طرح 4 مدونين من مدونة IDC الأوروبية الشهيرة، تقودهم لويزا باركر، مديرة أبحاث عضوة في المدونة، كيف تطورت السياحة السعودية خلال تجربة استمرت 9 أعوام، وذلك في وقت تسعى فيه المملكة إلى تحقيق طموحاتها في أن تصبح وجهة سياحية عالمية ذكية ومستدامة. وتشرح المدونة مقارنة بين واقع السياحة قبل 9 سنوات والحال التي وصلت إليها اليوم، وكيف أن السياحة السعودية قفزت بشكل مذهل وسريع للغاية، وبشكل غير متوقع.
كيف كانت السياحة السعودية؟
يقول المدونون: «قبل فترة وجيزة، سافرنا من أوروبا إلى المملكة عام 2015، على سبيل المثال، طُلب منا إعداد أكوام من الوثائق قبل أشهر. كما اضطررنا إلى زيارة مركز طلبات التأشيرات السعودي، الذي لم يكن موجودًا إلا في عدد قليل من المدن الأوروبية».
وأضافوا: «كان اجتياز إجراءات الجوازات في مطار الملك خالد الدولي يعني الوقوف في طابور ساعة على الأقل، وكانت أسرع طريقة للوصول إلى المدينة هي حجز سيارة مسبقًا، التي كانت تأتي دائمًا في شكل سيارة دفع رباعي مُستهلكة للوقود. وبعد الوصول إلى الرياض، كانت خيارات الترفيه محدودة».
العودة إلى السعودية مجددا
غادر الفريق المكون من أربعة أشخاص مجددا إلى السعودية بعد 9 سنوات، حيث ذهلوا تماما بالتحول الكبير في السعودية، إذ أصبحت إجراءات الهجرة وصعود الطائرة تتم في لمح البصر، وهذا يعكس استثمار قطاع الطيران السعودي في النمو، وتجربة العملاء، والتميز التشغيلي.
وأضافوا: «تتوافر وسائل النقل الخاصة للتنقل إلى الرياض، ومنها النقل العام. تزخر المدينة بالمتاحف والمسارح والحفلات الموسيقية والفعاليات الرياضية والمطاعم الحائزة نجوم ميشلان. ستستضيف، إلى جانب المدن الشريكة في جميع أنحاء المملكة، دورة الألعاب الآسيوية الشتوية 2029، بالإضافة إلى سباقات الفورمولا 1، والفورمولا إي، ورالي داكار، ومعرض إكسبو الدولي 2030، وكأس العالم لكرة القدم 2034».
كيف حدثت هذه التغيرات؟
السؤال الذي واجه الفريق هو كيفية حدوث هذه التغيرات في فترة وجيزة، فمن الواضح أن هذه التغييرات السريعة لم تأتِ صدفة، بل هي ثمرة رؤية طموحة، لتعزيز النسيج الاجتماعي في المملكة، وإرساء أسس اقتصاد متنوع، يُوظّف جميع مواهب ومساهمات سكانها.
رؤية جريئة - تنفيذ مستدام
تُمثل رؤية المملكة 2030 فصلا محوريا في تاريخ المملكة، إذ تُشير إلى تحول جذري نحو أهداف الانفتاح والتطور الثقافي والتنويع الاقتصادي. ويُعدّ السفر والسياحة والترفيه أولويات إستراتيجية في خارطة طريق التنويع الاقتصادي والإصلاح الاجتماعي هذه.
وتهدف إستراتيجية السياحة الرقمية إلى تعزيز إسهام السياحة في الناتج المحلي الإجمالي من 3 إلى 10 % بحلول عام 2030، وزيادة عدد الزوار الأجانب من نحو 60 مليونًا إلى 100 مليون سنويًا بحلول عام 2030، بينما الاستثمارات تؤتي ثمارها بالفعل.
ومنذ فتح أبوابها في عام 2019 أمام السياح الدوليين، أصبحت المملكة الوجهة السياحية الأسرع نموا في مجموعة العشرين.
الطموح يتجاوز السياحة
لكن الطموح يتجاوز مجرد نمو قطاع السياحة، فالمشاريع العملاقة مثل نيوم والدرعية والبحر الأحمر، بدعم من صندوق الاستثمارات العامة، تتطور ليس فقط لزيادة القدرة على استضافة سكان وزوار جدد وفعاليات عالمية، بل أيضًا لإعادة تصور جودة الحياة وتوقعات الجيل القادم من السياح فيما يتعلق بالتجارب الثقافية والتراثية والترفيهية والاستدامة البيئية والابتكار.
وبحلول عام 2030، تخطط المملكة لخفض انبعاثات الكربون الناتجة عن قطاع السياحة 50 %. وبالتوازي مع ذلك، تعمل على إنشاء محميات للحياة البرية، وتطوير مبادرات سياحية مستدامة تحمي الأنواع المهددة بالانقراض والمناظر الطبيعية. وتُعد المشاريع المخطط لها في مشروع البحر الأحمر مثالا على النهج البيئي التجديدي.
السياحة المستدامة.. مدعومة بالابتكار التكنولوجي
يُعدّ نهج الهيئة السعودية للسياحة المُركّز على المسافر وطموحها في تطوير تجارب مُخصّصة للزوار ميزةً رئيسيةً تُميّزها عن غيرها من الوجهات السياحية. فعلى سبيل المثال، يُمكن للزوار الذين يُشاركون اهتماماتهم وتفضيلاتهم الحصول على توصيات مُخصّصة خلال إقامتهم في المملكة. وبالنسبة للأحداث الرياضية العالمية، مثل الفورمولا إي، يُمكن للضيوف الاستمتاع بتجارب غامرة.
وتسهم التكنولوجيا الرقمية أيضًا في دعم التقليد الديني العريق للمملكة، المتمثل في استضافة الحج والعمرة سنويًا، من خلال مجموعة من التطبيقات المقدمة لتعزيز سلامة وتجربة ملايين الحجاج من جميع أنحاء العالم.
وتتضمن الخطط أيضًا بناء وتشغيل مرافق ترفيهية رقمية التصميم، وتستفيد من التوائم الرقمية والحلول المرتكزة على عالم ما بعد الحداثة. ويتطلب ذلك التعاون مع شركات التكنولوجيا القادرة على توفير بنية تحتية ومنصات رقمية متطورة، وإمكانات تجربة مستخدم متطورة، تتماشى مع أجندة المملكة للسياحة والترفيه المستدامين.