في قلب واشنطن العاصمة، خرج آلاف المتظاهرين في مسيرات حاشدة احتجاجًا على سيطرة الرئيس دونالد ترامب الفيدرالية على شرطة المدينة، في واحدة من أكبر المظاهرات ضد هذا التدخل، وتزامنت هذه الاحتجاجات مع الأسبوع الرابع من انتشار قوات الحرس الوطني والوكلاء الفيدراليين في واشنطن، معبرين عن رفضهم لما وصفوه بـ"احتلال" العاصمة، فلماذا تتصاعد هذه الاحتجاجات؟ وكيف تستجيب المدينة لهذا الواقع الجديد؟
نظمت مظاهرة "كلنا دي سي"، التي قادها نشطاء الحكم الذاتي والاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، مسيرة امتدت لأكثر من ميلين، بدءًا من حديقة ميريديان هيل إلى ساحة الحرية قرب البيت الأبيض، وحمل المتظاهرون لافتة حمراء كتب عليها "أنهوا احتلال دي سي" باللغتين الإنجليزية والإسبانية، معبرين عن غضبهم من استمرار القوات الفيدرالية في شوارع المدينة، ويُعد هذا الاحتجاج أقوى رد فعل حتى الآن على قرار ترامب الذي برره بمواجهة الجريمة والتشرد، رغم تأكيد مسؤولي المدينة انخفاض معدلات الجريمة العنيفة مقارنة بولايته الأولى، وفقًا لـ"أسوشيتد برس".
واستهدف ترامب واشنطن بعد نشر الحرس الوطني في لوس أنجلوس هذا الصيف، في إطار تصعيد سياساته لتطبيق قوانين الهجرة وقمع الاحتجاجات، ووفرت الطبيعة الخاضعة للعاصمة للحكومة الفيدرالية فرصة لترامب لتعزيز أجندته الصلبة ضد الجريمة، لكن وجود قوات عسكرية مسلحة أثار توترًا متصاعدًا، خاصة في الأحياء السكنية، حيث تستمر الاحتجاجات منذ أسابيع، ومع اقتراب انتهاء إعلان الطوارئ يوم الأربعاء، يتساءل السكان عن مصير مدينتهم.
وعبر مارك فيتزباتريك، دبلوماسي أمريكي سابق ومقيم في واشنطن منذ عقد، عن قلقه من "الطبيعة السلطوية" للتدخل الفيدرالي، معتبرًا أن وجود قوات الحرس الوطني "إهانة لديمقراطية المدينة"، وأشار إلى معاناة سكان العاصمة بسبب غياب التمثيل الفيدرالي، مما يجعلهم عرضة لسياسات "ديكتاتور طامح"، بدورها، وصفت تامي برايس، وهي ساكنة سابقة، تصرفات الإدارة بـ"الشريرة"، مؤكدة أنها لا تخدم مصالح الشعب.
وجون لي، فنانة طباعة من واشنطن، شاركت حاملة لافتة "دي سي حرة" صنعتها يدويًا، معبرة عن حزنها العميق إزاء تأثير التدخل على مدينتها، وقالت: "هذا موطني، لم أتخيل يومًا أن أعيش ما شاهدته في الأفلام الوثائقية، علينا أن نقاوم"، وتعكس كلماتها شعورًا متزايدًا بالإحباط بين السكان، الذين يرون في التدخل تهديدًا لحرياتهم.
وفي الوقت ذاته، جدد ترامب تهديداته بتوسيع التدخل الفيدرالي ليشمل شيكاغو، متجاهلاً بيانات تظهر انخفاضًا كبيرًا في الجرائم العنيفة هناك، حيث تراجعت القتل بنسبة 32% وحوادث إطلاق النار بنسبة 37%.
ورداً على ذلك، وصف حاكم إلينوي، جيه بي بريتزكر، ترامب بـ"الديكتاتور الطامح"، محذرًا من أن تهديداته تشكل خطرًا غير مسبوق. فهل ستشهد مدن أخرى مصير واشنطن؟