الوطنية.
وتطرق إلى طبيعة الدور السعودي في الأمم المتحدة، مبينًا أن المملكة دافعت باستمرار عن القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، إلى جانب إسهاماتها في دعم الأمن والسلم الدوليين، ومساندة الشعوب في أزماتها.
كما استعرض أبرز المواقف التي خاضتها الدبلوماسية السعودية في ملفات حساسة مثل الأزمة السورية واليمنية والمصرية، مؤكدًا أن المملكة كانت دائمًا منحازة للشعوب ومصلحة الاستقرار العربي.
وسلط "المعلمي" الضوء على جانب من تجربته الشخصية في العمل الدبلوماسي، مشيرًا إلى أن النجاح في أروقة الأمم المتحدة لا يتحقق فقط عبر الخطابات الرسمية، بل من خلال جهود تفاوضية دقيقة تُدار خلف الكواليس، تعتمد على الإقناع والمرونة وفهم موازين القوى.
وأوضح أنه استخدم الأدب والشعر العربي في خطبه لإضفاء بُعد إنساني وثقافي على المداولات السياسية، معتبرًا أن اللغة الرفيعة تمنح السياسة روحًا، وتعزز صوت العدالة في المحافل الدولية.
وأكد أن الدبلوماسية السعودية تقوم على مبادئ ثابتة واتساق في المواقف، إلى جانب التنسيق العربي المشترك، موضحًا أن المجموعة العربية تتبنى نهجًا موحدًا في القضايا المتفق عليها، وتتجنب تصدير الخلافات الداخلية إلى المنابر الدولية.
كما كشف عن جهود المملكة في تمكين المرأة دبلوماسيًا، مشيرًا إلى أن وزارة الخارجية أعدّت أول دفعة من الدبلوماسيات السعوديات عبر برامج تدريبية متقدمة في الرياض ونيويورك وجامعة كولومبيا، أسهمت في إعداد كوادر نسائية مشرّفة تمثل المملكة في مواقع دولية مؤثرة.
وفي حديثه عن واقع الأمم المتحدة ومستقبل النظام الدولي، أكد "المعلمي" أن الإصلاح ممكن، لكنه يتطلب إرادة سياسية جماعية ورؤية عادلة تضمن تمثيلًا متوازنًا لجميع الأطراف.
واختُتمت الجلسة بالتأكيد على أن المملكة ستظل ركيزة أساسية في منظومة العمل الدولي، منطلقة من رؤية توازن بين المبادئ والقيم والمصالح المشتركة، وأن رؤية المملكة 2030 تعزز حضورها الدبلوماسي العالمي عبر نهج قيمي وإنساني يُعلي من شأن الحوار والتعاون في خدمة السلام والتنمية.
يُذكر أن معرض الرياض الدولي للكتاب 2025 يُقام تحت شعار "الرياض تقرأ"، الذي أطلقته هيئة الأدب والنشر والترجمة بهدف تعزيز شغف القراءة والمعرفة، وتشجيع الثقافة والإبداع، وتوفير منصة للتفاعل مع المبدعين ودور النشر من مختلف أنحاء العالم.