آخر الأخبار

قطاع الضيافة السعودي.. استثمارات كبرى تعزز مساهمته في الاقتصاد والتوطين وطموحات بتحويل المملكة إلى وجهة عالمية

شارك

يشهد قطاع الضيافة في المملكة العربية السعودية طفرة غير مسبوقة جعلته في طليعة القطاعات الاقتصادية الأكثر إسهامًا في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، حيث أصبح هذا القطاع رافدًا رئيسيًا في مسيرة التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط، وركيزة من ركائز التحول الوطني الطموح نحو اقتصاد أكثر استدامة وتنافسية.

فقد تمكنت المملكة خلال السنوات القليلة الماضية من وضع نفسها على الخريطة السياحية العالمية، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي وثروتها الثقافية والدينية والطبيعية، مدعومة باستثمارات ضخمة ومشروعات نوعية تعزز قدرتها على جذب الزوار والمستثمرين على حد سواء.

قفزات لافتة:

وتشير الأرقام إلى أن قطاع السياحة والضيافة حقق قفزات لافتة في فترة زمنية وجيزة، إذ بلغت مساهمة السياحة في عام 2023 نحو 444.3 مليار ريال سعودي في الناتج المحلي الإجمالي، ما يعادل 11.5% من الاقتصاد الوطني. كما سجّل القطاع خلال العام نفسه نحو 94 مليون زيارة سياحية، بزيادة بلغت 125% مقارنة بالسنوات السابقة، وفي 2024، سجل عدد الزوار نموًا ملحوظًا ليصل إلى 30 مليون زائر، مقارنة بـ27.4 مليون زائر في عام 2023.

يؤكد هذا ما حققه برنامج صيف السعودية 2025 من أرقام قياسية، حيث أعلنت وزارة السياحة أن عدد السياح المحليين والدوليين تجاوز 32 مليون سائح، بزيادة نسبتها 26% مقارنة بصيف 2024، في حين بلغ إنفاقهم نحو 53.2 مليار ريال سعودي، محققًا نموًا بنسبة 15%.

ويؤكد هذا الزخم المتسارع، المدعوم باستثمارات استراتيجية واسعة النطاق، التقدم نحو تحقيق المستهدفات الطموحة للمملكة، والوصول إلى 150 مليون زائر سنويًا بحلول عام 2030، من بينهم 80 مليونًا من السياحة الداخلية و70 مليونًا من السياحة الدولية، وهو ما يعكس التحول الكبير في مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية.

أما قطاع الضيافة خصوصًا والذي يشمل الإقامة وخدمات الإطعام، فوفقًا لبيانات شركة STR المتخصصة في تحليلات قطاع الضيافة، فقد بلغت إيرادات الغرف الفندقية في المملكة 5.6 مليار دولار أمريكي خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2024، مسجلةً زيادة بنسبة 3.5% مقارنة بعام 2023، وارتفاعًا بنسبة 26.5% مقارنة بعام 2019. وشهدت مدن الرياض والمدينة المنورة، نموًا ملحوظًا في معدلات الإشغال ومتوسط الأسعار اليومية خلال عام 2024، حيث ارتفع متوسط السعر اليومي في الرياض بنسبة 16% مقارنة بعام 2023، فيما سجلت المدينة المنورة زيادة بنسبة 5%، وسط توقعات بمواصلة هذا الاتجاه التصاعدي خلال العام الجاري وما بعده.

استثمارات ضخمة:

وعلى صعيد النمو المتوقع، فإن قيمة سوق الضيافة في المملكة بلغت 12.56 مليار دولار عام 2024، ومن المرجح أن ترتفع إلى 16.91 مليار دولار في عام 2029، بدعم من استراتيجية السياحة الوطنية والمشروعات العملاقة التي يجري تطويرها. ويظل قطاع الإقامة والفنادق أحد أبرز مكونات هذا النمو، حيث تستهدف المملكة إضافة 320 ألف غرفة فندقية جديدة بحلول عام 2030 باستثمارات تفوق 37.8 مليار دولار، مع تركيز ملحوظ على الفنادق الفاخرة والراقية التي تمثل اليوم 66% من إجمالي المعروض الفندقي ومن المتوقع أن ترتفع إلى 72% بما يعادل نحو 251 ألف غرفة بحلول 2030.

وتتصدر مدن مثل الرياض وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة واجهة هذه التوسعات، في حين تسهم المشروعات الكبرى مثل البحر الأحمر والقدية في إعادة رسم ملامح مشهد الضيافة على المستوى العالمي، مدعومة باستثمارات حكومية تتجاوز 550 مليار دولار تشمل تطوير البنية التحتية للمطارات والطرق وشبكات النقل وتعزيز الوجهات السياحية القائمة وإنشاء وجهات جديدة.

أسرع القطاعات نموًا:

وإلى جانب النمو الكمي، يبرز القطاع كأسرع القطاعات الاقتصادية السعودية نموًا والأكثر تحقيقًا لمستهدفات الرؤية بفضل مشروعات استراتيجية عملاقة مثل مشروع البحر الأحمر الذي يسعى إلى وضع المملكة في مصاف الوجهات الفاخرة للسياحة البيئية والساحلية، ومشروع القدية الذي يمثل عاصمة الترفيه والرياضة والفنون.

متطلبات التطوير وفرص النمو:

ورغم هذه الطفرة، فإن استدامة النمو مرهونة بجملة من المتطلبات الأساسية. فإلى جانب الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية والمشروعات السياحية، يظل توفير وتأهيل وتمكين الكوادر الوطنية أولوية قصوى، حيث تشير التقديرات إلى حاجة القطاع إلى مئات الآلاف من العاملين الجدد بحلول 2030، ما دفع المملكة إلى إطلاق مبادرات تعليمية وتدريبية مثل مدرسة الرياض للسياحة والضيافة لتزويد الشباب بالمهارات والمعرفة اللازمة. كما أن التشريعات المرنة مثل تسهيلات التأشيرات السياحية الإلكترونية وتأشيرة المرور التي تتيح الإقامة 96 ساعة أسهمت بالفعل في رفع معدلات الزيارة الدولية بشكل ملحوظ، الأمر الذي يعكس دور البيئة التشريعية في دعم تنافسية القطاع.

ويضاف إلى ذلك أهمية التسويق العالمي عبر استضافة أحداث دولية كبرى مثل سباق الفورمولا 1 في جدة، ومعرض إكسبو 2030، وكأس العالم 2034، حيث تسهم هذه الفعاليات في ترسيخ صورة المملكة كوجهة سياحية رائدة على مدار العام.

فرص واعدة واستثمارات استراتيجية:

وفي هذا السياق، يؤكد سلطان بدر العتيبي، الرئيس التنفيذي لشركة طيبة: "يمثل قطاع الضيافة في المملكة أحد أسرع القطاعات نموًا وأكثرها إسهامًا في تحقيق مستهدفات رؤية 2030، بفضل ما يحمله من فرص واعدة واستثمارات استراتيجية. هذا القطاع لا يقتصر على كونه رافدًا اقتصاديًا مهمًا، بل هو أيضًا واجهة حضارية وثقافية للمملكة.

وأضاف: "في طيبة، ننطلق من قناعة راسخة بأن نمو القطاع واستدامته مرهونة بالعمل على عدة مستويات متوازية، تبدأ من الاستثمار المكثف في البنية التحتية النوعية، مرورًا بتمكين الكوادر الوطنية وتأهيلها لتكون في صدارة المشهد، وصولًا إلى تبني أحدث التقنيات والحلول الرقمية التي تعزز كفاءة العمليات وتجربة الضيوف. كما نؤمن بأهمية وجود تشريعات مرنة قادرة على مواكبة التحولات المتسارعة في القطاع، إلى جانب جهود تسويقية عالمية تضع المملكة في صدارة الوجهات السياحية الأكثر جذبًا وتنافسية".

نظرة مستقبلية :

إن المسار الذي يمضي فيه قطاع الضيافة السعودي يعكس مزيجًا من الرؤية الاستراتيجية والاستثمار الطموح والتخطيط المتكامل، وهو ما يجعله في قلب عملية التحول الوطني ويؤهله ليكون محركًا اقتصاديًا رئيسيًا يسهم في تعزيز مكانة المملكة عالميًا. فبينما يواصل القطاع تحقيق معدلات نمو استثنائية مدعومة بمشروعات عملاقة وتبني أحدث التقنيات في إدارة وتطوير الفنادق والخدمات، فإن الفرص الواعدة أمامه تمتد لما بعد عام 2030، ليرسخ موقع المملكة كوجهة عالمية للضيافة والسياحة، وكأحد أبرز النماذج الدولية في كيفية تحويل الرؤى الاستراتيجية إلى واقع ملموس يسهم في دفع عجلة التنمية المستدامة.

سبق المصدر: سبق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا