بين القبور يلهو ثلاثة أطفال بالرمل، فيما يحمل فتى حافي القدمين دلواً من الماء إلى خيمة مؤقتة، بعد أن اضطر نازحون فلسطينيون إلى نصب خيامهم داخل مقبرة في خان يونس جنوب قطاع غزة، بعدما تقطعت بهم السبل جراء القصف الإسرائيلي.
هذه المشاهد الصادمة نقلتها وكالة "فرانس برس"، مؤكدة أنها أصبحت واقعًا يوميًا لعدد من الأسر الفلسطينية التي لم تتمكن من العثور على مأوى آخر، فلجأت إلى الصحراء والمقابر هربًا من غلاء العقارات وارتفاع تكاليف السكن.
النازحة رندى مصلح قالت لـ"فرانس برس": "أقمنا هنا لأننا كنا مجبرين... أصحاب العقارات طلبوا مبالغ كبيرة، والإيجار قد يصل إلى ألف شيكل شهريًا، وهو مبلغ لا نقدر عليه". وأضافت أنها اضطرت للسير حتى تجد مكانًا لأولادها، مشيرة إلى أنها استقرت بخيمة داخل المقبرة لأنها المكان الوحيد المجاني.
ومع تكثيف الجيش الإسرائيلي هجومه داخل مدينة غزة، أعلن الخميس أن 700 ألف فلسطيني نزحوا جنوبًا. وفي السياق ذاته، أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن 388,400 شخص نزحوا منذ منتصف أغسطس، معظمهم من مدينة غزة.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة، ارتفعت تكاليف المواصلات والمأوى بشكل كبير، حيث دفعت بعض العائلات رسومًا تجاوزت 3000 دولار مقابل خيمة ومساحة أرض، ما أجبر آخرين على السير مسافات طويلة ونصب خيام في أماكن غير مهيأة للعيش.
وتقول مصلح: "لا يوجد ماء هنا، وأطفالي يقطعون أربعة كيلومترات للحصول عليه... نحن في الصحراء حيث الثعابين والعقارب، والقرب من القبور يزيد معاناتنا".
أما النازحة أم محمد أبو شهلة من بيت لاهيا، فقالت لـ"فرانس برس": "لم نجد مكانًا غير المقابر... نعيش مع الأموات، والحي أصبح كالميت، حتى الأطفال لم يعودوا يكترثون".