في خطاب لافت في إسطنبول، أطلق ريتشارد مور الرئيس المنتهية ولايته لوكالة الاستخبارات البريطانية، تحذيراً صريحاً اليوم (السبت) من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "قضم أكثر مما يستطيع مضغه"في غزوه لأوكرانيا"، وشدد مور على أن روسيا تواجه صعوبات جمة في تحقيق انتصار عسكري، معلناً عن حملة لتجنيد جواسيس داخل روسيا وحول العالم لمواجهة التهديدات الروسية، والخطاب، الذي ألقي في تركيا القريبة من أوكرانيا، يعكس استراتيجية بريطانية لتعزيز الأمن العالمي ودعم أوكرانيا ضد العدوان الروسي.
وأكد مور أن التقدم الروسي في ساحة المعركة ظل محدوداً ومكلفاً للغاية، حيث فشلت موسكو في تحقيق هدفها الأولي بالسيطرة السريعة على أوكرانيا، وأشار إلى أن الغزو تسبب في خسائر بشرية تجاوزت المليون، بما في ذلك ربع مليون من الجنود "ضعيفي التدريب" من أفقر مناطق روسيا، الذين وصفهم بأنهم "أُلقوا في مطحنة اللحم". هذه التكاليف الباهظة، وبحسب مور، تكشف هشاشة الاستراتيجية الروسية، وتعكس فشل بوتين في فرض روايته عن "نصر حتمي"، وهي رواية وصفها بالكاذبة، وفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
وكشف رئيس المخابرات البريطانية أن دعماً من دول مثل إيران والصين وكوريا الشمالية ساعد بوتين على تجنب انهيار داخلي أو التوصل إلى هدنة لا مفر منها، وهذا الدعم، وفقاً لمور، أطال أمد الصراع، لكنه لن يغير من واقع أن روسيا عالقة في مستنقع عسكري وسياسي، وأضاف أن استمرار المقاومة الأوكرانية، بدعم من حلفاء الغرب، سيضع بوتين أمام خيار صعب: إما المخاطرة بأزمة اقتصادية وسياسية تهدد حكمه، أو التفاوض على اتفاق معقول.
وفي خطوة جريئة، أعلن مور عن إطلاق منصة تواصل آمنة لتجنيد أفراد يرغبون في تقديم معلومات للمخابرات البريطانية، واختيار إسطنبول لإطلاق هذه المبادرة لم يكن عشوائياً، إذ تستقطب تركيا أعداداً كبيرة من الزوار الروس والإيرانيين، مما يجعلها مركزاً استراتيجياً لجذب المجندين، ووجه مور نداءً مباشراً إلى الروس الذين يرفضون "البوتينية"، داعياً إياهم للتعاون مع المخابرات البريطانية لإحلال السلام في أوروبا وحماية مصالح بلادهم على المدى الطويل.
وشدد مور على أن التخلي عن دعم أوكرانيا سيؤدي إلى تكاليف أمنية "باهظة للغاية" على المدى الطويل، وأشار إلى أن بعض الروس، مثل الناشط الراحل أليكسي نافالني، قاوموا بوتين علناً، بينما يعمل آخرون سراً مع المخابرات البريطانية، ووعد المجندين المحتملين بالحماية والأمان، مؤكداً أن تعاونهم سيسهم في استعادة شرف روسيا وإنهاء الصراع، فهل سيتمكن بوتين من تحمل الضغوط المتزايدة، أم أن نهايته السياسية باتت وشيكة؟