لم يكن مساء التاسع من سبتمبر 2009 مجرد ليلة كروية عابرة في ذاكرة الجماهير السعودية..كان أشبه بمسرح درامي مكتمل الفصول، انتهى بمشهد صادم حُفر في وجدان كل مشجع للأخضر ؛ فحلم المونديال الذي اعتاد السعوديون رؤيته ، سقط على عتبة الوقت بدل الضائع، ليتحول الفرح إلى دموع، والأمل إلى خيبة، والرياض إلى صمت ثقيل.
دخل المنتخب السعودي التصفيات وهو يحمل إرثًا كبيرًا: أربع مشاركات متتالية في كأس العالم منذ 1994. الجماهير لم تشك لحظة في قدرة “الأخضر” على الوصول إلى جنوب أفريقيا .. في الدور الثالث اجتاز الفريق مجموعته بجدارة، متفوقًا على أوزبكستان ولبنان وسنغافورة، ليؤكد أنه لا يزال من كبار القارة.
لكن كل شيء تغيّر في الدور الرابع بعد أن وقعت السعودية في مجموعة صعبة إلى جانب كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية وإيران والإمارات ، مباريات متوترة، نتائج متذبذبة، ونقاط ضاعت في الطريق ، ومع النهاية، كان المركز الثالث هو المصير، وبداية قصة الملحق.
أمام البحرين، شعر السعوديون أن المهمة ممكنة ، الذهاب في المنامة انتهى سلبيًا، ليبقى الحسم في الرياض، على أرض الملك فهد الدولي . امتلأ إستاد الملك فهد الدولي بالآلاف ، والأمل يرفرف عالياً.
تقدّم ياسر القحطاني أولاً، لتنفجر المدرجات فرحًا ثم تعادل البحرين، لكن الأخضر لم يستسلم ، الدقيقة 91 حملت اللحظة المنتظرة : حمد المنتشري يسجل الهدف الثاني، والجماهير تحتفل وكأن التأهل أصبح واقعًا.
غير أن كرة القدم لا ترحم ، في الدقيقة الرابعة من الوقت بدل الضائع، أرسل البحريني إسماعيل عبد اللطيف كرة قاسية اخترقت شباك الحارس السعودي وليد عبدالله ، لتسقط معها كل الآمال ، صمتٌ مذهول، ثم دموع، ثم إدراك أن الطريق إلى المونديال قد أُغلق.
كان ذلك الخروج أكثر من مجرد خسارة مباراة؛ كان نهاية عقد كامل من الاستمرارية العالمية ، للمرة الأولى منذ مونديال 1990، يغيب المنتخب السعودي عن أكبر مسرح كروي في العالم. جيل بأكمله حمل على كتفيه الحلم، لكنه توقف فجأة في أسوأ لحظة ممكنة ، على الرغم من قوة التشكيلة التي تضم : الحارس وليد عبدالله ، حمد المنتشري ، عبدالله شهيل ، وليد عبدالله ، رضا تكر ، أسامة هوساوي ، سعود كريري ، أحمد وعبده عطيف ، تيسير الجاسم ، نواف التمياط ، مالك معاذ ، محمد نور ، حسن معاذ ، ناصر الشمراني ، ياسر القحطاني .
حتى اليوم، تظل تصفيات 2010 جرحًا مفتوحًا في ذاكرة الكرة السعودية ، لم تكن الخسارة أمام البحرين مجرد نتيجة، بل قصة درامية تروى عن ثوانٍ قليلة غيّرت التاريخ عن لحظة فرح تحوّلت إلى مرارة، وعن منتخب كان على بُعد خطوة من المونديال الخامس، لكنه تعثر قبل أن يعبر العتبة.
إنها كرة القدم في قسوتها… حين تسلبك الحلم في الثانية الأخيرة.